ماذا جرى في كوسبا حساسية طائفية أم مشكلة بيئية؟

ماذا حدث في كوسبا؟ وما خلفية ما تمّ الترويج له يوم أمس الجمعة 31 آب على مواقع التواصل الاجتماعي؟

بدأت الضجة من تدوينة فيسبوكية كتبها “جعفر الشهال”، وهو نجل داعي الإسلام الشهال. فأشار جعفر إلى أنّه وأثناء وجودهم هم وعدد من الشبان والأطفال في منطقة نهر قاديشا، تهجم عليهم عدد من أبناء المنطقة المسلحين وكالوا إليهم الشتائم والإهانات الشخصية والعبارات الطائفية على نسق “نهر كوسبا لأهلها مش لحدا تاني”.
وفيما أوضح الشهال أنّ عناصر البلدية وقوى الأمن قد حضروا على الإثر إلى المكان، لفت بالتالي إلى أنّهم كانوا يؤازرون المعتدين، مما دفعه هو ومن معه (شبان وأطفال) إلى مغادرة المكان تجنباً لاي إشكال، مؤكداً في هذا السياق أنّ أي ردة فعل لم تكن من جانبهم على الرغم من الاستفزازات!

هذه الحادثة أثارت ردود فعل عديدة، لكونها لا تشبه طبيعة “كوسبا” ولا حتى “الكورة”، نظراً لما تتميز فيه هذه المنطقة من عيش مشترك، ومن أجواء من التآخي لا يشوبها أي شائبة، في المقابل أشارت مواقع إخبارية طرابلسية إلى أنّ الأمن الداخلي قد فتح تحقيقاً في هذا الموضوع بإشراف قائد منطقة الشمال الذي يشدد على رفض وجود أي ممارسات طائفية في أي منطقة من المناطق ويؤكد بالتالي أنّه في حال تبين وجود هذه الممارسات فسيتم اتخاذ اجراءات قضائية.

رئيس بلدية كوسبا الأستاذ عقل جريج كشف في حديث لـ”جنوبية” أنّ ما تمّ تناقله عبر بعض المواقع والصفحات لا صلّة له بالحقيقة، لافتاً إلى أنّ المشكلة كانت على خلفية رمي النفايات في النهر، إذ طلب أحد الشبان من المجموعة الجالسة أنّ لا ترمي الأوساخ في النهر وإنّما في المكان المخصص غير أنّهم لم يتمثلوا.

وفيما استنكر رئيس البلدية ما تمّ نشره عن “الداعشية” و الاعتداء على الشبان، أوضح بالتالي أنّ الشباب قد اتصلوا بالشرطة وقد جاء أحد عناصر الاستقصاء وتحدث مع المجموعة التي غادرت المكان دون اي احتكاك أو اعتداء أو حتى أي كلام طائفي.

وتابع جريج كلامه مؤكداً أنّ كل الطوائف تتعايش سوية في كوسبا، وأنّ النهر عام وللجميع ولا سلطة لأحد عليه، ومشدداً للمرة الثانية أنّ التحفظ كان على مسألة النفايات وأنّ كل ما تمّ إثارته حول الطائفية لا يمت للواقع بصلة.

وفي الختام طالب رئيس البلدية بفتح تحقيق في هذا الملف لتبيان الحقيقة وأنّ ضربة كف لم تحصل، كما لم يتم – بحسب جريج- حصول أي اعتداء لفظي سواء بالشتائم أو بالعبارات ذات البعد الطائفي.

زيد الشهال وهو أحد الشبان الذين شهدوا على السجال، نفى في حديث لـ”جنوبية” أن يكون السبب هو “النظافة”، مؤكداً أنّهم لم يرموا أي ورقة في النهر بل كان معهم كيساً مخصصاً لوضع النفايات، لافتاً إلى أنّهم قد وجدوا في محيط جلوسهم بعض الزجاجات المكسورة فأزالوها و وضعوا في الكيس.

إقرأ أيضاً: من نهر «العاصي» ارتوى المهرجان فناً .. الحلاني لـ«طرابلس»: قومي ارقصيلي!

وفيما يشير زيد إلى أنّ الحادثة قد وقعت يوم الأربعاء، وأنّ التأخر في إثارتها يعود لتقاعس الجهات المعنية في متابعة هذا الأمر، يوضح بالتالي أنّهم كانوا مجموعة من 4 شباب و6 أطفال وقد قصدوا النهر لقضاء بعض الوقت، ليتفاجأوا بأحد الأشخاص عند الساعة 12 ونصف ظهراً يصرخ بهم من فوق، فيما كان يرافقه عدد من الأشخاص.
يضيف زيد متحدثاً عن الطريقة التي عوملوا بها، فالشاب الذي بادرهم بالصراخ طالبهم بالخروج والمغادرة، وأخذ يستهزأ من أشكالهم ولاسميا من اللحى، ليخاطبهم قائلاً “هذا النهر ليس للإسلام ولا للطرابلسية”.

يتابع زيد مؤكداً أنّ الصراخ والكلام الطائفي قد تتابع فيما هم تحفظوا عن الرد وحاولوا الحديث مع الشباب بالحسنى ولكن ذلك لم ينفع، ليأتي لاحقاً أحد عناصر الاستقصاء إلى المكان الذي عمد بدوره إلى تهديدهم عوضاً عن فك الاشتباك.

إقرأ أيضاً: بعد يأسها من السياسيين: طرابلس تعلنها «ثورة المحرومين»

زيد ورفاقه غادروا المكان تجنباً لأي تصادم، فيما احتفظوا لأنفسهم بحق اللجوء إلى القضاء، وهذا ما سيحدث بحسب ما أكّد الشاب لموقعنا، معلقاً : “لقد عوملنا كإرهابيين ودواعش وتمّ تهديدنا بالضرب والاعتداء علينا لفظياً، بالنسبة لنا لو قالوا لنا غادروا بأسلوب مهذب لغادرنا، ولكن لماذا كل هذه الإهانات بحقنا والألفاظ الطائفية”.

هذا وشدد زيد أنّ مسألة النفايات والنظافة أثيرت في النهاية وهم يغادرون حيث توجه إليهم أحد الشبان بالقول أنّ المقصد لا طائفي ولا مناطقي ولكن هناك نفايات في النهر وهم لا يريدون غرباء، ليختم متسائلاً “لماذا لم يقولوا هذا منذ البداية؟ واي نفايات يتحدثون عنها ونحن لم نرمِ نصف ورقة في النهر ومحيطه المليء بالنفايات أساساً”.

السابق
مئوية «لبنان الكبير».. كيان مهدّد بالزوال أم بلد قابل للعيش
التالي
وفاة روبير فرنجية نجل الرئيس الراحل سليمان فرنجية