زلزال استقالة الحريري يثير عاصفة تساؤلات حول مستقبل الحكومة

لم يحمل اليوم الثاني على استقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض، والتي هزّت الوسطَ السياسي وفاجأته، أيَّ مؤشّرات جديدة على طبيعتها وظروفها وأسبابِ توقيتها، ويبقى السؤال الكبير: ماذا بعد الاستقالة؟ مواقفُ القوى السياسية في لبنان، المؤثّرة على الوضع الأمني، تعاطت مع هذه الاستقالة بحذرٍ شديد، فيما أكّد بيان لحاكِم مصرف لبنان رياض سلامة ثباتَ النقدِ اللبناني وطمأنَ إلى وضعِ الليرة.

احدثت استقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة ارتجاجات سياسية كبيرة، تكاد تلامس بقوتها الزلزال السياسي، الذي من شأنه ان يُعيد ترتيب الوقائع السياسية في لبنان، وسط احتدام المواجهة العربية – الإيرانية، والمواجهة الأميركية – الإيرانية.

كشَفت مصادر قريبة من الرئيس الحريري لـ “الجمهورية” أنّ المعلومات عن محاولة اغتياله أتت من جهة خارجية موثوقٍ بها، وهذا ما يفسّر نفيَ عددٍ من الأجهزة الأمنية اللبنانية امتلاكَها أيّ معلومة في هذا الصَدد.”

وعلمت “الجمهورية” أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري كانا قد اتّفقا على اللقاء في مصر أمس، وأنّ الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي كان قد حدَّد موعداً للحريري في نهاية الأسبوع، إلّا أنّ اتّصالاً ورَد إلى مكتب السيسي معتذِراً عن عدمِ تمكّنِ الحريري من الحضور، ما زاد مِن الغموض والتساؤلات. وذكرَت المصادر أنّ الحريري في صحّة جيّدة وقد تواصَل السبت مع بعض القريبين منه ولكنّه لا يدري متى تسنَح الظروف لعودته.

إقرأ ايضًا: استقالة الحريري: من «ربط نزاع» إلى فرض قواعد اشتباك

وعن موعد عودته قالت المصادر لـ”الجمهورية”: “قبل أن يكون هناك محاولة اغتيال لم يكن أحد يُعلن عن تحرّكاته، فهل تريدون اليوم بعد انكشاف محاولةٍ لاغتياله أن يفعل ذلك، ويعلنَ موعد عودتِه”؟

ووصَفت مصادر “المستقبل” الكلامَ عن وجود الحريري في الإقامة الجبرية بأنّه إشاعات، وأكّدت أنّ كلّ ما يقال لا أساس له من الصحة.

وعن نفيِ شعبةِ المعلومات والجيش والامن العام وجودَ أيّ مخطط لوقوع عمليات اغتيال، أجابَت المصادر:”الأجهزة تنفي أن تكون هي مصدر المعلومات، ما يَعني أنّ كشفَ مخططِ اغتيال الرئيس الحريري مصدرُه أجهزة غير لبنانية”.

لكنّ الحريري، وفي أوّلِ إطلالةٍ له بعد إعلان استقالته، نشَر مساء أمس صورةً عبر “تويتر” مع السفير السعودي وليد اليعقوب”.

وقد رأت “الشرق الاوسط” أن  الإجراء المفاجئ من سعد الحريري أربك الحسبة الإيرانية، خصوصاً أن مستشار المرشد خامنئي الموثوق، علي ولايتي، كان في بيروت قبل أيام يحتفل بالهيمنة الإيرانية على لبنان والنصر في سوريا، كما قال، والمضحك المبكي أن المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، قال وهو مغتاظ من استقالة الحريري، إن ولايتي قال من لبنان إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية حريصة على “وحدة واستقلال لبنان”!

