موسم المدارس بين غياب الرقابة وصرخة الأهل وهمّ الأقساط

يتكّلف الأهل على تعليم ابنائهم في المدارس الخاصة سنوّيا ما لا يتكلفونه عليهم من مصاريف طيلة عدد سنوات تعليمهم الجامعي، حيث بات شهر أيلول بالنسبة إليهم موعدا مع الهمّ والضغوطات بعد موسم المونة المكلف.

الولد في لبنان يساوي وزنه مصاريف دراسته، كما يقول المثل الشعبي، خاصة ان الاهل سيدفعون كنفقات مدرسية، الاقساط، والكتب، والنقليات، وبدل التسجيل، والقرطاسية، والمصاريف النثرية السنوية الإضافية.

إقرأ ايضا: التربويون يرفضون إلغاء «الشهادة المتوسطة»: مستوى التعليم في خطر!

فها هو (رضا. ف)، أب لثلاثة أولاد، يقول انه ينفق على تعليمهم في احدى المدارس الخاصة ما يثقل كاهله، حيث يدفع على الولد الاول في الصف الثالث ابتدائي: 500 ألف ليرة بدل تسجيل، وقسط سنوي ثلاثة ملايين و200 ألف ليرة، وقرطاسية، وكتب 500 ألف ليرة، ونثريات 200 ألف. ومعلمة ما بعد الصف بمعدل 150 ألف شهريا. ولأجل ان يوّفر بدل نقل اختار مدرسة قريبة من البيت.

اما عن ابنته (رابع متوسط)، فيدفع مليونين ونصف كأقساط سنوية، مع مليون ليرة بدل نقل، وتسجيل 500 ألف، اضافة الى الكتب والقرطاسية 500 ألف، ومعلمة خاصة سيدفع عليها شهريا 150 ألف. اما الابنة الثالثة فتدرس في احدى المهنيات الخاصة، فيدفع مليون ونصف سنويا كأقساط اضافة الى بدل كتب ونقل. فهل عليه ان يخصص قجة لتعليم ابنائه؟

في حين ان (ش.ن) طالبة في الصف الثاني ثانوي في احدى المدارس الاسلامية، فهي تكّلف ذويها 6 ملايين ليرة كقسط سنوي، و900 ألف بدل نقل، و300 ألف كتب، وتتقاضى المدرسة90 ألف بدل عن3 دفاتر مطبوع عليها اسم المدرسة، و3 ملفات ورقية و3 أقلام. اما المريول فثمنه 45 ألف، وبيجاما رياضة 45 ألف. اما النثريات، فحدّث ولا حرج، حيث يصل بدل النشاط الواحد 40 ألف ليرة.

ورغم انها درست في هذه المدرسة خمس سنوات متتالية، فإن ذلك لم يشفع لها لتنال حسما رغم انها من المتميزات في صفها. لذا عمد والدها هذا العام وبسبب العجز المالي الى نقلها الى ثانوية رسمية.

اما عائلة (ش. ف) وهو أب لـ5 ابناء، يقول انه “لولا ان المدرسة تحسم ما نسبته 40 % كبدل ماليّ لان زوجته تعلّم في المدرسة نفسها، لما تمكّن من تعليم أولاده. ورغم ان ابنه الاكبر صار طالبا جامعيا والثاني تلميذا في أحد المعاهد المهنية، لا زال الثلاثة الباقين يكلفونه لدرجة يمكن معها القول ان الاقساط تمتد بينه وبين ادارة المدرسة من عام الى آخر. بمعنى انه “تعليم بالدين”. وردا على سؤال حول المدرسة الرسمية يقول ان الاولاد يرسبون في المدرسة الرسمية ويهبط مستواهم، ولن أضحيّ بمستقبل اولادي لأجل المال.

فالى متى ستستمر معاناة اللبنانيين لتعليم ابنائهم؟

نبيل سرور

وفي اتصال مع المسؤول في وزارة الاقتصاد الدكتور نبيل سرور، قال لـ”جنوبية” إن “كوزارة نحن معنيون بتسعير الكتب من خلال مصلحة حماية المستهلك التي تُصادق على اسعار الكتب سواء الرسمية او الخاصة. اما موضوع الاقساط فمرتبط بوزارة التربية، اما القرطاسية والكتب فمرتبطين بوزارة الاقتصاد.علما انه يجب ان يخضع كل كتاب مدرسي سواء في المدارس الرسمية او الخاصة للمراقبة من خلال لجنة تقييم الكتب من حيث الجودة، والألوان والمضمون. وهنا يأتي دور الوزارة. فالاهل يعانون على صعيد الكتب، حيث أنهم مرهونون لتعليم اولادهم مما يجبرهم على العمل بوظيفتين. لذا على الوزارة البدء بمراقبة المؤسسات التجارية قبل انطلاقة العام الدراسي”.

من جهة ثانية، يقول الدكتور محمد قاسم، الخبير بالشأن التربوي، لـ”جنوبية” انه “قبل الحديث عن اللوازم المدرسية لا بد من الحديث عن تسجيل الاولاد في المدراس الخاصة ذات المستويات المختلفة. فالسمّة العامة للاقساط هو ارتفاعها دون أية اضافة او تعويض للهيئة التعليمية، والدليل انه منذ 1996 وحتى اليوم لم تعدّل سلسلة الرتب والرواتب الا مؤخرا دون ان يستفد منها القطاع التعليمي. فالمدارس رفعت الاقساط ليس بأقل من 300%  الى 500%. ومعروف ان القسط المدرسي مركّب على ان يكون 65% منه كرواتب للمعلمين، و35% للوازم المدرسية واحتياجاتها. لذا نسأل على أي اساس ترفع الاقساط، في حين ان رواتب الاساتذة جّمدت؟”.

ويضيف قاسم “للاسف ليس هناك رقابة، مع غياب تام للوزارة، التي لم تطبق المادة 515 التي حددت المصاريف، والرواتب، والأكلاف”.

و”لم تخضع موازنات المدارس لأية رقابة، لأنه حتى اليوم لم تتم إحالة أية مدرسة الى القضاء. ولم يتم التدقيق بأية ميزانية مدرسية لان كل مدرسة تتصرف على هواها، وتعمد الى التزوير في موازناتها، فتضخّم الرواتب لتبّرر غلاء المعيشة، وتستخدم بعض موظفي الوزارة لتزوير موازناتها”.

ويؤكد ان “هذا العام سيكون أغلى على الأهالي من الأعوام السابقة، علما ان 70% من المدارس لم تلتزم بالزيادات. ولا زال هناك اساتذة لم يقبضوا الزيادة في المدارس الخاصة والمجانية، وشبه المجانية، وهو أمر مؤسف جدا”.

إقرأ ايضا: اقتراح إلغاء الشهادة المتوسطة واعتراض رابطة التعليم الثانوي

ويتابع “هناك باب افادة إضافي للمدارس، وهو باب القرطاسية وتغييرالكتب كل عام، بحجة تغيير بعض الصفحات مما يؤدي الى بازار كتب، اضافة الى بازار المريول، والدولة في كل هذا لا تقف حارسة ولا محتضنة للشعب اللبناني”.

ويختم محمد قاسم، بالقول “السلطة تحاول ضرب سمعة المدارس الرسمية وتشجيع الخاصة”.

السابق
اردوغان: مصير إدلب مرتبط ليس فقط بسوريا بل بالاستقرار في تركيا
التالي
اتفاق في قمة طهران الثلاثية على معالجة الوضع في إدلب بروح من التعاون