حي السلم: مسرحية القداسة وما تحتها

ثمة بعض من ردود على ما يحدث، يذهب اما باتجاه مفاضلة بين حزب الله وشاتميه واما بالقول ليذهب الاثنين الى جهنم.

ماذا حدث في تونس، هل كان البوعزيزي شرارة الربيع العربي، سوى خارج عن القانون، صودرت عربة خضرته فحرق نفسه. من ينظر الى الحدث كمفاضلة بين فريقين؛ واحد كبير هو حزب الله الخارج عن الدولة وكل وقوانينها وسيادتها، واخر عائلة مخالف تعدى على املاك البلدية ويريد الاحتفاظ بمخالفته لا يعي حجم المشكلة ولا ابعادها.
التقييم الموضوعي يجب ان لا ينطلق من شماتة بحسن نصرالله بمعزل عن الموقف منه، ولا بغريزة تكره الشيعة بمجملهم، محبي نصرالله وشتاموه او التائبين بعد حين بحضرة سلاحه وماله، ثمة ازمة بنيوية داخل طائفة اساسية في لبنان، ازمة تتمظهر بمناسبات عديدة، تارة تعبر عن حاجتها الى الوحدة فتجعل من الحذاء بابا للملكوت، وطورا تنفجر في وجه النواب، في القرى والبلدات تحت باب مطالب انمائية او في مناسبات اجتماعية كالافراح والاتراح، وثالثة تنفجر شتائم في وجه الثنائية كما جرى في حي السلم فتعري كل عيوب الحزب وموبقاته بلحظة واحدة؛ القتال في سورية ، الشهداء والجرحى والموت المجاني في حروب عبثية، الشبق الجنسي وابتزاز الفقراء في اعراضهم.

إقرأ أيضاً: استهداف الفقراء في حي السلم تجاوز للخطوط الحمر من قبل من؟

ما فعله حزب الله وحركة امل هو صناعة هذه البيئة المأزومة، وكبح انينها واوجاعها بأساليب شتى، مظهر القلعة التي لا تخرق، البنيان المرصوص، القيادة التي لا تناقش بل تلبى اوامرها طاعة للله والحسين معا، متسلحة بخطاب تعبوي فاشي لا يجيد الا التخوين والترهيب والشتيمة. وهو خطاب استبدادي تافه لا يؤسس الا لنفاق معلن بتاييد السلطة فيما الخطاب الحقيقي الذي يعكس القناعات الحقيقية يبقى تحت السطح ويقال في للدوائر الضيقة
المأساة الكبرى ان صناع هذه الدراما اي الممثلون الاساسيون والكومبارس يعرفون انهم في مسرحية تمثيل تراجيدي كوميدية، تلعب بتوظيفات انية سياسية وليس فيها من القداسة الا بعض كلمات جوفاء، المأساة ان باقي القوى السياسية في لبنان و المرجعيات الطائفية الأخرى استساغت تصديق هذه المسرحية والتصرف كأنها حقيقة دائمة راسخة، تارة لعجزها وتارة لخوفها وثالثة بوهم اقتسام المغانم مع ثنائية طائفية شيعية تجعل بقية اللبنانيين يسبحون بحمد مرجعياتهم الاقل سوءا من امراء الشيعة.

إقرأ أيضاً: قراءة في مشهد حي السلم: صرخة الأبناء ضد تخلّي الأب

مسرحية القداسة هذه ، تخفي تحتها مجموعة مصالح غير مشروعة، بعضها سياسي يتجاوز الوطنية اللبنانية واخرى محاصصة طائفية لحيازة اكبر حصة من كعكة موارد وأموال الدولة اللبنانية، وثالثة كتنفيعات فساد مافوية تبدا من استباحة مرافق الدولة واملاكها وموازنات التغطية الاجتماعية والصحية والاسكانية واموال التنمية والبلديات وتنتهي الى نهب البيئة وشفط الرمول والكسارات وتبييض الاموال وتجارة المخدرات، اهم ما انجزته الشيعية السياسية متفوقة على نظيراتها من الطائفيات الاخرى انها جعلت الخروج عن القانون ثقافة سائدة ونمط عيش داخل بيئتها، الدولة التي تعني تنفيذ القانون هي جسم غريب في عقل حزب الله وبيئته، ولقد كان مثيرا لبركان غضب تفجر على شاشات التلفزة ان يأتي صانع هذه الثقافة وهذا النمط، ثقافة ونمط عيش “الخروج عن القانون” أن ياتي على حصان تنفيذ القانون وحفظ املاك الدولة، وحدهم التطهريون سذج الثورية الكتبية صدقوا انحياز حزب الله المستجد الى الدولة والقانون ، الفقراء جمهور حزب الله خرج من التورية والمراءات وخطاب النفاق الى محاكمة حقيقية، صمت عنها طويلا حين بادل ولاءه النفاقي المعلن باقتسام غلة الخروج عن الدولة وقانونها.

السابق
«غبرة صباط السيد» لم تشفع لـ«الجديد»
التالي
علي الأمين: البيئة الشيعية ترى في حزب الله السلطة وعلى الحزب أن يدرس خطورة أحداث حي السلم