تدخلات وعبث إيران بالدول العربية ليست سراً ولا تحليلاً، بل واقع مرئي ملموس، لدرجة أن “حمامة السلام” رئيس الجمهورية حسن روحاني قال بالنص مؤخراً: لا يمكن في الوقت الحاضر اتخاذ إجراء حاسم في العراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج من دون إيران”. وهو التصريح الذي استدعى في حينه ردّاً من سعد الحريري نفسه.

وتساءلت “الشرق الأوسط” هل حانت لحظة المواجهة الكبرى مع النظام الإيراني، والبداية من خلال أداته الأولى عربياً، “حزب الله” اللبناني؟ ونسخته اليمنية، جماعة الحوثي؟
نحن أمام لحظات تاريخية فاصلة.

ولفتت “المستقبل” إلى أنه ما “استرعى الانتباه زيارة القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية وليد البخاري إلى دار الفتوى حيث أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بعد اللقاء أنّ “استقالة الرئيس الحريري شكلت صدمة ولم تأتِ من فراغ”، مضيفاً: “نحن نؤيده وندعمه ونتفهم هذه الاستقالة وينبغي أن نعالجها بالروية والحوار”، مع تشديده على كون “السعودية حريصة على أمن واستقرار لبنان”.

أما في “بيت الوسط”، فبرز انعقاد كتلة “المستقبل” النيابية في اجتماع استثنائي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة أعربت في ختامه عن دعم وتأييد موقف الاستقالة الذي اتخذه الرئيس الحريري “.

وتوقفت “اللواء” على نشاط بعبدا حيث واصلت مصادر رئاسة الجمهورية رفضها لليوم الثاني، التعليق على موضوع الاستقالة، بانتظار الاطلاع منه شخصياً على ظروف الاستقالة، لتبني على الشيء مقتضاه.
وفهم من المصادر نفسها ان أي كلام آخر لا يقع الا من باب التكهن، وانه في انتظار تبيان حقيقة الأمور لن يصدر بيان قبول الاستقالة أو رفضها، ولا بيان استشارات التكليف.

وأفادت هذه المصادر انه منذ شيوع نبأ الاستقالة لم تهدأ اجتماعات الرئيس عون التي انعقدت بعيداً عن الأضواء بهدف التشاور لتقرير ما يمكن عمله فيما كان البارز التروي في إطلاق المواقف.

وعلمت “اللواء” ان هناك اجتماعات سيترأسها الرئيس عون اليوم تباعاً، وتصب كلها في الإطار عينه, ويعقد اجتماع أمني موسع برئاسة الرئيس عون في قصر بعبدا، يحضره قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الأجهزة الأمنية للتباحث في التنسيق واتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية لبنان من أي اهتزازات.

إقرأ ايضًا: لماذا العزل والاعتقالات في السعودية بعد استقالة الحريري؟

وتطرقت “الحياة”  إلى  خطاب الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء أمس الذي استغرب إعلان الحريري الاستقالة من الرياض. ورأى أن استقالته أوجدت قلقاً في لبنان وجاءت مفاجأة للبنانيين، ونحن في الحزب نقول: لم نكن نتمنى أن تحصل وأن يستمر على رأس الحكومة إلى حين إجراء الانتخابات النيابية.

ودعا نصرالله أيضاً إلى عدم العودة الى المناخات السابقة من تحريض مذهبي وطائفي، ورأى أن هناك ضرورة لابتعاد الجميع عن استخدام الشارع لأنه لن يؤدي إلى نتيجة، وشدد على الإبقاء على قنوات الاتصال للتعاطي مع المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية والرئيس نبيه بري يتواصلان منذ اللحظة الأولى مع الجميع وبشكل هادئ “ريثما يعود الحريري يوم الخميس المقبل إلى بيروت” لنبني على الشيء مقتضاه

السابق
تصعيد الحريري قوبل بتهدئة من نصرالله: السيد يتجاهل الأزمة ويُهادن المملكة!
التالي
برّي يؤكّد الكلام حول زيارته لمصر ولقائه السيسي غير دقيق