صدام باسيل مع مفوضية اللاجئين يخلف ندوبا بعلاقته مع الحريري

النازحين السوريين عرسال
يشهد لبنان تصعيدا غير مسبوق حيال المؤسسات الدولية، وذلك مع رفع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل السقف عاليا عبر إصداره تعليماته إلى مديرية المراسم في الوزارة بوقف طلبات الإقامة المقدمة اليها والموجودة فيها لمصلحة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، وذلك اعتراضاً على سياساتها في شأن عودة النازحين السوريين من لبنان الى سوريا.

هذا الإجراء أحدث جدلا واسعا من حيث إن الوزير باسيل اتخذ قرارا فرديا وأحادي الجانب من دون العودة إلى الحكومة اللبنانية، خصوصا أن هذا الإجراء يتعلّق بسياسة لبنان الخارجية مع إحدى أهم مؤسسات الأمم المتحدة، والبارز رفض رئيس الحكومة سعد الحريري هذه الخطوة على لسان مستشاره لشؤون النازحين نديم المنلا، الذي وصف اجراء باسيل بانه “احادي الجانب ولا يعكس سياسة الحكومة” وقال ان الحريري “سبق له ان أبلغ باسيل انه ضد هذا الاجراء وطلب منه سحبه”، مطالبا إياه بسحب الاجراء”، وهو ما يشير إلى ظهور ملامح أزمة سياسية داخلية بين الرئيس الحريري والوزير باسيل.

اقرأ أيضاً: لبنان يواجه المجتمع الدولي ويقرّ خطّة عودة النازحين السورين الى بلدهم

وفيما كانت حجة باسيل بإتخاذ تدبير ضد المفوضية بسبب تعاطيها الذي يؤثر على قرار النازحين، الأمر الذي دفعه إلى إرسال بعثة إلى بلدة عرسال البقاعية والتي أفادته بوجود نازحين سوريين يرغبون في العودة إلى سورية، يواجهون تخويفاً يمارسه موظفون في المفوضية العليا من خلال طرح عليهم أسئلة تثير لديهم الريبة وتدفعهم إلى عدم العودة.”

وقد ردّت الناطقة بإسم المفوضية السامية في لبنان ليزا أبو خالد من خلال احدى الصحف المحلية بأن “المفوضية تحترم دائماً القرارات الفردية للاجئين بالعودة إلى ديارهم، ولا تعارض العودة التي تتم بناء على قرار الأفراد، وقد أكدت المفوضية باستمرار أنها تحترم سياسة الحكومة اللبنانية المتمثلة في أن الاندماج ليس خياراً للاجئين في لبنان، والمفوضية لا تعمل على إدماج اللاجئين في لبنان، يتمثل هدف المفوضية في إيجاد حلول مستدامة للاجئين خارج لبنان، في شكل إعادة توطين في بلدان ثالثة، والعودة إلى الوطن بما يتماشى مع المعايير الدولية”.

وأكدت أبو خالد الى “اننا لم نتلق أي إشعار أو رسالة رسمية من وزارة الخارجية بشأن الإجراءات المتخذة، بمجرد تسلمنا الإخطار، سندرسه قبل الإدلاء بأي تعليقات”.

ورأى الدكتور شفيق المصري، الخبير في القانون الدولي في حديث لـ “جنوبية”، أن “قرار باسيل يؤدّي إلى إنهاء إقامة موظفين دوليين في لبنان وبالنتيجة مقاطعة هيئة أساسية من هيئة الأمم المتحدة من دون ان يتغير أي شيء، وذلك لأن الهيئة تستطيع أن تقيم في أي بلد آخر وآداء المهام المتعلقة بشؤون النازحين المسجلين لديها”، مؤكدا أن “قرار باسيل غير مدروس”.

وفيما يتعلّق بتخطي باسيل صلاحيات مجلس الوزراء ورئيسه أشار المصري إلى أن “مستشار وزير الخارجية يبرر هذا الإجراء بأن هناك تدرّجا بالخطوات متسائلا “هذا التدرج كله يقام بمعزل عن مجلس الوزراء؟،” مضيفا “قرار مذل هذا تكون نتيجته مقاطعة مؤسسة حيوية وأساسية في الأمم المتحدة بدون إستشارة وموافقة مسبقة من قبل الحكومة اللبنانية وهو تجاوز للعمل الوزاري”.

