مياه الشّفة ملوثة وشحيحة.. من أين سيشرب اللبنانيون؟

يعيش لبنان مشكلتين مائيتين، الأولى تلوّث مياهه نهر الليطاني والثانية شحّ المياه بشكل عام، وبحسب خبراء فإن لبنان تجاوز في هذا المجال الخط الأحمر.

رغم إجماع المختصين على التداعيات السلبيّة للتلوث الذي يضرب مياه الأنهار والينابيع والآبار الجوفيّة في لبنان والتي تصل إلى نسبة 100 % في بعض المناطق التي تختلط فيها مواسير المياه مع المجارير، فان مشكلة عامة جديدة تضاف وهي مشكلة شحّ المياه الأمر الذي يعنيّ ان لبنان قادم على أزمة مائية حادة. فـ90% من المياه المعبّأة في لبنان مصابة بالتلوث، حيث يظن المواطنون ان المياه المعبأة أنظف وأنقى. والأمر يطال شركات المياه المرّخصة التي تُعد على الاصابع.

إقرأ ايضا: كارثة الليطاني: جهود المعالجة مستمرة… اعتصام غدا ومياه النهر عادت موحلة

ففي دراسة للجامعة الأميركية ببيروت، أظهرت تسرّب عصارة النفايات إلى المياه الجوفية مع ما تحمّله من سموم ومواد مسرطنة. فنهر الليطاني أصبح من أخطر الأنهار في العالم نتيجة استقباله نحو 174 قناة صرف صحي، إضافة إلى مياه المصانع والمعامل.

ومن اجل الاضاءة على هذه الفضيحة البيئية والصحية، تحدثت “جنوبية” مع رئيس مصلحة مياه الليطاني سامي علوية، الذي قال ردا على سؤال حول الاجرءات المتخذة للتخفيف من تلوث الليطاني، قال “انصح بالابتعاد عن هذه الارقام، والاتكال فقط على الارقام التي تصدرها كل من وزارتي البيئة والطاقة. ونحن كمصلحة، دورنا بحسب القانون، هو رفع التلوّث عن بحيرة القرعون. ولأجل ذلك بدأنا كمصلحة وطنية برفع التلوث من خلال مواكبة العمل، أي متابعة عمل مجلس الإنماء والإعمار في منطقة الحوض الأعلى من اجل تكرير مياه الصرف الصناعي والصحيّ قبل رميها في الحوض الأعلى، وهي اجراءات بطيئة، ويتولاها مجلس الإنماء والإعمار، ومهمتنا الاشراف على عمله”.

ويتابع، علوية، بالقول “لذا يجب ان تضرب الدولة بيد من حديد البلديات، وقد بدأنا باتخاذ سلسلة اجراءات على إنشاءات الليطاني. هذا فيما يتعلق بالحوض الأعلى. اما فيما يتعلق بالحوض الأدنى، فنحن ننتظر شهر تموز لرفع التلوث، لذا اتخذنا مجموعة من الاجراءات لوقف رميّ الرمول في النهر وتنظيفه، حيث طلبنا من محافظة النبطية تنبيه البلديات”.

ويلفت، علوية، بالقول “نحن نتعاون مع جميع البلديات واصحاب المنتزهات والمؤسسات السياحية لرفع التلوث، لذا، نطلب من الاعلام الاضاءة على الموضوع. وخاصة انه ثمة بلديات ترمي نفاياتها في النهر، وقد اتخذنا صفة الادعاء الخاص، وقد تم توقيف بعض الاشخاص الذين يرمون المياه الآسنة في النهر، وسنتخذ كل الاجراءات القضائية اللازمة مع اجراء تحقيقات أولية لأجل ذلك. وقد بدأت الاجراءات العملية، ولسنا وحدنا من يعمل، فهناك وزارات كالبيئة والصحة والطاقة والداخلية ايضا”.

ناجي قديح

من جهة مقابلة، صرّح الخبير البيئي، ناجي قديح، لـ”جنوبية” بالقول “ان التقارير المتعلقة بنوعية المياه ومصادرها في لبنان تشير الى درجة عالية من التلوّث، وآخر تقرير لمعهد البحوث الزراعية يقول انه لا مصدر مياه آمن في لبنان. وبالتالي كله مهدد، ويُحتمل ان يكون ملوثا، ونحن نعيش مخاطرة كبيرة جدا لدى استعمال المياه”.

ويتابع قديح، قائلا “من جهة ثانية، نهر الليطاني نهر معرّض لكارثة بتراكم الملوثات عبر سنوات، وعمليّا التلوث، الذي يعرفه الجميع، ثمة دراسات وتقارير تقول ذلك ايضا، اضافة الى اللون المتغيّر. فحجم التلوث لا يزال على حاله ولم يتم حتى الان أي إجراء عمليّ للتخفيف من مصادر التلوث التي تصبّ في النهر كالمياه المبتذلة ومكبات المستوعبات العشوائية والإستخدام غير المرّشد للإدوية الزراعية، اضافة الى كل ذلك هناك الرمول والطميّ التي لا تزال، في مواقع معينة، تشكّل مصدرا لإمداد النهر بالرمول في الشتاء، بغضّ النظر ما اذا كانت المرامل مقفلة أم لا”.

ويلفت، قديح، بالقول الى ان “هذا النهر يشكّل ثروة أساسيّة للبنان، لكن الكل يرميّ الطابة على الآخر، رغم وجود وزارات الطاقة والمياه والصحة والبيئة والداخلية والبلديات والمحافظين ومصلحة مياه الليطاني، وعلى الرغم من كثرة المسؤولين، فإن وضع النهر لايزال كما هو، بل انه يزداد تلوثا”.

إقرأ ايضا: لا موسم سياحيّا هذا العام.. والليطاني ملّوث

ويختم ناجي قديح، الخبير البيئي، قائلا “نحن يمكننا ان نطلق الصوت. والوقائع تقول غير ما يقوله المسؤولين، ودورنا هو تسليط الضوء على الحقائق، ونحن ضد المبالغات من الجهتين سواء سلبا او ايجابا. بل مع القراءة الواقعية واتخاذ اجراءات حقيقية، وليس فقط  النفي وإلقاء المسؤوليات على الآخر. ونحن بانتظار اجراءات عمليّة معروفة كاقامة محطات معالجة المياه المبتذلة، ووقف المياه السائلة، ومعالجة النفايات الصلبة، واعادة تأهيل المرامل التي تشكّل خطرا على النهر”.

فإلى أين يسير لبنان في ما يخصّ ثروته المائية، التي هي كانت مصدر فخر فيما مضى في محيط صحراوي، في ظل هذا الوضع المزري؟

السابق
نديم الجميل: سنتابع اتهام جميل السيد لقائد الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي
التالي
بعد اجتماع مع ناشطين مدنيين: هل سيخوض حزب الله حقا معركته ضدّ الفساد؟