زيارة الملك سلمان الى روسيا: لبحث الاعمار ومصير النظام في سوريا

ما سرّ التقارب الروسي –السعودي؟ وكيف ستنعكس نتائج هذا اللقاء التاريخي على سوريا ومحور الممانعه؟ وهل ايران هي المستهدفة من نتائج هذا اللقاء؟

تعتبر زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا بدعوة مقدمة من الرئيس فلاديمير بوتين الحدث الأبرز دوليا وإقليميا.

وقد طالب الملك السعودي وخلال انطلاق أعمال القمة السعودية الروسية في موسكو اليوم، بتكثيف الجهود لمكافحة التطرف والإرهاب وتجفيف منابع تمويله، مشيرا إلى تطلعه لتعزيز العلاقات مع روسيا لخدمة الاستقرار العالمي. مؤكدا على ضرورة إنهاء الأزمة السورية وفق بيان  جنيف 1 والقرار الدولي 2254.  كما وقد أعرب بوتين، عن تقديره للزيارة التاريخية من قبل الملك السعودى ، كما وافق على دعوة الأخير لزيارة الرياض. وأكدّ بوتين أن زيارة الملك السعودي معلم بارز فى تاريخ العلاقات بين البلدين.

إقرأ ايضًا: زيارة الملك سلمان الى روسيا: من تطبيع الى تحالف استراتيجي

فما سرّ  التقارب المفاجىء بين موسكو والرياض؟ وكيف ستنعكس نتائج هذا اللقاء التاريخي على سوريا والمحور الذي تنضم له؟ وكيف ستتفادى ايران نتائج هذا اللقاء؟

في هذا السياق، تحدثت جنوبية” مع الخبير في الشأن الروسي الدكتور خالد العزي الذي قال إن “العلاقة بين روسيا والسعودية ليست جديدة لكن هذه الزيارة لها طابع خاص  لكونها الزيارة الأولى لملك سعودي لروسيا، وهذا ما يفسر الترحيب المميّز في الإعلام، الذي يشكّل نوع من الدعاية الروسية لجهة أنها تملك علاقة جيّدة مع قمة الهرم الإسلامي السني. كما ويعتبر هذا التصرف تطمين للعالم  الإسلامي بشكل عام وللمسلمين الروس بشكل خاص. سيما أن روسيا تدخلت بالحرب السورية ورجحت كفة الرئيس بشار الاسد على فصائل المعارضة”.

ولفت أن “الروس يحاولون إظهار أنهم يمتلكون علاقات جيّدة مع كل الناس بما فيهم السعوديين والعالم الإسلامي السني لكن فائدة  الزيارة بالنسبة للروس هي محاولة لإنتزاع تغطية سعودية لما تقوم به  في سوريا من دعمٍ للنظام، لتفعّل بذلك دورها مع غطاء شرعي من زعيمة العالم العربي السني، لأنه بعد مضي سنتين من الوجود الروسي في سوريا وإعتمادها على الحليف الإيراني والسوري تبيّن لها أن هاتين الدولتين غير قادرتين على إدارة الأزمة السورية بدون شراكة عربية الموجودة لدى السعودية نظرا لثقلها السياسي والمالي والديني”.

ورأى العزي أن “الروس اليوم يحاولون إعتماد قاعدة محاولة إنهاء الأزمة السورية بتعزيز دورهم ونفوذهم، سيما بعد تجربة روسيا في سورية التي تعتبر فاشلة كونها نفذت 3 الاف غارة جوية بحجة ضرب “داعش”، إلا أنه في الواقع  كان يتم إستهداف البنى التحتية وتهجير الشعب السوري وقتل الأبرياء، وبالتالي إستطاع الروس أن يفرضوا نوع من الإنتكاسة على الثورة لكنّهم لم يستطيعوا القضاء عليها”.

فتظهر روسيا إن مشكلتها في سوريا تتمثل بإعادة النفوذ لدورها المفقود عالميا   لكنه في الواقع غطاء لأزمة روسيا في منطقة أوكرانيا حيث يحاول الروسي عادةً رفع ملف مقابل ملف.بحسب العزي، “وبالتالي هذا الملف موجود لدى الأميركيين، فعندما بدأ الروس فرض مناطق منزوعة السلاح كانت بتوافق أمريكي وكان الشرط الأساس تحجيم ولجم الدور الإيراني، وفعليا هذا الدور بدء يتقلّص وبدءت روسيا تظهر أنها سيّدة الموقف وأنهم لم يدخلوا إلى سوريا لدعم الأسد من خلال تحالفهم مع ثنائية شيعي  ضد ثنائية سنية إنما لمصلحة وطنية لإعادة إقامة دولة سوريا سوف يفرضوها”.

