من لم يمت أُعطيَ إذناً بالإنتحار!

لكي تفهم عبارة في نص ما، عليك أن تبدأ محاولاً تصديقها، فالصدر في النّظم لا يُلزمُ بقافيةٍ بعكسِ العجز في آخرِ الشطر، والبديع في اللغة فيه تفخيم للفظ وتعظيم للمعنى من أول مفردة إلى آخر حرف، وكذا الإيمان بالعقل غيره بالسمع و النقل، فالثانية والثالثة تلزم الفرد بتقديم واجب الطاعة للزمن المتبقي وسؤال الغفران للزمن الماضي و نقطة على السطر.

السير للغاية ليس كما القفز مباشرة للنتيجة، والحقيقة ليست كالوهم، ومشكلة المؤمن أنه لا يعتقد بل يجزم أنه على بينةٍ من أمره وأنه مالك الحقيقة وصاحب الحق.

فتحُ المزاد على الشيخ أحمد الأسير لم يُحقق أيُّ نتيجة، لم يَفتح الشيخ شهية المساومين، لم يزايد عليه إلى الحين أي من المتناحرين، لا الإقليميين المعنيين ولا المحليين المقامرين منهم و المغامرين، وعليه و إلى أن تأتي فرصته أو تحين، سيعاد إلى السجن لينتظر ما يقرره المفاوضين الغافلين عنه وال به مستهترين، و إلا وذاك المرجح سيقبع حيث هو بين المتهمين المنسيين.

اقرأ أيضاً: بيّاع الزمان

بالمقابل الرئيس الحريري يلتف على حزب الله المنتشي بالنصر ويقفز مباشرة الى النتيجة بصورة منسجمة مع حقيقة ما تم الإتفاق عليه في آخر معركة من الحرب المنظمة في المنطقة، فإلغاء فرحة فجر الجرود قابله الحريري بطلب دعم الجيش، وبترسيم الحدود بالأزرق أو الأصفر أو الأحمر أو أي لون من الألوان، لقد طالب الشاي الرئيس بأن تغلق المعابر الغير شرعية بالسياج و تُشيّد على طول الحدود نقاط تفتيش وأبراج، و توضع البوابات والأسلاك الشائكة، وليُلزم الداخل والخارج وليلتزم بالحقوق والواجبات ولتختم بعد ذلك الجوازات، فالبلاد كالبيوت لا تُدخل إلا من الأبواب، الشمال كما الجنوب ليس إمتداد لأي كيان ولا هو فلتان، وللصديق حدود مفتوحة بعكس الأعداء، وما حصل في السنوات الأربعة الأخيرة من قبل البعض لهو إنتهاك يطلق عليه إصطلاحاً فعل الهجوم لا الدفاع، ولأجل ذلك يجوز أن يشمل لبنان مع جيرانه في الشمال كما في الجنوب إتفاق ترعاه الأمم متحدة، يعيد الأخوة اللاجئين السوريين كما المقاتلين الللبنانيين إلى بلادهم سالمين معافين آمنين، آملين بأن ينعموا بالأمن والأمان والحرية العفيفة التي حملتهم المطالبة بها إلى قتلها فكانوا كما كارهيها مجرمين.

إن ما قام به أو سعى إليه أو يحاول أن يفعله أو يقدم عليه دولة الرئيس بالنسبة لقائد ثاني أقوى جيش في الشرق الأوسط مشكوك بصحته، يقابل بعلامات التعجب والإستفهام والإستهجان، يستدعي توضيح أو إقرار أو نفي يُدحِض الشك باليقين، وإلا فتقيةٌ مجازةٌ وإستهدافٌ خوفاً من وقوع ضرر أو إضطهاد وشيك ، وهو أمر قد بدأ بالفعل وتُرجم بإستخدام مفرط لأضعف سلاح، لقد انطلقت الألسن كالسهام تعاونها الشفاه تلك الأمضى من الحراب على الراديوهات وعبر شاشات التلفزة والإنترنات، وانزلقت معها عجباً أقلام المعارضين المموهين المسموح لهم بالإنتقاد، أولئك الذين باتوا يكفّرون عن ذنوبهم ويطلبون الرحمة والمغفرة عما ارتكبوه من سابق الأعمال خصوصاً بعدما بان لهم الإنسحاب إنتصار.

خائنٌ إذاً من يهدر دم الشهداء ويغدر بالأشقاء ويثق بأمثال السبهان من الذين لا يجيدون سوى لغة الشتم والسباب ومهمتهم خلق و تربية وإطلاق جماعات تكفيرية كما داعش وإرهابية كما النصرة وفتح الإسلام، ومن اشترى ليس كمن باع، والدم أغلى عملة تداول بين العملات، وكأن حزب الله بقوله هذا يعتدي على نفسه لئلا يحصل اعتداء غريب عليه، لكأن (أوريم) الجلاء و(توميم) الحقيقة قد مُنحت له لكي يتفوق على الكل لتكون السلطة المطلقة بيده، اذ لا يجوز ولا ينبغي( كما يوحي الأمين العام) لأي كان ارتكاب الخطـأ للإفادة من الخلاص، فالخلاص هنا مستحيل يستوجب قوة تفوق بكثير قدرة صاحب المركز الثاني على لائحة الأقوياء.

اقرأ أيضاً: الــنــفـــاق ؟؟؟

حزب الله كما جبهة النصرة ومن بعدهم مساجين العراق والشام و كافة الأفرقاء خضعوا لذات الإتفاق، والبند الوحيد المعروض على ورقة التفاهم الدولية بشأن جبهات القتال في سورية والعراق للتطبيق هو قرار إنسحاب أو إنتقال أو ذوبان من أشرنا إليهم سابقاً في مقدمة هذه الفقرة من هذا المقال. وللإنصاف قد تكون المفاضلة الوحيدة بينهم تكمن في الإنسحاب الذي هو تكتيك عسكري يُعد عند البعض إنتصارا وهو ما اختاره حزب الله ، أما إنتقال النصرة وجيش الفتح فنصف إنهزام لأنه يتم بالغصب لكن بسلام، وحدها داعش سريعة الذوبان سيختفي مقاتلوها أو يسرّحوا بسند إقامة وعند الحاجة سيعاود بهم الإتصال.

 

السابق
حفل تخريج طلاب الجامعة الاسلامية في الوردانية
التالي
مئات الملايين يدفعها الفقراء ثمنا للمياه في الضاحية الجنوبية