انتصار محور المقاومة وفاجعة العرب

العرب والفشل الذي يحال دائماً إلى المؤامرات الكونية..

تصدير الثورة الإسلامية في إيران إلى العرب بعد نحو أربعة عقود خلاصته: شرخ مذهبي غير مسبوق، سلب غربي وروسي لثروات المنطقة وارتهان غير معهود لهذا الخارج، تخلّف ثقافي وفكري ساهم في تلميع الديكتاتوريات، غياب أيّ مشروع نهضوي جامع سواء كان عربياً أو إسلامياً جامعاً للمنطقة، تراجع العداء لإسرائيل في موازاة بروز همجية الحروب الأهلية والمذهبية، طغيان العصبيات المذهبية والدينية وانكفاء العقل النقدي والسجال الفكري والسياسي. خواء المقترح الثوري الإيراني حيال الإجابة على سؤال الدولة في محيط إيران والرؤية الواضحة للعلاقة معها، وتلطيه خلف مصطلح المقاومة الفضفاض. شعار لا شرقية ولا غربية دولة إسلامية، انتهى لعكسه تماماً وانتهى لسقوط مقولة الدولة الإسلامية حتى من أدبيات الثورة الإيرانية تجاه الخارج.

المقاومة التي تعلن إيران انتصارها في العراق وسوريا هذه الأيام، هي الهزيمة الفعلية والحضارية هزيمة المشروع النهضوي بكل أبعاده الوطنية أو القومية أو الإسلامية، لحساب التقاتل الأهلي والمذهبي. الخلاصة كارثية، فإذا كان عنوان انهيار المشروع القومي العربي هي هزيمة العام 1967، واحتلال أراضٍ عربية جديدة، فإنّ تصدير الثورة الإسلامية الذي اعتمدته إيران لمواجهة الاستكبار العالمي في المنطقة العربية، كانت خلاصته تدمير الدول العربية وتصدع المجتمعات الوطنية، ونهب الثروات الوطنية.

ربما سيخرج من يقول أنّ السبب المؤامرات الغربية… وهذا صحيح لكن أنتم قلتم أنّكم ستواجهون هذه المؤامرات التي سبقكم أصحاب المشروع القومي العربي في تحميلها أسباب فشلهم وانكفائهم… المؤامرة ليست فكرة جديدة ولا حدث مفاجىء بل تصدير الثورة الإسلامية كان بهدف مواجهة المؤامرة.. فهل يعقل أن نعود ونحيل الفشل إلى المؤامرة الكونية؟

اقرأ أيضاً: شكراً لقائد الحرس الثوري الايراني

المؤامرة هي في الفشل وفي الخواء الحضاري في الاستعلاء والاستكبار في ادعاء امتلاك الحقيقة، في الاستهانة بالأوطان والدولة، في الإعلاء من شأن الإيديولوجيا المدمرة، في إسلامكم (ولا أقول الاسلام) الذي بشرتم به وروجتم له فلم ينتج وحدة بل انقساماً، لم ينتج رحابة بل عصبيات متقابلة، لم ينتج مبدعين بل أنتج انتحاريين.

إسلامكم هذا لم ينتج نموذجاً يحتذى في الحكم في الإدارة في الأخلاق في التنمية في السماحة في الإقتصاد في الدستور…تجارة الدين كانت أشّد على الناس وأقسى من تجار السياسة باسم القومية العربية التي بشرتم بسقوطها وقلتم الإسلام هو الحل.. هذا إسلامكم الذي حلّ الدول وقسم الشعوب وفخخ المجتمعات وحول المذاهب إلى أحزاب تقاتل بسيف الله.

إقرأ أيضاً: النأي بالنفس قرار إيراني؟

 

هنيئاً لمحور إيران انتصاراته فوق ركام العرب دولاً ومجتمعات. انتصرت المقاومة ومحورها بربكم إذاً كيف يمكن أن يكون انتصار مشروع اسرائيل أو “الاستكبار العالمي” في منطقتنا العربية؟ هل يمكن أن يكون أكثر من حصيلة هذا الركام العربي.

السابق
توقيف مصطفى سبيتي بعد إساءته للسيدة مريم العذراء!
التالي
نداء الدولة والمواطنة واللعب في ملعب الخصم