تركيا تدفع ثمن رفضها للعقوبات الأميركية على ايران

اردوغان ترامب
كيف يدفع اردوغان ثمن تحديه العقوبات الاميركية على ايران ؟ وما هي العوامل المؤثرة في تطور الازمة بين انقرة وواشنطن، وكيف ينظر الخبراء الى مستقبل العلاقة بين الثنائي الاطلسي الاميركي ـ التركي؟

في اول رد له على العقوبات الاميركية اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اليوم مقاطعة بلاده انوعا من المنتجات الاميركية ردا على اجراءات واشنطن ضد انقرة بسبب محاكمة القس الأميركي اندرو متهم بدعم المحاولة الانقلابية الفاشلة قبل عامين، في حين يؤكد مراقبون ان الازمة اعمق وابعد بين البلدين تتصل بتقارب تركي ـ روسي من جهة وعدم التزام انقرة بالعقوبات على ايران، ويبدو الموقف العراقي على لسان رئيس الوزراء حيدر العبادي اكثر اتزانا في هذا الاطار، وهو اذ رفض مبدأ العقوبات مؤكدا انها “خطأ جوهري واستراتيجي” ولكنه اكد بالمقابل ان “بغداد سوف تلتزم بالعقوبات حماية للشعب العراقي”.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد التركي يدفع ثمن تحدي اردوغان لسياسة اميركا

الخبير في العلاقات الدولية الخارجية الدكتور خالد العزي اشار في حديث لـ”جنوبية” ان “المشكلة مع تركيا هي مشكلة اقتصادية تحمل في طياتها ابعادا سياسية، فهناك قرار سياسي في الادارة الاميركية موجه ضد حكم اردوغان، وحزمة العقوبات التي فرضتها واشنطن مؤخرا على انقرة مرتبطة بالموقف الاميركي من مجمل قضايا تتعلق بأنقرة” مؤكدا ان “الخلاف سياسي محض، وهو يرتبط بشكل كبير بالتقارب بين تركيا وروسيا اولا، اما الخلاف الثاني هو الرفض القاطع من انقرة للعقوبات على ايران سابقا، اذ ان هناك شراكة اقتصادية مكّنت تركيا من الاستفادة من العقوبات كثغرة لتبني اقتصادا متينا، ولكن اليوم في ظل القرار الحازم على طهران يتوجب على تركيا الالتزام بتلك العقوبات وهي توصف بالعقوبات ذات “الانياب” وذلك لفرض شروطها على طهران، وبطبيعة الحال ستخسر تركيا من هذه العقوبات لذلك لم يعط اردوغان اي ضوء اخضر للالتزام بتلك العقوبات”.

من جهة اخرى اشار العزي، الى “محاولة ترامب تهميش دور اردوغان في الشمال السوري، بعد تطور علاقته مع الروس وسيطرته على مناطق اقتصادية من خلال ورقة الاكراد، اما الخلاف الواضح الذي شهدناه هو مطالبة اردوغان بتسليم فتح الله غولن وتحميل واشنطن مسؤولية الانقلاب الفاشل في وجه اردوغان، واتهام المخابرات الاميركية بالضلوع فيه، ثم برزت قضية القس الاميركي المحتجز منذ سنتين في انقرة والاخيرة لا تفتح مجال للقيام بعملية مبادلة”.

واضاف “تخضع بذلك واشنطن لشروط انقرة وبالتالي ستغض النظر عن عدم الالتزام التركي بالعقوبات ولكن ذلك لم يعجب واشنطن فأرسلت تطالب بالقس الاميركي وكان ان رفضت انقرة فتفجر الخلاف الذي اتخذته الادارة الاميركية سببا لتفجير المواقف، وقد جاءت العقوبات الاميركية الجديدة على انقرة لتكون رسالة قوية من واشنطن لأنقرة لإعادة حساباتها ودراسة مواقفها وبالتالي الالتزام بدفتر الشروط الاميركي او الذهاب الى اقصى حد في تلك العقوبات”.

ولفت العزي الان” واشنطن لا تريد افلاس تركيا بل تريد تليين مواقفها السياسية لتقديمها تنازلات من خلال هز اقتصادها وتأليب الشارع التركي ضد الرئيس اردوغان”.

اين تتجه تركيا وهل ستذعن للضغوطات الاميركية بعد وصول اقتصادها الى حافة الانهيار؟

الخبير في الشأن التركي الدكتور محمد نور الدين اكد لـ”جنوبية” ان ” العلاقات التركية – الايرانية ثابتة ولا تتغير وهي جيدة لناحية العلاقات الدبلوماسية والرسمية وايضا لناحية التبادل التجاري، لذلك فإن تركيا لم ولن تلتزم بالعقوبات الاميركية على طهران، خاصة وانها غير صادرة عن مجلس الامن” مضيفا” تركيا لم تلتزم سابقا بتلك العقوبات في ذروتها، وهي كانت غربية واميركية على حد سواء”.

برأيي نور الدين فإن ” حجم صمود وثبات الموقف التركي مرتبط بعدة مسائل، كما ان الاقتصاد التركي صلب وقوي، وهذا تتضافر جهودا داخلية وخارجية لمواجهة المخطط الاميركي الذي يهدف الى تطويع وتركيع تركيا وفي هذا الاطار، اللافت الحملة التي قام بها اردوغان في مواجهة معارضيه في الداخل ومنهم بنوك ومستثمرين وبعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي واتهمهم بانهم شركاء بالحرب التي يراد من خلالها اذلال واضعاف تركيا” مشيرا الى “وجود قوى خارجية تحذر من انعكاسات الوضع التركي المأزوم عليها مثل المانيا، خاصة ان تركيا تعد من اقتصادات الدول العشرين الاوائل في العالم، كما ان حجم التبادل مع المصارف المركزية هو كبير جدا ايضا”.

اقرأ أيضاً: سلاح العقوبات الاقتصادية الأميركي بديل عن السلاح النووي!

واكد نور الدين انه” من المبكر الحديث حاليا عن تأثر الحكم في تركيا بتراجع الاوضاع الاقتصادية، ولا نزال في مرحلة شد الحبال وجس النبض” مضيفا” اعتقد انه لا يزال هناك مكانا لإعادة احياء الحوار والمفاوضات لو بشكل محدود، فوزير الخارجية الاميركي اجتمع بالأمس مع السفير التركي في واشنطن للبحث في الازمة العالقة بين بلديهما”.

وختم نور الدين “هناك مؤشرات ايجابية ومنها سلبية ومتناقضة منها توقيع ترامب على قرار تجميد تسليم طائرات F35 لتركيا، في حين ان تركيا لم تتخذ حتى الان مواقف سلبية باتجاه واشنطن بل هي تدعو للحوار في محاولة منها لاستيعاب وامتصاص الموقف الاميركي”.

السابق
إقفال الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات لمناسبة عيد الاضحى المبارك
التالي
«الحقيبة السيادية» تقرّب حزب الله من القوات اللبنانية