تحريك الشارع: رسائل من بري وباسيل إلى حزب الله

قراءه جديدة وخطيرة لما يحدث في الشارع بين أنصار حركة أمل التي يرأسها رئيس مجلس النواب، وأنصار التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية.

ما يحصل بين الرئيس نبيه بري وجبران باسيل، ليس منتجاً فوريا لفيديو مسرب. فرغم فداحة ما جاء بالفيديو، الا ان ردود الفعل التي قام بها جمهور حركة امل بتحريك مباشر من بري تشير الى ان الاخير يريد ايصال رسالة عابرة للحدود.

لقد وصلت ردود فعل بري الى احتجاجات في دول افريقية، على فعل الشتيمة التي في الواقع لا تحتاج الى كل هذا.

قبل اسبوع التقى رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون، وفدا رفيع المستوى من الادارة الاميركية، وجرى التباحث حول كيفية محاصرة حزب الله مالياً، ومنع استخدام البنوك اللبنانية اداة لتمويل منظمات مدرجة على لائحة الارهاب.

ابدى عون خلال اللقاء، وذلك بحسب كلام المسؤول في الادارة الاميركية مارشل بلنغسلي موافقته على ضرورة كبح النفوذ الايراني.

وحذر المسؤول الاميركي من العواقب الوخيمة في حال تم الكشف عن تعاون عسكري بين الجيش اللبناني المدعوم اميركيا، وغريمها حزب الله، في معارك عدة وعلى وجه الخصوص معركة عرسال.

وقبل الزيارة الاميركية، كان وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل قد وجه رسالة الى اسرائيل مفادها ان لا خلاف ايديلوجيا معها.

إقرأ أيضاً: بعد توالي مقاطع الفيديو التي تنال من برّي: هل يشفع حزب الله لباسيل وينقذه؟!

كثيرة هي المصادر التي تفيد ان باسيل يبحث عن مخرج وغطاء دولي للخروج من عباءة حزب الله، الذي بدوره يقترب اكثر من مواجهة دولية جديدة خطيرة، تبدأ بحزمة عقوبات غربية قاسية، وقد لا تنتهي بحزمة عقوبات اخرى من الخليج الغاضب، وصولا الى تعويم جنرالات اميركيين.

الحديث عن امكانية حصول جولة عسكرية ضد الميلشيات الايرانية في سوريا، وذلك بحسب ما جاء على لسان قائد المركزية في الجيش الاميركي ميشال فوتير، ان اميركا تعتزم التصدي عسكريا لتنظيمات ارهابية اخرى غير داعش، ساهمت في زعزعة المنطقة.

ومقابل ذلك، كان الرئيس نبيه بري قد تلقى انذاره الاول من سوريا الاسد التي حصلت على ثبات ظرفي. تفيد الرسالة انها غير راضية عنه، ومنزعجة جداً من اداء حركة امل في الحرب السورية.

جاء الانذار لبري عبر صحف محلية ودولية مقربة من النظام السوري، وتفيد ان ماهر الاسد شخصياً يريد بديلا عنه في مجلس النواب. وتداولت الصحف اسم اللواء جميل السيد كبديل لحل الازمة التي انتجتها اصرار بري بعدم زج عناصره في الصراع السوري.

يبدو ان ما يحصل في الشارع اللبناني بين عناصر امل والتيار ما هو الا انفجار صغير لأول إصطدام اميركي إيراني في لبنان.

بري يريد القول للذين يطمحون لإبعاده عن كرسي مجلس النواب، انه قادر على قلب الطاولة على رؤوسهم وبوجه اقرب حلفائه، هذا الرجل متمرس بالشارع اللبناني، ويدرك كيف يفرض نفوذه من جديد عبر الشارع.

اما جبران باسيل، فكلما رفع سقفه كلما اخذت اميركا على عاتقها نشر المزيد من الغطاء لتصرفات التيار الذي يتزعمه والذي بسلوك غريب نبذ اكثر وزير مقرب من حزب الله اي الياس ابو صعب، عبر فتح اذاعات وقنوات ومواقع التيار لمهاجمة الرجل الذي يعتبر السيد نصرالله رمزه المفضل.
عملية تطهر التيار من حزب الله مكلفة جداً. ففي الوقت الذي لم تبد اميركا اي سلوك تقاربي مع باسيل، ولكنها كانت ضيفاً خفيفا في قصر بعبدا، وهو ما يعني بداية المصالحة مع الاميركيين، التي كانت صديقة التيار قبل عام 2005.

ويبدو فعلا ان حزب الله اصبح في مكان لا يحسد عليه. فأمل والتيار يريدان توجيه رسالة مزدوجة للحزب بعد تضخم استفراده بالسلطة اللبنانية.

إقرأ أيضاً: النشطاء يثأرون من باسيل.. وأنصار بري يتخطون الخطوط الحمر

ليس صحيحا ان بري حليف حزب الله على كل شاردة وواردة، فقد كان اول اختبار للحزب من قبل امل في الانتخابات الرئاسية الماضية، وتم تجاوز بري بقرار ايراني سوري.

هذه المرة قام بري بالفعل قبل موعد الانتخابات النيابية، وهذه المرة الاولى، التي ينتقل فيها العراك الى داخل منزل الحزب.

ان الحسابات السياسية للحزب وحاجته لتصريف انتصاراته اودت بحياة قوى سياسية معارضة له، كتيار الرئيس سعد الحريري، ولكنها توشك على اسقاط هيكل نظام حاول بناءه منذ تدخله في الحرب السورية.

لن يكون الوضع بكل الاحوال كما سعى حزب الله الى صنعه، ان الاميركيين وجهوا اخطر رسائلهم للبنان من بيروت وليس من واشنطن، ويبدو ان حضورهم سيزداد بشكل تصاعدي لسحب السجادة الايرانية من الساحة اللبنانية.

السابق
أوساط بري: سبب واحد لكل المشكلة
التالي
ناشطة جديدة يتم توقيفها.. والسبب جبران باسيل