التفتيش المركزي يضيّق على ادارة المناقصات: فتّش عن صفقة البواخر!

فاطمة غول
أزمة بين المدير العام للمناقصات جان العلية ورئيس التفتيش المركزي جورج عطيّة، هل هي حرب صلاحيات أم أنها محاولة من السلطة لوضع اليدّ على إدارة المناقصات و السيطرة على مؤسسات الرقابة؟

إشتعلت المواجهة بين كل من رئيس هيئة التفتيش المركزي جورج عطية والمدير العام لإدارة المناقصات جان علية. وحتى الساعة لم تنجح كل محاولات التهدئة بين الطرفين.

وقد وقع الإشكال بعدما جرى تعطيل مهام إدارة المناقصات طيلة عام كامل من قبل هيئة التفتيش التي “تتجاهل الكتب الخطية المرسلة من إدارة المناقصات، اعتباراً من حزيران 2017، لتزويد الإدارة بالموارد واللوازم للاستمرار في عملها، ولا ترد عليها لا سلباً ولا ايجاباً، في ظاهرة لافتة تخالف أصول التخاطب الإداري”. ووفق إدارة المناقصات، فإن “رئاسة التفتيش المركزي تمتنع عن تجهيز إدارة المناقصات بغرفة إضافية لإجراء جلسات فض العروض”، وتصر على “حشر إدارة المناقصات في ثلاثة آرباع الطابق من المبنى الذي يشغله التفتيش المركزي والمؤلف من أكثر من 10 طوابق”.

اقرأ أيضاً: أزمة بواخر الكهرباء… هل تحلّها إدارة المناقصات؟

وهو ما دفع بإدارة المناقصات للخروج إلى الإعلام والإعلان عن تأجيل جلساتها التي تتجاوز الامكانات المتاحة إلى أجل غير مسمّى احتجاجاً على التضييق وأرسلت بياناً إلى الوكالة الوطنية للاعلام غير موقع من المسؤول المباشر. وبالفعل نشر إلا أن المفاجأة أنه أعيد سحبه بناءً على كتاب خطي من رئيس التفتيش عطية الذي برر ذلك بوجود مخالفة قانونية إذ لا يحق لإدارة المناقصات التصريح للإعلام من دون الحصول على إذن مسبق من المسؤول المباشر، أي رئيس التفتيش، في مخالفة لأصول التخاطب والتصريح.

السجال بين رئاسة التفتيش المركزي وإدارة المناقصات فتح باب النقاش في شأن ما إذا كانت لرئاسة التفتيش سلطة رئاسية على إدارة المناقصات؟ أم أنهما إدارتان متوازيتان لا سيما في غياب النص القانوني الصريح. مع العلم ان إدارة المناقصات برئأسة عليّة تمكنت من تعطيل أكثر من صفقة مخالفة للقانون منها صفقة بواخر الكهرباء التي تفوح منها رائحة الفساد.
مصادر متابعة أكّدت لـ “جنوبية” أن “ما يجري ليس مجرد مشكلة رئيس ومرؤوس إنّما “السبب الحقيقي للتضيق على إدارة المناقصات وعدم تأمين مطالبها هو معاقبتها على دورها في وقف أكثر من صفقة مخالفة للقانون، كان من المفترض أن يستفيد منها قوى سياسية نافذة في الحكومة. وتابع “إنها ليست المرّة الأولى التي يجري فيها محاولة للتضييق على عليّة، ومحاولة إبعاده من الإدارة، تحديداً لدوره في إيقاف صفقة بواخر الطاقة التركية”. وشددت المصادر نفسها أن “هناك محاولات سياسية لوضع اليد على إدارة المناقصات التي تعدّ المعبر الوحيد المتفق عليه لكل التلزيمات المقبلة في حكومة العهد الجديدة “.

ويتابع المصدر: “بما أن إدارة المناقصات هي المسؤولة عن تطبيق قانون المحاسبة العمومية الذي يتضمن تعيين لجان المناقصات والتدقيق في الملفات وفضّ العروض وسير الجلسات. تحاول قوى سياسية تجاوز هذه الإدارة لتحويل المناقصة إلى استدراج عروض أو عقد بالتراضي يتطلب قراراً في مجلس الوزراء تتخذه السلطة السياسية. وهو عمل يوضع في خانة الفساد وتمرير الصفقات”.

هذا وأكّد الصحافي والمحلل السياسي أسعد بشارة أن “التضييق على مدير عام المناقصات هو بسبب موضوع بواخر الكهرباء التي اصبح مؤكدا أنها تنطوي على عمولات كبيرة وصفقات مشبوهة من حيت تلزيمها لشركات بمناقصات وهمية”. وتابع “عليّة قام بدوره على أكمل وجه إذ اوقف صفقة كانت ستكبد الخزينة مليارات الدولارات وما نشهد اليوم هي محاولة إقصاء والتضييق على جان علية بسبب موقفقه في الحكومة آنذاك”.

وأشار بشارة أن “ما يجري اليوم هو محاولات لإحراج رئيس إدارة الماقصات ومن ثم إخراجه لأنه أدّى دوره الوظيفي والوطني إذ وقف بوجه الفساد”.

وفي الختام، أكّد على “ضرورة إلتفاف الجميع حول علية وتأمين حماية شعبية له”.، مشددا على أن “الوقاحة تجاوزت كلّ الخطوط الحمراء وهذا نتيجة الإنتخابات النيابية التي أعادت إنتخاب الطاقم السياسي نفسه”.

والسؤال يبقى هو كيف تحوّل التفتيش المركزي من ادارة مخصصة لمكافحة الفساد الى ادارة غير فاعلة إن لم نقل مساندة بشكل غير مباشر للاطراف الفاسدة في السلطة، التي تتوخى تحييد مؤسسات الرقابة عن دربها، كي تتفرّغ لاتمام صفقاتها بالتراضي.

السابق
مقتدى الصدر… أي مستقبل للعراق وأبعد؟
التالي
حزب الله سيجابه العقوبات باقتحام «الحكومة» ونَيل حقائب سيادية!