أمن الضاحية عصيّ على حزب الله والحلّ بعودة الدولة

هل سيبادر حزب الله الى ترك امر الامن للسلطات اللبنانية في الضاحية الجنوبية؟

كانت الضاحية كما يذكر قاطنوها في فترة السبعينيات والثمانينات تعتنق اليسار السياسي، اليسار تنتشر افكاره في المحيط الفقير والعمالي. وكان معظم المنتمين للروابط والجمعيات المطلبية يقطنون في الشياح، وبدارو، وعين الرمانة، وحارة حريك.

ولكن مع الانقلاب على حركة أمل وتسلم حزب الله، تغيرت الصورة كثيرا، وذهبت الصورة القديمة ادراج الرياح.

إقرأ أيضا: اشتباكات مسلحة عنيفة في الليلكي تطال مساعد نوح زعيتر

بداية، كان لحركة التدّين مفعولها السحري على الناس في الضاحية، فهي جذبتهم بشكل صاروخي، حيث تحولت الصورة المدنيّة للضاحية الى الصورة الدينية. فانتشرت المراكز والمعاهد الدينية محل المراكز والمعاهد الاجتماعية والمدنية والروابط الشعبية.

اليوم، وبعد مرور اكثر من عقدين على ادارة حزب الله لشؤون اهل الضاحية من كافة الجوانب، تبيّن فشله الذريع في القدرة على الادارة الحياتية والمعيشية والاقتصادية… فهو تميّز بالاهتمام بالطابع الديني والسياسي للضاحية، دون اي تركيز على مطالب الناس وهمومها، وان كان قد عمل شكليّا على مساندة الناس بتقديمات بخسة للمعدمين، ليبحث عن مجندين له في صفوف الفقراء والمستضعفين.

وساعد بشكل مدروس الطلاب ليجذبهم، وساعد بشكل ضئيل النساء ليقنعهم باللباس الشرعي، وساعد عوائل الشهداء ليضمن ولاءهم، وهكذا دواليك في استنساخ غير موّفق للدولة، والتعالي عليها فأصبح المطلوبون بمذكرات توقيف يتبجّحون بعدم قدرة الدولة على توقيفهم عندما يدخلون اسوار الضاحية. وهكذا باتت دولة حزب الله، التي ارادها نموذجية “إلهية مهدوية”، سائبة ايضا!

ففي حادثة الليلكي الاخيرة ظهر عدم قدرة حزب الله على فرض الامن وملاحقة الخارجين على القانون. ففي حيّ الليلكي القريب من الجامعة اللبنانية في الحدث لجهة الجنوب، يسيطر آل زعيتر، كما تسيطر العصابات في الافلام التركية والايطالية.

وقد وردت معلومات خاصة لـ”جنوبية” ان محمد رضوان مهدي زعيتر ابن الشيخ المطرود من الحوزة رضوان زعيتر قد وقع في فخ شعبة الاستقصاء حيث تمت محاصرته في منطقة سكنه في تحويطة الغدير جنوب برج البراجنة، مما اضطره للهرب الى حيّ الليلكي حيث يقطن اقارب له. وتحصن هناك بعائلته الصغيرة، المكونة من الاطفال والزوجة والام، التي لم تتورع عن إلقاء المياه والاحذية والحجارة على القوى الامنية لحماية ابنها المطلوب بعدة مذكرات جلب، خاصة ان محمد رضوان مهدي زعيتر المعروف بمحمد الشيخ نسبة لأبيه الشيخ السابق، هو من اعتدى على مولدات آل حرب واحرقها بسبب الخوّة التي يفرضها على الجميع. وبحسب مصدر مطلع قال ل”جنوبية” ان اصابة زعيتر بالغة جدا، وهو يرقد منذ الاشتباكات في مستشفى “الحياة”، حيث حاولت مجموعة كبيرة من شباب ال زعيتر اخراجه من المستشفى، الا ان الجيش تصدى لهم ومنعهم من ذلك، وضرب طوقا حول المستشفى.

فكانت المعركة التي نقل الجيران تفاصيلها المريعة، والتي تقول ان الاب العامل (الشيخ رضوان) في احدى محطات البنزين كسائق للتغطية على اعمال التهريب للمخدرات، كان المدافع الاول عن ابنه التاجر.

هذه المعركة التي استمرت ساعات، وارعبت اهل المنطقة ليلة كاملة، تؤكد على ان التسيّب الذي سمح به حزب الله، فيما مضى، لأسباب أمنية وسياسية جعله يدفع، وبعد حوالي عقدين من الزمن من سمعته وسمعة جماعته الذين اشتهروا بقتالهم وانتصارهم على اسرائيل.

إقرأ أيضا: عشيقة مصطفى بدرالدين: سكينة الغدر قتلته

هزموا اسرائيل ولم يستطيعوا هزيمة سرطان الفلتان في كافة جوانبه، والحزب وان وعى متأخرا ما جنته يداه ها هو، ومنذ ايام قليلة ايضا يدخل الى معاقل برج البراجنة، على شكل مقنّعين، ليلقيّ القبض على الخارجين على القانون، وليعلن رفع يديه في بئر العبد والغبيري والمشرفية وحيّ السلم عن سائقي الفانات الفالتين على هواهم.

قبل يومين ظهر ملثمون على مواقع التواصل ينتمون لحزب الله، يتجولون في شوارع بلدة برج البراجنة قيل انهم تابعون لمجموعة “سرية العباس” شكّلها الحزب حديثا للحفاظ على الأمن ومطاردة تجار المخدرات.

تأخر جدا حزب الله، فقد استفحلت العصابات واصبحت اعمالها الاجرامية عصيّة على اية قوة، واذا كان  سائقو الفانات اصبحوا  يطيعون شرطة السير بشكل لافت، خوفا من أيّ إشكال قد يودي بهم الى التوقيف في مخفر الدرك، فتظهر مذكرات التوقيف لهذا السائق او ذاك، فهذه بادرة تدل على ان الدولة أصلح من الحزب لحفظ الامن.

كان التصويب على اسرائيل واختراقها لأهل المنطقة هو الخوف الذي يهجس به الحزب، لكنه لم ينتبه الا بُعيد 2006 لتفشيّ سرطان المخدرات والفلتان الاخلاقي، علما ان الموساد كان يعمل على اختراق كوادره لما كان لهذا الاختراق من فائدة، وجميعنا يعرف حجم الاختراقات التي كُشفت وأُعلن عنها داخل قيادة الحزب.

إقرأ أيضا: طائفة كانت تشبه موسى الصدر وصارت تشبه نوح زعيتر !

اذن، العدو كان داخل البيت، ونحن ذهبنا لنفتش عليه في الغابة. العدو دخل الى بيوتنا، عبر المخدرات، والى احزابنا، عبر العمالة. ولكن ذهب حزب الله بعيدا للبحث عنه. واليوم يعود حزب الله ادراجه الى بيئته التي تمزقت، وباتت بحاجة لمن يعيد لملمة اشلائها، ان كان لا يزال مصّرا على دولته الصغيرة في الضاحية. والا فليترك سكان الضاحية للسلطات اللبنانية لتقوم بعملها الذي غيبت نفسها عنه، او غُيّبت عنه قسرا.

السابق
باسيل: سواء غردوا أو غنوا لن يعرقلوا مسيرتنا
التالي
بالصورة: بلدية الهبارية توقف استقبال النازحين