تنازل حزب الله للتيار الوطني يدفع باتجاه إثارة ملف لاسا

تتحرك ملفات الاراضي المتنازع عليها في جبيل بين الشيعة والموارنة، كل مدة زمنية، وتعاد لتقفل دون ان يُعمل على انهائها بشكل تام. فمن المستفيد من اثارة هذا الملف؟

قضية الاراضي المتنازع عليها في بلدة لاسا بقضاء جبيل عادت لتطفو على السطح ثانية، بما لهذه القضية من بُعد طائفي. وفي اتصال مع مصدر عليم، من منطقة جبيل، أكد لـ”جنوبية”، انه “طيلة الأزمان الماضيّة كانت علاقة الشيعة بجيرانهم المسيحيين جيدة جدا”.

إقرأ أيضا: جبيل للثنائي الشيعي: ما هكذا تورد الإبل يا سعد!

فـ”عندما يكون النائب السابق فارس سعيّد حريصا على املاك الكنيسة نتساءل لما لا يكون حريصا ايضا على اراضيها في ميفوق، وهي الواقعة في القضاء نفسه. فهناك نزاع بين ميفوق والكنيسة، لأن الكنيسة أجرت مسحا اختياريا، وهي التي تمتلك 12 مليون متر مربع، وتريد اعادة 600 ألف متر فقط. وتحاول ان تعمل تسوية مع الاهالي بشرط عدم بيع هذه الاراضي لأشخاص من خارج ميفوق”.

ويرى، المصدر الجبيليّ المطلّع، أن “داخل هذه الاراضي يوجد قبر لإحدى الشخصيات المهمة من آل حمادة. فلماذا يحرص فارس سعيّد على أهل لاسا، وليس حريصا على اهالي ميفوق. واعتقد ن أحدا لن يرد على مقولات سعيّد خاصة من قبل الاهالي. مع العلم ان بلدة عنّايا تقدمت على اهالي حجولا في النطاق العقاري”.

ويقول المصدر “المفتي يزور المنطقة باستمرار. والسؤال هو ما دور الفعاليات السياسية حيال هذه القضية. علما ان الموقف العونيّ متوازن، وكان النائب زياد حواط، وهو المتحالف مع القوات، قد صرّح بكلام طائفي، بخصوص العاقورة واليمونة، الا انه وعلى ما يبدو قد تراجع عنه، حيث خرج فيه عن حدود اللياقة السياسية”.

رغم محاولات “جنوبية” التواصل مع النائب فارس سعيّد للتعليق على بيان المفتي احمد قبلان بخصوص الاراضي المتنازع عليها في منطقة جبيل، الا ان المحاولات جميعها باءت بالفشل.

من جهة ثانية، أحد فعاليات بلدة لاسا الجبيلية، يؤكد لـ”جنوبية”، انه “لن نرمي كل شيء على حزب الله، لان الواقع يقول انه هناك نزاعا عقاريا منذ عقود، واليوم يقوم النائب السابق فارس سعيد بسبب بحثه عن الشعبوية بتحريك الملف، والجميع يعرف ان هذا ليس وجهه الحقيقي، ولا يمكن القول ان هناك مشكلة بين الكنيسة وأهالي لاسا. فمنذ 100 عام كان الاشكال ولا زال مع الجميع. ففي ثلاثينيات القرن الماضي قامت الكنيسة باجراء مسح اختياري، ولكن الاهالي تقدّموا بـ15 إعتراض، وربحوا القضية، وذلك قبل الحرب الأهلية في السبعينيات. والكنيسة أجرت مسحا من طرف واحد حيث استغلت فقر الناس والمجاعة. هذا كله لا علاقة له لا بحزب الله ولا بغيره، فعشية الحرب الأهلية استغلّت الكنيسة الاوضاع، وسجّلت الاراضي باسمها في جبيل، وإدعت ملكيّتها حيث تم التواطؤ مع اشخاص في الدوائر العقارية، كما يحصل اليوم في الجنوب من سرقة للمشاعات، لكن الفرق في جبيل ان للأراضي ملاك، وليست بمشاعات”.

ويتابع “ويقولون ان هناك اعتداء من أهالي لاسا على أراضي المطرانية، لذا ترفع دعاوى على أهالي لاسا. وهذا يحدث على مستوى جميع الاراضي الممسوحة، فهناك 15 دعوى ربحها الاهالي ضد الكنيسة، ومن بينهم 8 عائلات مسيحية. وتم وضع يد المطرانية حينها على اراضيهم بسبب السيطرة القواتية والكتائبية على المنطقة”.

