هل من معارضة حقيقية في دائرة صور– الزهراني؟

كثر الحديث عن خصوصية دائرة صور – الزهراني، إنها شهدت ترشح لائحتين للانتخابات النيابية القادمة. لائحة الثنائي الشيعي، كما يطلق عليها، وهي لائحة مكتملة من سبعة مرشحين ولائحة أخرى حملت إسم "معاً نحو التغيير" وضمّت ستة مرشحين فقط.

زار أعضاء لائحة “معا نحو التغيير” مركز الحزب الشيوعي اللبناني والتقوا أمينه العام حنا غريب الذي رأى “أن مسار معركتها الانتخابية هي بين قوى الاعتراض والتغيير الديموقراطي من جهة وأحزاب السلطة من جهة ثانية. والرد على كل تشويه لهوية اللائحة السياسية لموقع أي مرشح مستقل عن أحزب السلطة ومسؤوليته في ذلك أيضاً. وبالتالي خوض المعركة الانتخابية على أساس برنامج وشعارات موحدة”.

هكذا تحدث غريب عن هذه اللائحة التي أبصرت النور بعد أشهر من النقاشات والسجالات وهي لائحة تضم ممثلين عن أحزاب يسارية والتيار الوطني الحر وزعامة سياسية تقليدية.

اقرأ أيضاً: رياض الأسعد لـ«جنوبية»: نجحنا بتوحيد المعارضة في الجنوب الثانية.. والخرق حاصل

لقد رأى البعض أن مجرد التوقيع على ميثاق شرف بأن تكون لائحة معارضين للنظام السياسي كفيل بتأكيد انتماء أعضاء اللائحة إلى موقع المعارضة الفعلية، مع العلم أن أحد أعضائها قد ربط توقيعه بموقف أحد أعضائها من التيار الوطني الحر، بصفته حزباً سلطوياً طائفياً. وذهب أحد طابخي هذه اللائحة إلى وصفها أنها الوحيدة المعارضة منذ أن وقع اتفاق الطائف!

لنعود إلى الوقائع، بداية رشح اللقاء الديموقراطي المستقل في الزهراني د. حمزة عبود عن القضاء وأعترض على ترشح المهندس رياض الأسعد، الذي نشط من أجل إكمال أعضاء اللائحة في منطقة صور والعمل على تغييب ترشيح جدي شيعي في الزهراني، وفي اجتماعات متكررة بين صور والزهراني انتهى النقاش بحل مقبول، وافق فيه الجميع على ترشح رياض الأسعد وحمزة عبود في الزهراني. كما رشح اللقاء الديموقراطي المستقل وسام ديب عن المقعد الكاثوليكي، لكن الأحزاب اليسارية عادت ورفضت ترشح ديب، وتبنت ترشيح وسام الحاج الذي نال مباركة ترشحه من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بحضور رياض الأسعد الذي نجح بجدارة على تشكيل اللاحئة التي يريد، لتضم مرشحاً عن الحزب الشيوعي اللبناني في قضاء صور (رائد عطايا) وآخر من منتدى صور الثقافي (د. ناصر فران) بالإضافة إلى المحامية لينا الحسيني. ويسد الطريق أمام ترشيح د. حمزة عبود في الزهراني خوفاً من حصوله على الصوت التفضيلي واصطحاب المرشح وسام الحاج مدعوماً من التيار الوطني الحر الذي يخوض معركته ضد الرئيس نبيه بري.

ويصير السؤال مشروعاً: إذا حالف الحظ المرشح الشيعي في قضاء الزهراني رياض الأسعد، فهل سيكون إلى جانب قوى التغيير والديموقراطية الشعبية؟! أم سيحافظ على موقعه التقليدي المعارض للزعامة الشيعية السياسية. وإذا استطاع د. وسام الحاج أن يخرق اللائحة بديلاً عن د. ميشال موسى، هل سيتصدر الحركة الشعبية الديموقراطية أم يبحث عن كرسي قرب جبران باسيل؟

ما حصل في دائرة صور – الزهراني أن نزاعاً حصل بين خطين، الخط الأول يرى أن المعركة الانتخابية هي محطة في النضال ضد النظام الطائفي ومن أجل تغييره وبناء دولة ديموقراطية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية وهذا يعني القطع مع كل القوى السلطوية والطائفية الأخرى إذا كانت في السلطة، أو معارضة عن نفس الطينة، ويعني عدم التحالف مع أي قوة طائفية (كلن يعني كلن). هذا الموقف يعني أن الأساس في المعركة الانتخابية ليس مواجهة ثنائية شيعية أو وحدانية درزية أو زعامة سنية بل مواجهة جميع المكونات الطائفية.

وأن الهدف من المشاركة تعميم ثقافة التحريض ضد السياسات العامة التي يتفق عليها أركان المحاصصة، وتوحيد قوى المعارضة الحقيقية لمتابعة المسيرة بعد الانتخابات، وعلى الرغم من أهمية الفوز أو الخرق فإن ذلك لم يكن أساس خوض المعركة ومقياس الربح أو الخسارة، الأساس تحريك العملية الصراعية على المستوى الشعبي ضد القوى الطائفية.

الخط الثاني، التزم التبسيط والسطحية في الرؤية، خط اعتمد نهج تجميع عشوائي لشخصيات وأطراف يجمعها العداء لطرف آخر، وشرط اجتماعها الوحيد هو امتلاكها لحيثيات تصويتية، أن الأصل في الترشح هو تحقيق الفوز والخرق، من خلال سياسة التجميع العشوائي.

اقرأ أيضاً: المرشح أبو الحسن في «وحدة انماء بعبدا»: الحزب التقدمي لديه مشروع وطني حقيقي ‎

فهذه اللائحة التي أطلق عليها إسم معاً نحو التغيير تحمل التباساً غير ديموقراطي لوجود مرشحين فيها لا يختلفون عن التركيبة السياسية للطبقة السائدة. وأن معارضتهم أو اعتراضهم هو على الثنائية الشيعية وهذا لا يبني معارضة حقيقية.

دائرة صور – الزهراني كانت واحدة من دوائر قليلة يمكن فيها خوض معركة حقيقية، لكن هذا الاحتمال لم يعد قائماً. والذي أسقطه غلبة خط السطحية التبسيطية التي طبعت ممارسة الأطراف اليسارية، ونجاح رياض الأسعد بالنهاية في تشكيل هذه اللائحة مع رشة بهار يساري. أما الدكتور وسام الحاج فقد انضم إلى كتلة جبران باسيل حتى قبل أن تحصل الانتخابات، وعلى من خانته الذاكرة أن يعود إلى عام 1996 حينما خاض اليسار اللبناني معركته بقيادة حبيب صادق في مواجهة لائحة أركان الإسلام السياسي (الشيعي، السنّي، الدرزي) مدعومة من نظام الوصاية في سلطة الطائف المتحقق.

السابق
علي الأمين: ترشحنا من أجل تأكيد مرجعية الدولة والجنوب ليس ساحة لأمل وحزب الله
التالي
رسالة إلى الحجر والبشر