 

ولكن ماذا في الزيارة من أسرار؟

قال العزي إن كل “ما يقال في العلن عن تغيير السعودية موقفها من سوريا مجرد إشاعات، فالسعوديون يمارسون دبلوماسية ملكية – دينية مرنة ولكنها صلبة. فالموقف من سوريا ثابت بعدم إبقاء الوضع كما عليه، لأن الجميع مقتنع حتى روسيا أن الأسد لا يمكنه إدارة سوريا في المرحلة المقبلة. والروس فهموا أن الحسم العسكري في سوريا غير ممكن، وبالتالي الإتكال على إيران والميليشيات يزيد من تعقيد الأمور. وقد إتخذت روسيا من معركة حلب قرار التسوية السياسية التي تؤمن لها دورا سياسيا في المنطقة محميا من الدول العربية وتحديدا من الخليج “.

وتابع إن “روسيا لمست حاجة إقتصادية للسعودية عندما أقدمت الأخيرة على خفض إستخراج النفطـ ، حيث فهم آنذاك الروس أن المملكة لها قدرة إقتصادية تستطيع من خلاله أن تغير بالوضع الإقتصادي الذي يؤثر على وضع روسيا التي تعاني من حصار. سيما مع رفض حليفتها إيران آنذاك من خفض إنتاج النفط لمصلحتها”.

وقال العزي ” إن الزيارة تجري تحت عنوانين ضدّ الإرهاب وضد التفرّد الإيراني في المنطقة من جهة،  ومن جهة أخرى لإجاد حل عادل للقضية الفلسطينية في حال وافق الإسرائيليون على حل الدولتين”.

فالنقطتان اللتان يتم التركيز عليهما في اللقاء، أوّلا أنها تأتي إستكمالا للموقف الروسي مع ماكرون لحل الأزمة السورية  القاضية بوقف القتال وإعادة إحياء العملية السياسية وإعادة إعمار سوريا”. وتابع  “أخيرا المطلوب من السعودية إعادة الإعمار، سيما أن روسيا لا تستطيع القيام بهذا الأمر”.

 

إقرأ ايضًا: ماذا تريد روسيا من سوريا ومن الشرق الأوسط؟

ولفت ” لكن من يريد الإعمار  له مطالب وشروط ، فالروس يحاولون وضع شروطهم القادمة التي تتضمن تشكيل الحكومة السورية من المعارضة فقط وليس من طرفي النزاع كما هيكلة الجيش من المعارضة والجيش الباقي، إضافة إلى القضاء على داعش ونشر مناطق التوتر بما فيها مناطق الأكراد.  ومن ثم إبقاء فترة الأسد حتى تتم الإنتخابات ووضع الدستور، لكن الروس يريدون لتنفيذ هذه الشروط المبادرة فورا بالإعمار لأن الإعمار يبين نجاح المبادرة السياسية”.

وخلص العزي “وهذا هو سبب الخلاف الفعلي بين الروس والاوروبيين الذي يرفضون البدء بالإعمار قبل البدء بالعملية السياسية. لذا يحاول الروس تقديم تنازلات للسعوديين لإدخالهم بعملية التغيير للوقوف إلى صفهم بالبدء بالإعمار على أن تمر شاحنات المساعدات السعودية  عن طريق مرفأ طرابلس وعكار، وبالتالي يكون الضامن هو الشركات السعودية واللبنانية”.  وتابع “أن هذا الشيئ  لن يتم لأن الموقف السعودي سيكون مهما لجهة إعطاء إمتيازات للمعارضة السورية إذ ستضع المملكة شرطا أساسيا عدا وقف القتل، وهو أن تكون المعارضة قوية كي لا تتفكك سوريا ولكي تكون بمواجهة النفوذ الإيراني الموجود في سوريا، وبالتالي يكون رحيل الأسد عاجلا أم آجلا. لافتا إلى أن الروس غير متمسكين بالأسد إلا أنهم يبقون عليه كورقة تفاوض لآخر لحظة”.

السابق
الاستفتاء بين الارتباك الكردي والمفتاح النجفي
التالي
سلسلة الرتب والرواتب إلى الحلّ؟