ويتساءل أحد فعاليات بلدة لاسا الجبيلية “لماذا تم تحريك الملف الان، وما الهدف من تحريكه بُعيد الانتخابات، حيث تحرّك النائب مصطفى الحسيني من أجل اعادة فتح الملف وتحقيق الخرق فيه. انهم يحملون المسألة كقميص عثمان، خاصة في ظل العهد الحالي، والجو الضاغط حيث يحاولون ان يمشوا به كما فعلوا مع بلدة “أمهز” التي هجروا اهلها. والدليل الاكثر تعبيرا هو وجود المدافن الشيعية فيها، كما غيّروا اسمها لتصبح “قهمز”.

ويلفت الى انهم “لن يتمكنوا من ان يعيدوا تجربة الحرب الاهلية مع اهالي لاسا، لان الحرب انتهت. وما حدث ان العقل اللبناني لا يستوعب القويّ، وهم يريدوننا ضعفاء ليقبلوا بنا في جبيل. وما زاد الطين بلة هو محاولة استخدام الشيعة في جبيل عبر حزب الله”.

فـ”فارس سعيّد انزعج من حضور الشيعة في جبيل، والكنيسة أخذت اراضينا، لكنهم لا يعلمون ان الاوراق الثبوتية لديهم باتت غير موجودة التي جاءت نتيجة المسح الاختياري. فِأحد اهم رموز الكنيسة المارونية الذي لعب على ورقة تهجير الشيعة، هو من كشف ان الاوراق مزوّرة، فتم تسفيره الى روما. وبخصوص بيان الشيخ احمد قبلان قال أحد فعاليات بلدة لاسا الجبيلية، ان”بيان الشيخ احمد قبلان ليس سوى بيان رفع عتب، لان الملف سيُوقع دما، وحزب الله لن يدخل فيه”.

ختم المصدر الخبير من لاسا، بالقول “لن يتمكن حزب الله من حلّ المسألة، رغم تحالفه مع التيار الوطني الحر، لانه تحالف غير متكافىء بسبب تسليمهم للتيار كل الامور السياسية الداخلية، مقابل اطلاق يد الحزب بالامور الخارجية. خاصة ان شيعة جبيل ليسوا كشيعة البقاع او الحنوب. والثنائي الشيعي لا يضع في حسبانه شيعة جبيل اطلاقا، لان قوتنا الانتخابية ليست حرزانة بالنسبة إليه، والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى لن يحل المسألة، فالمفتي يقف في الوسط بين أمل وحزب الله. وفارس سعيّد بات شخصا شعبويا، ومشكلته ان البطاركة الموارنة يعيدون له حسّه المناطقي، حيث انه انتقل من الصراع الاقليمي الى زواريب لاسا. فمع مرور الزمن سيؤدي الأمر الى خسارة  البطريركية للارض أكثر فأكثر. لذا يجب تأخير البت بالملف للسنوات القادمة، فسعيّد لن يكسب، والكنيسة أخذت الاراضي بهذ الطريقة أي عبر عقد ايجار طويل الأمد، وهم كانوا يثبتون ملكيتها عبر عقود الإيجار الطويلة للاراضي. وقد استغلوا فقر الناس الذين هربوا من القرى خلال المجاعة والجراد”. فـ”لا يهمنا المسح، فحزب الله سيساوم علينا، وكلما تأخرّ الوقت، كلما كان ذلك لمصلحة شيعة جبيل، الى ولد الولد حتى لما بعد ترؤوس جبران باسيل للجمهورية”.

إقرأ ايضا: بيان المفتي أحمد قبلان حول أراضي «لاسا»

مع العلم ان بعض وسائل الاعلام اوردت ان “رئيس مجلس النواب نبيه بري اقترح على نواب جبيل- كسروان تنازل المطرانية عن ٤٠٠ ألف متر من الأرض المتنازَع عليها للقوى الشيعية، مقابل ضمانته استكمال مسح الأراضي المسيحية العالقة في لاسا، واضعاً مسؤولية استكمال الإجراءات بعهدة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى”.

فهل دخل المجلس الشيعي على خط التسوية من هذا الباب؟؟

السابق
متى يُحاسب مرتكبو مجزرة صبرا وشاتيلا؟
التالي
المشنوق يناشد العرب والمسلمين إنقاذ جمعية المقاصد: دورها أساسي في حماية الاعتدال