ما حقيقة الصفقة التي أنهت المخاض العسير للتشكيلات القضائية؟

القضاء
نجح مجلس القضاء الأعلى في إنجاز مشروع التشكيلات القضائية بعد أشهر من المماطلة والتعطيل.

إنتهت أزمة  التشكيلات القضائية المعطلة منذ مُـدّة، إذ وضعت التشكيلات القضائية في مجلس القضاء الاعلى، وتسلمها امس وزير العدل سليم جريصاتي. وستأخذ طريقها الى صيغة مرسوم جوال يوقعه الى جريصاتي وزيرا المال علي حسن خليل والدفاع يعقوب الصراف ثم رئيس الوزراء فرئيس الجمهورية ميشال عون خلال اليومين المقبلين، وفق المعطيات المتوافرة لدى “النهار”، ليبدأ القضاة عملهم في مواقعهم الجديدة.

وصرح الوزير جريصاتي لـ”النهار” بان “ركيزة هذه المناقلات الواسعة هي تطبيق مبدأ المداورة في القضاءين الواقف والجالس بنسبة عالية ومعايير ثابتة. وهذا كان هدفي منذ تسلمي مهماتي في وزارة العدل، لاعادة الحيوية الى الجسم القضائي”. وأعتبر أنه نجح في اقتراحها على مجلس القضاء منذ بداية ولايته، ووافق عليها بتعهد خطي منه حينذاك باعتمادها، وطبّقها”. وأوضح جريصاتي أن المناقلات عامة وشملت 420 قاضيا ” وهي اوسع مروحة تشكيلات صدرت منذ عام 2003 لانها اعتمدت المداورة في النيابات العامة وقضاة التحقيق ورؤساء المحاكم “.

إقرأ ايضًا: بالأسماء: التشكيلات القضائية الجديدة

ومن التشكيلات البارزة اعتماد القاضي روكز رزق لرئاسة غرفة في محكمة التمييز، وبقاء قضاة في مراكزهم، هم الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف في الشمال رضا رعد وفي الجنوب القاضية رلى جدايل والنائب العام الاستئنافي في الجنوب رهيف رمضان، وقاضي التحقيق العسكري الاول رياض أبو غيدا، والمحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان سامر غانم، فيما عُين القضاة اسعد جدعون رئيساً أول لمحكمة الاستئناف في النبطية، ورجا خوري للمحكمة عينها في جبل لبنان، ومدير معهد الدروس القضائية القاضي سهيل عبود في بيروت، وفي مركز مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، والمدعي العام الاستئنافي القاضية غادة ابو علوان في النبطية، وغادة عون في جبل لبنان خلفا للقاضي كلود كرم الذي عين رئيسا لغرفة في محكمة التمييز، وفي مركز قاضي التحقيق الاول في الشمال سمرندا نصار.

 

أما  “الديار” فلفتت إلى القوى السياسية في 8 و14 آذار، وحلفاء الطرفين، محتارون في اعطاء تفسير للتوافق الذي أسقط بلحظات كل تحفظات سعد الحريري على التشكيلات القضائية وعلى القاضي بيتر جرمانوس، وملاحظات تيار المستقبل عليه، والتنازل عن حفظ دور القاضي صقر صقر، واعلنت التشكيلات بعد زيارة وزير العدل سليم جريصاتي والقاضي جرمانوس الى الرئيس الحريري، وقد “هندس” التسوية الوزير جبران باسيل ونادر الحريري باتصالات مكثفة، رغم ان التشكيلات في جزء منها جيدة، لكن اعترتها مخالفات عديدة وتحفظات من القوات اللبنانية وعدد من القوى السياسية.

وذكرت اوساط سياسية لـ “الديار” ، أنه من خلال معلومات تداولها نواب وقادة آخرون، ان مسؤولين في الحكم تدخلوا في التشكيلات القضائية، وهذا يؤثر على استقلالة القضاء، وامتياز لبنان قائم على مؤسسات سواء في رئاسة الجمهورية والسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية المستقلة، وعندما تتدخل السياسة في التشكيلات القضائية فانها تضرب استقلالية القضاء، مع العلم ان قضاة نزيهين جداً جاءت بهم التشكيلات الى مراكز هامة، لكن هناك ثغرات في التشكيلات القضائية جاءت جراء التدخلات السياسية، وهذا يؤثر على دولة المؤسسات والقانون.

