صيدا على فوهة بركان التلوث

معمل النفايات صيدا
ما بين الروتين الإداري والرياء السياسي، وعدم تحمل المسؤولية تقبع صيدا على فوهة بركان التلوث البيئي بسبب نفايات المستشفيات والمراكز الصحية الخطرة والمعدية والتي لايعرف مصيرها حتى الآن.

مضى ستة عشر يوماً ومعمل معالجة نفايات المستشفيات والمراكز الصحية في منطقة صيدا متوقف عن جمع النفايات ومعالجتها، بسبب خلاف بين مالك المعمل، بلدية صيدا والمسؤول عن إدارة المعمل، جمعية اركنسيال. وخلال هذه الفترة لا يعرف أحد مصير النفايات الخطرة والمعدية المتولدة من المستشفيات الموقعة عقوداً مع اركنسيال.

اقرأ أيضاً: نفايات صيدا…أيضاً وأيضاً!

وكانت بلدية صيدا وقعت بتاريخ 15 كانون الثاني 2010 اتفاقية مع جمعية اركنسيال، بعد القرار البلدي رقم 25 المتخذ في جلسة المجلس البلدي تاريخ 13 كانون الثاني 2010. تقضي الاتفاقية بأن تقدم البلدية أرض مساحتها 500 م2 مع البنى التحتية وتقدم اركنسيال التجهيزات اللازمة لجمع ومعالجة النفايات، وتتحمل البلدية مسؤولية طمر النفايات التي تمت معالجتها، ومدة الاتفاقية عشر أعوام من تاريخ توقيع الاتفاقية.
يعيش في مدينة صيدا الكبرى أكثر من ربع مليون شخص يستفيدون من الخدمات الطبية التي تقدمها نحو 12 مؤسسة استشفائية و14 مستوصفاً و13 مختبراً بالإضافة إلى عبارات الأسنان حسب ما ورد في نص الاتفاقية الموقعة. لكن عدد المؤسسات الطبية الموقعة مع اركنسيال أقل بكثير من هذا العدد.

ويعود الخلاف بين الطرفين إلى أشهر مضت وتحديداً إلى أوائل شباط 2017، عندما بدأت كميات من النفايات الطبية التي تم معالجتها بالتراكم حول المعمل بعد توقف شركة سوكلين عن العمل والتي كانت تتسلمها من اركنسيال وتطمرها في برج حمود.

خلال شهر آذار 2017 طلبت جمعية اركنسيال من بلدية صيدا تحمل مسؤوليتها حسب البند السادس من الاتفاقية الموقعة بين الطرفين والتي تجعل من البلدية مسؤولة عن طمر النفايات التي تم معالجتها.

وبعد اتصالات عديدة تمت مع وزارة البيئة وبلدية صيدا وجمعية اركنسيال ومجلس الإنماء والإعمار، ولم تصل إلى نتيجة، أرسلت وزارة البيئة كتاباً إلى مجلس الوزراء تطلب أخذ قرار بتكليف مجلس الإنماء والإعمار طمر هذه النفايات في كوستا برافا وذلك خلال شهر نيسان 2017. ولم نصل إلى نتيجة حتى الآن.

هذا ما دفع اركنسيال إلى إبلاغ المستشفيات توقفها عن جمع النفايات ومعالجتها يوم الجمعة 28 تموز 2017، وتلافياً لذلك عقد اجتماع بين البلدية واركنسيال صباح 27 تموز 2017 واتفقا على تأجيل وقف العمل أسبوعاً واحداً تستلم البلدية خلاله النفايات التي يتم معالجتها يومياً وتطمرها بطريقة ما. وخلال هذا الأسبوع تعالج البلدية موضوع النفايات المتراكمة. وقال رئيس البلدية محمد السعودي يومها: سنستلم الكميات الجديدة وقد نلت وعداً من النائب بهية الحريري أنها ستسعى مع رئيس الحكومة سعد الحريري لحل مشكلة النفايات المعالجة سابقاً.

لكن اركنسيال أوقفت العمل يوم الجمعة بتاريخ الرابع من آب 2017، وقال أحد مسؤولي الجمعية: اضطررنا لوقف العمل لأن البلدية لم تلتزم باستلام وطمر النفايات المجمعة سابقاً وقد أبلغنا المستشفيات بذلك.

سعد الحريري بهية الحريري
يوم الثلاثاء 8 آب 2017 اتصلت جنوبية برئيس البلدية السعودي للاطلاع على رأيه لنفاجأ أنه لا علم له بوقف العمل في المعمل المذكور، والطريف في الموضوع أن المجلس البلدي لمدينة صيدا يضم عضوين يعملان في مواقع أساسية في مستشفيين في صيدا وهما إبراهيم الراعي في مستشفى الراعي ووفاء شعيب في مستشفى شعيب. ولم يبادرا إلى إبلاغ رئيس البلدية والمجلس البلدي بتوقف المعمل عن العمل.

منذ الثامن من آب وحتى اللحظة، لم تحل المشكلة، السعودي قال أمس: أبلغني الرئيس السنيورة أن المشكلة قد حلّت، كذلك النائب الحريري تقول أن الرئيس الحريري يتابع الموضوع.

والمشكلة تكمن أن مجلس الإنماء والإعمار يطلب رسالة من رئيس الحكومة لإبلاغ جهاد العرب بنقل النفايات، وكل الاتصالات تدور حول هذه الرسالة والتي يبدو أن مبنى السراي الحكومي يبعد مسافات كونية عن مجلس الإنماء والإعمار.

مصدر في اركنسيال قال: إننا على استعداد لإعادة العمل في المعمل المذكور شرط أن يتحمل كل طرف مسؤوليته حسب الاتفاقية الموقعة معنا.
وعلق الناشط البيئي عبد الرزاق حمود على الموضوع قائلاً: يبدو أن البلدية تتنصل من تحمل المسؤولية حول هذا الموضوع وخصوصاً أن العقد واضح ويحدد مسؤولية كل طرف. كما أن القوى السياسية المعنية لا تمارس دورها في تسهيل عمل إدارة المعمل. إلا أن ذلك لا يعفي اركنسيال من أهمية التعاون لإيجاد الحلول الواقعية.

اقرأ أيضاً: صيدا تتجه إلى كارثة بيئية

وأضاف حمود: المشكلة بعد 16 يوماً من توقف اركنسيال عن العمل، نسأل أين: تذهب نفايات المستشفيات الخطرة والمعدية؟ لا أحد يملك جواباً على ذلك. ماذا يحصل لو سربت هذه المواد إلى معمل المعالجة للنفايات المنزلية وفي هذا الطقس الحار؟ حتماً سيصاب عدد كبير من العمال بأمراض معدية، ويجعل صيدا مسرحاً لإصابات معدية وخطرة.

قبل نحو شهرين وقف رئيس الحكومة سعد الحريري في حفل الإفطار الذي أقامته النائب بهية الحريري خلال رمضان الماضي وأشاد بالوضع البيئي في صيدا ومعالجة النفايات فيها. فهل يتذكر الحريري خطابه ويسرع ويكلف مجلس الإنماء والإعمار بطمر النفايات الطبية؟

السابق
«أبو طلال» توفي و حالة من الهدوء تسود في عين الحلوة
التالي
بدأت الحرب على الشيعة المعارضين… حزب الله خائف من الكلمة