عنتريات في «الجرود» وخروج مهين من جنوب سوريا

حزب الله
بهدوء وبلا ضجيج رضخ فيلق القدس وتوابعه لاتفاق الجنوب السوري وانكفأ في مواجهة اسرائيل، في المقابل ضجيج واكب انطلاق عملية قادها حزب الله للقضاء على حفنة من الجماعات الإسلامية التكفيرية الإرهابية في جرود عرسال فيما الهدوء أيضاً مستمر على طريق القدس.

عنتريات جرود عرسال التي تمارسها جوقة حزب الله والممانعة، ليست عفوية على رغم البروباغندا التي طالما رافقت عمليات تورط حزب الله في سورية، ووهم الانتصارات التي أسقطت المشروع الأميركي الصهيوني التكفيري في سوريا، وعلى رغم شعارات فتح طرق الى القدس من قلب حلب إلى الزبداني وحمص وعلى امتداد الأراضي السورية التي انتصر فيها “المشروع المقاوم” ببقاء الأسد على راس النظام الذي انتهى أصلاً، فمسحت بلدات ومدن ببراميل الأسد وصواريخ بوتين المباركة وجحافل الميليشيات التي قادها قاسم سليماني في سوريا، وللمفارقة هو قائد فيلق القدس الذي لم ينبس ببنت شفة خلال كل الاعتداءات الصهيونية التي طالت المسجد الأقصى والمصلين وأبناء القدس.

اقرأ أيضاً: قتيل أم شهيد؟

عنتريات عرسال التي انطلقت عشية الهجوم على جرود عرسال لإنهاء وجود بضع مئات من المسلحين السوريين وهم محاصرين منذ أكثر من عامين، وليس لديهم أيّة قدرة على التواصل مع خارج الجرود من الناحية العسكرية، هم في منطقة ساقطة عسكرياً منذ زمن بعيد، ولا يخفى على أيّ متابع أنّ أحد أهم أهداف معركة جرود عرسال هو صناعة انتصار عظيم لتسويقه في اللعبة الإقليمية وفي الداخل اللبناني.

على أنّ ما يعزز من هذا الاستنتاج هو الصمت المخجل للممانعة حيال الاتفاق الروسي – الأميركي في الجنوب السوري والذي قام في جوهره على إخراج إيران وميليشياتها من هذه المنطقة، سكت الممانعون وكأنّ على رؤوسهم الطير، لم يعترض أحد، إذ كيف يمكن أن تقبل الممانعة وهي كما تقول تقاتل المشروع الصهيوني أن تفرض اسرائيل على إيران عبر حليفتها روسيا، عدم التواجد في منطقة قريبة من الجولان بعمق 30 كلم أو 40، أي على حدود العاصمة دمشق، لم نسمع العنتريات ولا التهديدات بالمقابل ولا الاعتراض، قالها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لنتنياهو وعلناً “أنّ أمن اسرائيل في هذه المنطقة محفوظ ضمن الاتفاق المذكور”! فأين أصبح مشروع المقاومة في الجولان الذي استشهد سمير القنطار في سبيله، هل يعقل أنّ “رجال الله” الذين دفعوا الغالي والرخيص أن يعمدوا إلى الصمت عن هذه الإهانة الدولية، وهل يسمح ببساطة لأميركا وروسيا واسرائيل والأردن طرد الوجود العسكري الإيراني بما فيه حزب الله من هذه المنطقة؟

يفترض بأصحاب المبادىء أن يغضبوا كما غضبوا في حلب وكما يغضبون اليوم في جرود عرسال أمام حفنة من المقاتلين السوريين المسلمين التكفيريين الإرهابيين، مقتضى الشهامة إن وجدت، أن يتم الاستئساد على الأميركيين والإسرائيليين أوَ ليسوا هم أصحاب المشروع الصهيوني التكفيري؟ لماذا التلهي بالأدوات وترك المشغل؟

اقرأ أيضاً: أسئلة يجب أن تطرح حول معركة عرسال

يا عزيزي المشروع الصهيوني – الأميركي، حقق أمن اسرائيل في سوريا، هل تستطيع أن تهز هذا الأمن؟ وهو نجح إلى سنوات طويلة مقبلة بحماية حدوده بالشرخ العميق بين “الإسلام المحمدي الأصيل الذي تقوده إيران” وبين “الإسلام التكفيري الإرهابي” الذي تقوده اسرائيل والسعودية وقطر وأميركا ومن تشاؤون… ليس مهماً من يقود المهم أنّ الشرخ هذا الذي طال هذين الإسلامين يجري فيه نهر من الدماء هو بوليصة التأمين لحدود اسرائيل في سوريا ولبنان، وبوليصة التأمين للمشروع الأميركي الصهيوني، وللنفوذ الروسي “شاء من شاء وأبى من أبى”.

السابق
«أكشاك» مصر للفتاوى… لإبعاد الاسلام السياسي
التالي
علوش: حزب الله ميليشيا مسلحة لا ينتظر غطاء من أحد ليقاتل في جرود عرسال