علي فضل الله يكتب عن «الحرب العادلة في قانون النزاعات المسلحة»

الحرب العادلة
كان من أهم سمات الحروب المعاصرة إعادة إحياء مفهوم "الحرب العادلة" في العلاقات الدولية. وقد نجحت العدالة، بما هي قيمة سامية شددت عليها كل الأديان والمدارس الفكرية، في طرح نموذج معرفي جديد شغل المفكرين والقانونيّين. ولما كان العدل والعدالة مرتبطين بشكل وثيق بالقانون وفلسفته، والأديان وطروحاتها، فلم يكن صعباً أن يتطوّر هذا الطرح ويلقى الرّواج الاستجابة.

هذا ما يؤكده الدكتور علي عبدالله فضل الله (أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي)، في مقدِّمة دراسته الجديدة الصادرة حديثاً (عن دار الفارابي في بيروت أواخر الـ2017، في طبعة أولى)، تحت عنوان: “الحروب العادلة في قانون النزاعات المسلحة”.
ترتكز هذه الدراسة على إشكالية محددة: متمثلة بالأسئلة التالية، التي يحاول الإجابة عليها هذا الكتاب، وهي: هل يمكن أن يكون هناك حرب عادلة؟ ومتى تكون الحرب عادلة؟ وكيف تقَيَّمُ قواعد القانون الدولي العام، وبالذّات، قانون الحرب، والمؤسسات الدولية، ولا سيما مجلس الأمن الدولي، من خلال معايير العدالة في الحرب؟ وكيف يُفهم التنازع القائم بين علاقات القوة بين الدول ومبدأ العدالة؟

اقرأ أيضاً: حبيب سروري يدعونا في كتابه «لِنتعلّمْ كيف نتعلّمْ»!

وتنقسم هذه الدراسة إلى فصلين: الفصل الأول، وهو بعنوان: مبدأ العدالة والحرب العادلة في القانون الدولي العام. ويبدأ هذا الفصل في فقرته الأولى بتقديم مختصر لسمات النظام الدولي الراهن، لينتقل بعدها إلى عرض نظريتي راولز وسين في العدالة، وبعدها نظرية مايكل والزر في الحرب العادلة، وبعض المفكرين الآخرين. أما في المبحث الثاني من هذا الفصل، فثمة عرض لتطور مفهومي العدالة والحرب العادلة تاريخياً، وموقعها في القانون الدولي العام، ليُصار في ختام الفصل إلى إجراء تقييم نظري وعملي لأداء المؤسسة الدولية المولجة حفظ الأمن والسلم الدوليين، أي مجلس الأمن.
وفي الفصل الثاني، المعنون: التنازع القائم بين مفهوم العدالة وعلاقات القوة بين الدول، يتم تحليل مجموعتي الاختبار والمراقبة وإجراء المقارنة بينهما وفق التقديم النظري والقانوني في الفصل الأول. وفي المبحث الأخير من الدراسة، يُعرض للتعدد في تقييم مبادئ العدالة في تحديد معايير الحرب العادلة، والحاجة إلى إعادة تنظيم مؤسسات العدالة الدولية. وتنتهي الدراسة بصياغة اقتراح يكون نتيجة للمنهج التحليلي، وتأكيداً للفرضية، وتقديم حلول فرض العدالة وفق منهجي سين وراولز، وحصر مشروعية الحرب، والاهتمام بالسلوك الحربي العادل.

كتاب الحرب العادلة
ومما تضمنه خاتمة الدراسة: من الممكن أن تكون هناك حرب عادلة عندما تكون هناك حرب عادلة عندما تكون عقاباً على ارتكاب عام. في الأساس، الدفاع عن النفس هو حرب عادلة ومشروعة شرط أن يكون العدوان مستمراً وداهماً ولا يمكن رده إلا بالحرب. الدفاع عن الحليف في وجه عدوان غاشم هو أيضاً حرب عادلة ومشروعة وفق الشروط السابقة. وكل ذلك يتم في ظل الالتزام الدقيق بالسلوك العادل في الحرب، وإلا لا تعود عادلة، رغم أن بعض الأخطاء لا تسمح بالاستنتاج بأن السلوك لم يعد عادلاً، شرط توافر النية الصالحة.

اقرأ أيضاً: هيثم منّاع يشرح في كتابه عن «الأوجالانيّة… البناء الإيديولوجي والممارسة»

أما الحرب في غير حالة الدفاع عن النفس، فشرطها الأساس موثوقية وقدرة السلطة القائمة بالحرب، ولا يتوافر هذان الشرطان، ولا سيما الثاني، في مؤسسة مجلس الأمن الراهنة. لكن، ومن خلال منهج سين، ونتيجة عدم توافر البديل، فإنه يجب العمل من أجل تصويب أداء المجلس بالاستفادة من الفرص التي تتيحها عولمة الاتصال، إلى حين توافر ظروف تغير النظام الدولي كما هو الآن.
إذا أريد لقواعد القانون الدولي العام، وبالذات قانون النزاعات المسلحة، أن توافق معايير العدالة في الحرب، فجيب أولاً العمل لإنتاج بنية قانونية جديدة وتحديث قواعد القانون الدولي الإنساني بما ينساب التطور الكبير في وسائل القتل والدمار. وينبغي أن تشتمل هذه البنية القانونية الجديدة على قواعد للحروب الجوية والبحرية والصاروخية وأسلحة الدمار الشامل والحروب الالكترونية والحرب النفسية والإرهاب والحرب الاستباقية وغيرها. بدون هذه القواعد، ستبقى قواعد الحرب قاصرة عن ملاقاة معايير العدالة.

السابق
الوليد بن طلال لم يخضع للتهديدات فنُقل الى سجن الحائر
التالي
بريطانيا على خطى أميركا لادراج حزب الله على لائحة الارهاب