ظاهرة التعديّ على المشاعات.. برعاية نواب الثنائيّة الشيعيّة

أراض ملك الدولة اللبنانية، يتم وضع اليد عليها دون حسيب او رقيب. والملفت هو اثارة الملف باستمرار دون اية نتيجة تذكر!!

شكاوى عديدة ترد الى بعض المراجع السياسية، والكتل النيابية عن مناطق في الجنوب تبلّغ عما يسمى «مافيات المسح» لمساحات واسعة من هذه المناطق، اضافة الى مناطق في البقاع والشمال وعكار، حيث أكد شهود عيان ان جبلا بأكمله تم بلعه من قبل هذه المافيات.

إقرأ ايضا: تحفة «الممانعين» في سرقة مشاعات المحرومين 

هذه التسّيب سببه عدم مسح السلطات اللبنانية للاراضي منذ العام 1920، والتي هي عبارة عن مشاعات للدولة وملك للمواطنين. ومن اجل التخفيف من الازمة المستعصية، لجأت مديرية الشؤون العقارية الى تلزيم شركات مساحة لعملية مسح داخل البلدات.

فالشركات المعنية، بدأت بتقاضي مبالغ ماليّة من المواطنين القريبة أملاكهم من مشاعات الدولة من اجل التلاعب بالمساحة، تتراوح بين200 و3000 او4000 دولار، خاصة ان بعض المواطنين لديهم حجج قديمة مما يسهّل على المسّاحين اللعب بعملية المسح على حساب مشاعات الدولة.

ففي فنيدق في عكار مثلا تمت عملية سطو على جبل بأكمله تبلغ مساحته عشرات آلاف الدونمات لصالح أحد المتنفذين. وبات الملف اليوم بعهدة النيابة العامة المالية، والنيابة العامة التمييزية، وبات من الضروري رفع الصوت وتقديم دعاوى لاسترداد الحقوق.

كما أثار النائب حسن فضل الله القضية مرات عديدة، بعدما تبيّن انّ الحكومة زادت 15 مليار ليرة على قانون برنامج التحديد والتحرير لتلزيم شركات المساحة مَسح المناطق غير المشمولة بالمسح سابقاً، رغم عدم التزام بعض المتعهدين بالمعايير القانونية والفساد في هذا الملف.

إقرأ ايضا: ألف باء «المسح»: كيف تسرق المشاع قانونا

وفي اتصال مع مسّاح خبير، قال لـ”جنوبية” “ان الموضوع يثار كل فترة دون الوصول الى نتيجة. ففي منطقة الزهراني تم مسح الاراضي منذ العام 1938. والمشاكل الحاصلة اليوم والتي يتحدث عنها كل من النائب حسن فضل الله والوزير علي حسن خليل هي قديمة وتختص بمناطق حدودية يصعب الوصول فيها الى نقطة ما”.

وعن الهدف من فتح الملف كل فترة، يؤكد هذا المهندس المسّاح، الذي رفض الكشف عن اسمه، بالقول: “ربما قصدهم بعض الاهالي المتضررين من تسجيل المشاعات، وهم يحاولون ارضاء الناس”. “والمسح الذي يجري اليوم في منطقة صور هو الذي يظهر الى العلن، رغم وجود حجج مع الناس، اذ هناك مثلا قطعة ارض تعد 30 الى 40 دونم، تنزل اللجنة على الارض مع المختار والاهالي، فيحدد المختار ملكية الارض في ظل  معرفته بالاهالي او بتواطؤ معهم”.

و”بالنسبة للمشاعات على الاغلب، يكون المسّاح من خارج المنطقة، فيسجل ما يقال له”، اما “اذا كان من المنطقة، ويمسح ارضا فغالبا ما يكون شابا ولا معرفة له بالملكيات، التي لا يعرفها سوى كبار السن في البلدة، وبناءا على الحجج التي بحوزة الاهالي يسجل هذا المهندس الارض”. ويختم بالقول “ان الشغل على المشاعات هو الذي يسبّب الخلاف، لا على الملكيّات، لان الملكيّات مسجلة بحجج”.

إقرأ ايضا: التعديات على الأملاك العامة تتحدى الدولة

ويرى عضو بلدي سابق، رفض الكشف عن اسمه ايضا، ان “ثمة عقارات في بلدته مملوكة لوزارة الطاقة استولى عليها الاهالي، اضافة الى مشاعات في البلدة كانت عبارة عن مجاري النهر والطرقات العامة واراض عامة، وقد تم البناء عليها بسلطة الامر الواقع، فمن سيسجن الوزير علي خليل، هل سيسجن اربعة ملايين لبناني؟”.

في حين يرى رئيس بلدية حالي، ايضا رفض الكشف عن اسمه، ان”المشاعات في بلدته نهبت منذ ستين سنة واكثر. وبقي قسم منها تحميه البلدية الان عبر القضاء”. “وهي ملك لخزينة الدولة، وابناء البلدة الفقراء هم من بنى على المشاعات فقط”. وبرأيه ان “المسألة لا تقتصر على الجنوب فقط، بل تتعداها الى البقاع والشمال”. ويختم “في منطقتنا الارض كلها ممسوحة، والمشاعات هي ملك للخزينة، وليس من مشاعات بلدية، لانه تم البناء عليها منذ التسعينيات ايضا”.

مقابل كل هؤلاء، يؤكد حسين عزالدين، ابن بلدة برج رحال، ان “سبب اثارة المسؤولين فيما يختص بملف المسح العقاري اليوم هو فقط من اجل تشريعها، وليثبّتوا ملكيتها للسارق. لانهم كلهم استولوا على ارض المشاع في الجنوب. ولأن الدعاوى كثيرة، فان وضع اليد يشرّعها بحكم الامر الواقع، وهم الذين وضعوا يدهم على الاملاك البحرية والبرية ايضا”.

ويضيف عزالدين: “وآخر من وضع يده هو مختار المساكن، سعيد دكور، على خمسة دونمات قرب الرشيدية، علما انها ارض تابعة لبلدية صور”.

إقرأ ايضا: عودة التعديات على اراضي المشاع في الجنوب

ويؤكد عزالدين ان “هذه الحملة ليست الا لتشريع السرقات تحت عنوان الشفافيّة، وهم لن يسجنوا أحد، فقط الحاجة خديجة هي التي تسجن لانها بنت غرفة دون إذن. فـ450 دونم استولوا عليها في المنطقة، وكل دونم بـ200 ألف دولار. انهم كاذبون ويحاولون التغطية على سرقاتهم من خلال إلهاء الناس بهذه العناوين”.

ويعلن، بالقول :”ثمة نائب وضع يده على قطعة ارض على طريق الجبانة في بلدته الحدودية، وعي عبارة عن اربع دونمات، واطلق إشاعة اصابة ابنه في سوريا ليتلهى الناس بالخبر”. “انها امبراطورية غوّار” كما يختم عزالدين.

هذه خلاصة اتصالات عديدة، رفض عدد كبير منها التحدث، والباقي رفض الكشف عن اسمه.

إقرأ ايضا: سرقة المشاعات في رب ثلاثين تعود الى الواجهة (1\2)

السابق
حادث سير مروع على أوتستراد الصفرا
التالي
نعمة محفوض: خطيئة الحنجرة