تصعيد الحريري قوبل بتهدئة من نصرالله: السيد يتجاهل الأزمة ويُهادن المملكة!

حسن نصرالله
خطاب "ناري" للرئيس سعد الحريري يقابله خطاب "هادئ" للسيد حسن نصرالله، فما هي هواجس أمين عام حزب الله؟ ولماذا ابتعد عن التصعيد؟

لم تتأثر اللهجة التي اعتمدها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب اليوم الأحد 5 تشرين الثاني بإعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من الحكومة اللبنانية من الرياض، ولا بالخطاب القاسي الذي وجهه الحريري في تسجيل بثته قناة العربية لكل من حزب الله وخلفه إيران والذي وصل إلى حد التهديد بقطع الأيدي. بل على العكس كانت نبرة السيد بعيدة عن التصعيد المعتاد وهادئة تماماً كما كان مضمون الخطاب أقل انفعالاً، فلم يهاجم الحريري ولم يرفع إصبعه ولم يشتم المملكة العربية السعودية كما سادت التوقعات ليحصر كلمته في تفنيد واقع الحريري والرد على الشائعات التي تمّ تداولها منذ أُعلنت الاستقالة.

السيد نصرالله الذي شكك في كلمته اليوم إن كان الحريري هو الذي اتخذ قرار الاستقالة، ليعتبر أنّ السؤال المطروح عن وضعه في الإقامة الجبرية مشروعاً، تجنّب النقاش السياسي في النص الذي تلاه الرئيس الحريري مرجئاً إياه للمرحلة التي تلي توضيح المواقف وخلفيتها.

في هذا السياق رأى الصحافي والمحلل السياسي راشد فايد في حديث لـ”جنوبية” أنّ “الخطاب هادئ لأنّ السيد حسن نصرالله قد تجاهل الموضوع الأساسي وهو استخدام التسوية لتمرير الهيمنة، فلم يجاوب على السبب العميق للاستقالة والذي هو استمراره في نهجه ذاته من جهة ومن جهة ثانية تحكمه في مفاصل الدولة، والأهم أنّه يتجاهل الكلام الإيراني عن الإمساك بلبنان عبر حزب الله. ولذلك الخطاب هادئ لأنّه يتحدث عمّا ليس مطروحاً للنقاش وهو استمرار هذه التسوية”.

وفيما يتعلق بعدم تهجم نصرالله على المملكة العربية السعودية كما أكّدت التوقعات، علّق فايد “هو يُدرك أنّهم واقفين على حفّة المهوار وأنّ من مصلحته لملمة الامور، ومحاولة دعوة الفريق الآخر لتجديد التسوية ولذلك هو لا يصعد وهذا ليس كرماً منه فالوضع دقيق جداً وهو يعلم أنّه لا عودة إلى 7 أيار ولا عودة إلى القمصان السود لأنّ المعطيات مختلفة حالياً والموقف الدولي من إيران يشمله قبل إيران”.

وعند سؤاله حول تأثر السيد حسن نصرالله بالشائعات المتداولة حول الرئيس سعد الحريري و وضعه في الإقامة الجبرية، اعتبر فايد أنّ “السيد حسن له مصلحة في ترويج هذا الكلام لأنّ هذا الترويج يجنبه الخوض في المشكلة الأساسية وهي متى سيصبح حزب الله طرفاً سياسياً لبنانياً لا أداة إيرانية للقتال في سوريا أو العراق أو اليمن أو في أي مكان آخر”.

إقرأ أيضاً: لماذا العزل والاعتقالات في السعودية بعد استقالة الحريري؟

من جانبه أكّد الصحافي والمحلل السياسي مصطفى فحص لموقع “جنوبية” أنّ “من كان يتوقع أن يكون خطاب السيد حسن نصرالله تصعيدياً هو لا يقرأ المرحلة بدقة، بينما السيد حسن لديه هذه القدرة وهو متمرس في السياسة وفي الدفاع عن وجهة نظره وموقفه، وتوجيه الأهداف إلى النقاط التي يريدها ولذلك جاء خطابه هادئاً”.

مضيفاً “ولكن هذا الهدوء لا يعني أنّ موقف السيد حسن في المستقبل سيكون هادئاً هو كعادته أراد أن يعطيَ مهلاً، وأن يذهب إلى نقطة نستطيع أن نصفها بتمييع الاستقالة، بمعنى الصفعة التي تلقتها الطبقة السياسية اللبنانية باستقالة الحريري يحاول السيد حسن احتوائها من خلال تمييع الاستقالة”.

ولفت فحص إلى أنّ “التمييع هو بمعنى أنّه يضعها في ضمن إطار إما (وهذا ما نراه من باب المزاح) أنّ الحريري معتقلاً أو موقوفاً وجزء من موقوفي بتهم الفساد وتبييض الأمول وإما أجبر على هذه الاستقالة من أجل سيناريو سعودي مستقبلي تجاه المنطقة ولبنان”.

مصطفى فحص

مشيراً إلى أنّ “الشق الثاني هو الأهم وهو الكلام الذي لم يتطرق إليه السيد حسن مباشرة أو باستفاضة اليوم ولاحقاً سيتحدث عنه، وهو أنّ الاستقالة في إطار المواجهة فمع بداية المواجهة بعد حجم الشائعات في البلد كان مضطراً فيها أن يخاطب جمهوره، وهو طمأن الجميع على حجم ما يسميه السيد حسن بتوازن الرعب مع اسرائيل وطمأن المجتمع الدولي حول الاستقرار الأمني والسياسي في البلد، ومنن أنّ خصومه في الرياض لا يستطيعون مواجهته لأنّ التجربة السابقة أثبتت عدم قدرة أيّ طرف على كسر حزب الله”.

إقرأ أيضاً: استقالة الحريري: من «ربط نزاع» إلى فرض قواعد اشتباك

ورأى فحص أنّ “هذا الخطاب أصاب النقاط التي يريدها السيد نصرالله، أهمها غير موضوع الحريري هو تعبئة شارعه، تبديد المخاوف وإعطاء جرعة من القوة والعودة للكلام عن توازن الرعب، وهذا لا يخفي أننا أمام حقيقتين إما أنّه هدوء ما قبل العاصفة وإمّا أنّ المشهد الإقليمي وخطورته وصعوبته تضع السيد حسن نصرالله في هذه الظروف بأن يكون هادئاً ويحاول الالتفاف على الأزمات لأن أيّ مغامرة غير محسوبة في المنطقة لا أحد يستطيع أن يتكهن نتائجها”.

السابق
السبهان يغرّد: لبنان بعد الاستقالة لن يكون ابدا كما قبلها!
التالي
زلزال استقالة الحريري يثير عاصفة تساؤلات حول مستقبل الحكومة