وعن رد فعل المجتمع الدولي والمفوضية على هذا التصعيد قال “إن المفوضية ردّت بطريقة عقلانية وهادئة، بالتأكيد هي تمارس واجبها على أمل أن لا يأخذ ردّ الفعل منحى تصعيديا آخر”.

وفي الختام عبّر المصري عن خشيته من أن تعتبر مقاطعة موظفي مفوضية الشؤون” خطوة سلبية في رصيد الحكومة تجاه الأمم المتحدة، في وقت تبدي حرصها على علاقاتها الجيدة مع المنظمات الدولية المتواجدة في لبنان عبر مؤسسات عدة”.

من جهة ثانية، رأى الخبير الدستوري والقانوني أنطوان سعد في حديث لـ “جنوبية” أن “الوزير باسيل لم يتخذ قراره بشأن المفوضية الا في حال كان يتلطى بغطاء من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة، وهو يشكل التوجه العام لكليهما، فهما يعتبران أن إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم هو العنوان العريض لسياسة الحكومة والعهد في المرحلة القادمة”. مضيفا “كما يحق لباسيل إتخاذ أي تدبير مثل قطع علاقات دبلوماسية مع منظمة او بعثة دولية تابعة لدولة معينة بحيث تدرج العلاقات، مثل ما حصل أمس في التدابير المقابلة التي اتخذت بين روسيا وبريطانيا وبعض الدول الصديقة للأخيرة بإطار حق الدولة”، لافتا إلى أن “موقف المفوضية ينطلق من الأسئلة التي يطرحونها على اللاجئين بكل حالات النزوح، لكن الفارق هنا أنه يتوجب على المفوضية أن تذهب بهذه الأسئلة إلى النظام السوري من حيث تأمين ضمانات معنية وظروف ملائمة كي يعود اللاجئين وليس توجيه الأسئلة لهؤلاء لأنهم مسلوبو الإرادة”.

وفي سؤالنا عن ردّ مستشار الحريري نديم الملا على باسيل قال “هو أمر آخر ولا يعلو على قرار وزير، فهو موقف شخصي ينطلق من مصالح معينة لديه، وبالتالي هو موقف لا يمثل قرارات السياسية العامة لمجلس الوزراء ولا يمثل عن رأي الحكومة التي طالما عبر عنها رئيسها ورئيس الجمهورية بعدم قدرة لبنان على تحمل أعباء النزوح”.

اقرأ أيضاً: بوادر ازمة بين الحريري وباسيل ونصرالله يجدد حملته على السعودية

كما إعتبر سعد “في حال أرادت المنظمات التشدد سوف تتخذ موقفا سلبيا من لبنان بحجة التصعيد بوجه منظمة دولية هدفها إنساني، إلا أنها إذا تفهمت ظروف الدولة اللبنانية نظرا لكون النازحين السوريين أصبحوا متحكمين بكل مفاصل الإقتصاد وبكل أنواعه، حيث يقال أن 95% من سائقي الشاحنات هم من السوريين وغيرها من القطاعات حتى أن التنافس بلغ حدّ المقابر بشكل أصبحوا نوع من الجحيم المستمر على العامل اللبناني وعلى البنية التحتية اللبنانية التي يستهلكونها أيضا “.

غير ان سؤالا يطرح نفسه، وهو يتعلق بالموقف الحقيفي لرئيس الجمهورية، وهل فعلا هو داعم لقرار صهره وزير الخارجية جبران باسل الذي قد يتسبب بأزمة دولية، اضافة الى شقاقات داخلية لا تحمد عقباها؟

السابق
ريفي يهنئ مؤسسة قوى الأمن الداخلي في عيدها الـ157
التالي
بالتفاصيل: إشارات بث تلفزيون لبنان – الأرضي في كل المناطق اللبنانية لمشاهدة كأس العالم 2018