غضب في طرابلس: لا لنقل المقعد الماروني الى البترون!

أصوات تسعى لسلخ المقعد الماروني عن طرابلس، ليحظى به من يبحثون عن نقاط قوة لتمثيلهم الضعيف.

لم ينسجم طرح الثنائي المسيحي مع المناخ الطرابلسي، فالطائفة المارونية في طرابلس لم تهضم فكرة نقل المقعد الماروني من طرابلس إلى البترون، الدائرة التي خسر فيها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الانتخابات النيابية 3 مرات متتالية!
نقل المقعد لم يستفز المسيحيين فقط، بل والمسلمين أيضاً في مدينة لا تفرقة فيها بين مسلم أو مسيحي، ولا تقبل، لاالفرز الطائفي ولا التقسيم كما لا يتخلى أبناؤها عن جذورهم.

هذا الطرح لم يلقَ قبولاً في معظم الأوساط السياسية في لبنان، فتحفظ عليه تيار المستقبل، فيما رفضه بشكل حاسم رئيس مجلس النواب نبيه برّي مششداً أنّ نقل المقاعد خط أحمر لكونه يؤسس نحو التقسيم، بدورها رأت مصادر بكركي أنّ مسألة نقل بعض المقاعد النيابية من دائرة الى اخرى ليست مستحبة والان «مش وقتها»،

إلا أنّ الثنائي المسيحي وتحت عنوان حقوق المسيحيين وتصحيح التمثيل، يسعى عن عمد أو غير قصد لسلخ التعددية التي تسيطر على بعض المناطق، ليكسبها صورة طائفية معتمة.

في المقابل تساؤلات عديدة طرحت حول اقتصار طرح نقل المقاعد الى مناطق ذات الأقلية المسيحية، بينما العديد من المناطق ذات الأكثرية المسيحية هناك توجد أقلية مسلمة غير ممثلة، لماذا بالتالي واستناداً لما سبق لا يتم نقل المقعد لدائرة تصحح تمثيل المسلم؟

هذا ولم يرَ البعض في هذا الطرح إلا “مصالح باسيلية”، طمعاً في الحصول على مقعد نيابي وهو الخاسر لثلاث مرات في منطقته أي البترون.

وبالعودة إلى موقف الشارع الماروني مما يطرحه قطبا اتفاق معراب، فقد أكّدت المحامية والناشطة السياسية والمرشحة للمقعد الماروني في طرابلس ريجينا قنطرة لـ”جنوبية” أنّها كطرابلسية ومارونية، ترى أنّ طرابلس كثاني أكبر مدينة في لبنان تستحق أن تكون ممثلة سياسياً في التعددية.
موضحة “نحن لدينا عتب أنّ هذا المقعد الماروني يؤجر لغير طرابلس، ونحن لا نقبل بيعه (نقله)، وما يتم طرحه يستوجب تعديل الدستور الذي ينص على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين”.
ولفتت قنطرة إلى أنّه “في طرابلس هناك 8 مقاعد، 5 سنة، 1 علوي، 1 ماروني، 1 أرثوذكي، وطالما ليس هناك تعديل دستوي لا يحق لأحد أن يصوب على المقعد الماروني”.

لتشدد “هذا المقعد له رمزية وهي صورة طرابلس، والموارنة يجب أن يمثلوا ضمن بيروت وطرابلس”.

هذا وأكّدت قنطرة أنّ الأصوات المطالبة بنقل المقعد هي من خارج طرابلس من الطامعين بالمقعد والذين يريدونه لأنفسهم، مضيفة “نحن طرابلسيون، ونحن نصر على بقاء المقعد في هذه المدينة”.

وتساءلت المرشحة عن المقعد الماروني عما يحاجج به البعض بأنّ هذا الواقع من مخلفات غازي كنعان، موضحة أنّ من مخلفات كنعان 20 مقعداً نيابياً و20 سياسياً جلسوا على هذه المقاعد، ومن مخلفاته أيضاً وجوهاً لا زالت في السلطة، إنّ أرادوا التحرر من مخلفات كنعان ليطبق ذلك على الجميع.

أما فيما يتعلق بالذريعة التي يلجأ إليها البعض وهي الأرقام، طالبت قنطرة بفتح هذا الملف في كل المناطق وليس فقط في طرابلس، حيث أنّ ما يحدث هو أشبه بالتصويب على المقعد الماروني الطرابلسي.

اقرأ أيضاً : أنا مارونية من طرابلس

لتخلص إلى أنّها لن تقبل بنقل مدافن جدودها وأن يقولوا لها “أعطيناك أرضاً و ووطناً وعيشاً واستثماراً وأنت فرطت بهم”.

فيما كتب ابن المدينة القاضي جناح عبيد عبر صفحته فيسبوك معلقاً على هذا الطرح:
“في مدينتي الفيحاء أمضيت كل ما انقضى من عمري، وفي الزاهرية الحلوة كل ما يصح تسميته بـ “سنين شبابي”…
لمن لا يعلم، الزاهرية هي واقع ما تحلمون به من تنوع وانفتاح وتعايش، في لبنان الرسالة، وأبعد منه أيضاً: فيها شُيِّدت مدارس الإرساليات، الفرير والطليان والروم والأميركان، وكنائس مذاهب كثر، في حي للكنائس تحدُّه مساجد قديمة… فيها مقابر لليهود، وحياً لشهود يهوى… فيها مخاتير يمثِّلون أهلها جميعاً، في مشهد بات استثنائياً في لبنان… فيها شارع قطنته عائلة والدتي، وعائلاتٌ من مختلف طوائف لبنان، سكن في آخره اليهودي مزراحي، الذي احتضنته طرابلس-فلسطين القضية، حتى العام 1967، حين استغل طيبة أهلها، وفر مع أموالهم…
لكن أهلها الطيبين ما زالوا طيبين… لم تغيرهم الخديعة، ولا التجني، ولا الابتلاء…

اقرأ أيضاً :العيش المشترك على كفّ باسيل: ما بدهن هالماروني ينجح بأصوات المسلمين!
ابتليت مدينتي في الثمانينيات بمن حاول تغيير وجهها مدعوماً من الخارج، ثم ابتليت بالمجازر والقمع والاعتقال، وبالإهمال المتعمد حتى الخروج الأخير، وبالكثير من التلاعب بعده، وبوصمها بالعار، وبإعطائها صورة القلعة، في حين أنها فضاء كل قضاء حولها، ونصيرة كل قضية إنسانية محقة في المحيط الأوسع…
ليس لي شأن بالسياسة، لكن القضية قضية كيان، قضية وجود، لا نقبل أن تُقزَّم إلى حجم مقعد…
لم يكن لبنان يوماً، ومنذ بداية التاريخ، دون طرابلس، ولن يكون إلا بها، وبجميع أبنائها…
أبناء طرابلس الذين تكتمون صوتهم، يسمُّون مدينتهم “البلد”، ويقول بعضهم “البحصاص عِنَّا غربة”…
فيها وُلدوا ووُلدنا، وفيها نحيا سوياً، فيها أرواح من نحب، وأرواحنا يوماً ستبقى…”

السابق
جنبلاط ينقّر من جديد على الحريري
التالي
«المردة» يتهم «التيار الوطني» بالسعي إلى الفراغ!