إسمع يا دولة الرئيس(22): الشيعة بين سقيفة 1992 وانتخابات 2018

الشيخ محمد علي الحاج العاملي
على مشارف الإستحقاق الإنتخابي بعد عدّة أشهر يحسن بنا قراءة تحالف قوى الأمر الواقع الشيعية

انطلاقاً من فهم الجذور الأولى التي تأسست عليها التركيبة السياسيّة الشيعيّة القائمة، والتي حصلت في انتخابات عام 1992، هذه الإنتخابات التي يصح أن نطلق عليها اسم “السقيفة” بكل جدارة، مع ما تعني هذه التسمية من دلالات في الوجدان الشيعي..

على مستوى محافظتي الجنوب تحديداً، فقد حصل تحالف مهجّن بشكل لافت، قوى إسلامية (حزب الله وحركة أمل) في لائحة واحدة بعد صراع دموي طويل، مضافاً لليسار (حبيب صادق..)، مع بعض أبناء أسر سياسيّة من آل الأسعد (سعيد)، ومن آل عسيران (علي)، ومن آل الزين (عبد اللطيف)، ومن آل الخليل (علي يوسف)..
إسلاميون، ويساريون، وإقطاع سياسي !! هجين بكل ما للكلمة من معنى، تحالف دُبّر بليل، فقط لكسر القوة الجنوبية الرئيسيّة المتمثّلة بالرئيس كامل الأسعد، مع قوى تاريخيّة أخرى، كآل الخليل (أبناء الوزير كاظم).

طبعاً مرّ هذا التحالف بخضات كثيرة، كالذي حصل في العام 1996، لكن بالإجمال تمّ تركيب تحالف غير شرعي، على حدّ تعبير الرئيس الراحل كامل الأسعد..

إقرأ أيضاً: اسمع يا دولة الرئيس (19): في موقع رئاسة المجلس النيابي اللبناني

وما زال هذا (التحالف – المحدلة) قائماً، وتحكمه المصلحة، والمصلحة فقط، فلطالما تباينت سياستهما في ملفّات محليّة وأخرى إقليمية، لكنهما كانا يرتبان أمورهما، ويرممان أي شرخ يطرأ.

طبعاً لسنا ضد أي علاقة تعاون أو تحالف أو انسجام بين مختلف الأطراف، لكن المفترض أن تكون هذه التحالفات مبنيّة على أسس واضحة وصريحة، عمادها مشروع بناء دولة حديثة.

والآن، بعد أكثر من ربع قرن من علاقة “المساكنة” بينهما، حري بنا قراءتها بشكل موضوعي وشفاف، وأسوأ شيء هو اعتبار أن الواقع هو أفضل من علاقة الثنائي أيام الصراع الدموي.. لأن ذلك يستبطن تهديدات عنفيّة دمويّة.. ولا يعقل أن نُخيّر بين قوى الأمر الواقع بصورتها الحالية أو الصراع الدموي بين أبناء الطائفة!!

من حقنا أن نطمح ليكون لدينا ممثّلين لديهم حس وطني، ولديهم طاقات علميّة، ويتمتّعون بسمعة طيبة، لم ينخرطوا في الحرب الداخلية، ولم تتلوّث أيديهم بسرقة المال العام.

إقرأ أيضاً: إسمع يا دولة الرئيس (20): في الوفاء لعائلات ساحل المتن الجنوبي/ الضاحية الجنوبية

دولة الرئيس الحبيب:

أسوأ ما في هذا التحالف الراهن أنه لا يقوم على أسس علميّة ذات قيمة وقيم، بل كل مبتغاه إحكام السيطرة على السلطة، وتقاسم مكاسبها، وإحتكار تمثيل الطائفة.. ما يؤدي للقضاء على الكفاءات والطاقات، ولمنع حالات الإبداع من النمو..

وكل ما نريده ونطمح إليه، هو قيام التحالفات انطلاقاً من التنافس على تقديم الأفضل والأصلح لمجتمعنا ووطننا، والشروع في اجتراح حلول لأزماتنا الحالية، معتمدين على معيار الكفاءة والجدارة.

السابق
حماوة درزية في بيروت والمقعد النيابي على محك الاعتراضات
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الخميس في 22 شباط 2018