الفرق بين «الورقة البيضاء» وعدم الاقتراع

كيف يُفسر عدم الانتخاب؟

إن “الورقة البيضاء” هي بمثابة قول: (لا)، وحجب الثقة عن اللوائح المشهودة، ومع ذلك امتنع الناخبُ عن التصويت لإحداها.
وهي رسالةٌ ذاتُ مضمونٍ سلبيّ لكلّ الفاسدين بأنكم خسرتم صوتاً، وهناك مَنْ يعارضكم، ويعترض عليكم.

إقرأ أيضا: زيارة الأربعين: عبادة أم كرنفال؟

هي فعلٌ، هي كلمةُ حقٍّ في وجه سلطةٍ جائرة وفاسدة؛ وليست عدمَ فعل شيءٍ، ليست سكوتاً عن باطلٍ، أو حياداً في صراع الحقّ والباطل، أو اعتكافاً عن تحمُّل المسؤوليّة، أو إهمالاً للانتخاب، أو غفلةً عن الاقتراع.

بينما عدمُ الذهاب له عدّةُ تفسيرات، فكلّ لائحةٍ ستعتبر أن مَنْ لم يأتِ هو معها، ولكنّ ظروفاً قاهرة منعَتْه من الحضور، كالغفلة أو الخوف أو السفر ـ لزيارةٍ وغيرها ـ. إذن لن تصل إليهم رسالةٌ واضحة بأننا معترضون، وأننا نحجب الثقة، وبأننا وصلنا للصندوق، وعرفنا اللوائح والمرشَّحين، ومع ذلك قلنا للجميع الفاسد: (لا). فهنا لا يُتصوَّر الإهمال والتخلّي عن المسؤولية، بل هي مسؤوليةٌ كاملة، ولكنها مسؤولية الوَعْي والبصيرة والموقف الواضح والصريح.

فالفرقُ بينهما هو أشبه بالفرق بين نزول النائب نفسه إلى البرلمان، وحجب الثقة عن الحكومة، وبين تغيُّبه عن الجلسة، فلا يُدرى أهو مع الحكومة أم مع المعارضة؟

وقد كان لنا منشورٌ سابق بعنوان: “القانون النسبي العجيب وفساد الورقة البيضاء”، وهو يدور حول قيمة “الورقة البيضاء” في ظلّ استخفافهم بها في قانون الانتخاب، وتشريعهم ما يدلُّ على نيّتهم إذلالَ مَنْ يريد استعمالها ضدّهم.

فحفظاً لهذا الحقّ في الاعتراض السلميّ لا بُدَّ من حضور “الورقة البيضاء”، مهما أمكن.
وقد يُقال: إن الورقة البيضاء بحَسَب القانون الجديد ترفع الحاصل الانتخابي لصالح مَنْ “نودّ حجب الثقة عنهم”، ورُبَما تكون المقاطعة أفضل.

والجواب: إن هذه واحدةٌ من سيئات القانون الانتخابي الهجين، ومع ذلك فإن استعمال الورقة البيضاء حقٌّ يجب الحفاظ عليه، واستعماله، وتكريسه.

كما أنه فعلٌ كامل، وهو قول (لا). بينما عدم الاقتراع هو عدمُ فعلٍ، هو حيادٌ، هو إهمالٌ، هو انهزامٌ، هو تخلٍّ عن المسؤولية.
ونحن مكلَّفون بالفعل: أفضل الجهاد كلمةُ حقٍّ في وجه سلطانٍ جائر.

إقرأ ايضا: الشيخ محمد دهيني: «عليّ ولي الله» غير واجبة شرعا

ونحن سننطلق من عدد “الأوراق البيضاء” لتحديد حجم الاعتراض الصادق، وحجب الثقة العمليّ والإيجابيّ “لا السلبيّ = الإهمال والحياد والاعتكاف” على مستوى الوطن ككلٍّ، ويُبنى على الشيء مقتضاه المناسب بإذن الله. والله وليُّ التوفيق.

#الورقة_البيضاء = ضد الفساد = حجب الثقة
#الورقة_البيضاء = كلمة حقّ في وجه سلطان جائر

السابق
من هو سعيد الحظ الذي سيحظى بصوت اليسا التفضيلي؟!
التالي
ربيع يريفان وخريف موسكو