إلى ذلك، أشارت “الأخبار” إلى انقسام القضاة حيال التشكيلات المنجزة. بين مشيدٍ بها ومستنكرٍ لما أفرزته. القسم الأولى تحدّث عن إنجاز حققه مجلس القضاء الأعلى بالخروج بهذه التشكيلات، سواء كمّاً أو نوعاً. فقد عُيّن قضاة مشهود لهم بنظافة الكف والتفوّق. ومن هؤلاء القاضي يحيى غبّورة الذي كان طليع دورته في معهد الدروس القضائية. كذلك أُشيد بإعادة الاعتبار إلى القاضي جوني القزي، صاحب حكم الجنسية الشهير، والذي عُيّن رئيساً لمحكمة الاستئناف في بيروت، بعدما ظُلِم في التشكيلات الماضية بتعيينه في منصب مستشار في محكمة التمييز. وكان لافتاً تعيين القاضي محمد بدران رئيساً لأول محكمة جنايات في جبل لبنان يرأسها قاضٍ شيعي، وكذلك نقل القاضي رولان الشرتوني، الذي شغل محكمة الأحداث في جبل لبنان ومحكمة جزاء بعبدا ومستشار الهيئة الاتهامية في بعبدا، والذي كان ينتظر أن يُعيّن محافظاً، إلى منصب مفوض حكومة معاون في المحكمة العسكرية.

 

إقرأ ايضًا: الجيش القضاء وهيئات الرقابة.. من هنا يبدأ الاصلاح
أما أولى الملاحظات التي جرى تداولها، فتحدّثت عن تشكيل قضاة كُسِرت درجتهم أو أحيلوا على التفتيش القضائي، وتعيينهم في مراكز أعلى، لاعتبارات سياسية. فعلى سبيل المثال، عُيّن قاضٍ كُسرت درجته مدعياً عاماً. كذلك سُجل امتعاض بين القضاة السنة البيارتة من تعيين أربعة قضاة سنة من صيدا وإقليم الخروب في قصر عدل بيروت. إلى ذلك، ورغم أن «مبدأ المداورة» اعتُمد لدى معظم الطوائف في معظم المراكز، إلا أنّ تيار المستقبل، ضربه في جبل لبنان. فقد أُبقي المحامي العام في جبل لبنان القاضي وليد المعلم في مركزه، علماً أن الأخير، وهو صديق مقرب من الأمين العام للتيار أحمد الحريري، موجود في مركزه منذ أكثر من عشر سنوات. كذلك لعبت «الحظوة» دوراً بارزاً في تشكيل القضاة المقرّبين من وزير العدل جريصاتي في مراكز مهمة. وتوقّف آخرون عند ما عدّوه «عقاباً كيدياً» أُنزِل بالقاضي المنفرد الجزائي في بيروت باسم تقي الدين بسبب قرار والده في المجلس الدستوري أحمد تقي الدين الذي وافق على الطعن بقانون الضرائب. وكانت لافتة إزاحة القاضي الياس عيد، صاحب قرار توقيف الضباط الأربعة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، من الهيئة الاتهامية في جبل لبنان إلى منصب استشاري في محكمة التمييز، بعدما بات من المغضوب عليهم لدى فريقي ٨ و ١٤ آذار.

كما  وتحدّث قضاة عن مقايضة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، نال بموجبها الأول مركزاً سنياً في بعبدا مقابل مركزٍ مسيحي للمستقبل في بيروت.
أطراف سياسية وقضائية عدة رأت أنّ مناقلات القضاة ليست سوى «تشكيلات قضائية انتخابية»، مشيرة إلى أنّ الرئيس سعد الحريري وضع ثقله في الشمال، فيما ركّز الرئيس ميشال عون على بعبدا، وبقيت حصّة الأسد للرئيس نبيه بري في الجنوب.

السابق
شيعة خارج الثنائيّ بدأوا مساراً انتخابياً وصوت قويّ آت من البقاع
التالي
الإثنين موعد تقديم التمييز بحكم الأسير