جمعيات ثقافية واجتماعية ودينية… وهميّة!

نسمع بمنتديات ثقافية عديدة ومتنوعة دون ان يكون لها وجود على أرض الواقع.

خلال عشر سنوات، ظهرت الى العلن مجموعة من الجمعيات الثقافية في بيروت وضاحيتها بشكل خاص لأفراد معروفين وذوي مشاركة في الشأن العام. هذه الجمعيات والروابط اذا صح التعبير ليست سوى عبارة عن اسم يطلقه صاحب هذه الجمعية على نفسه ويلحقها بدعاية داخلية.

اقرأ أيضاً: الأحزاب الدينية…فرق شيطانية!

وقد حاولنا احصاء هذه الجمعيات الا ان الامر بدا متعذرا اولا لان لا مراكز لهذه الجمعيات ولا هيكلية ادارية.

ويجمع بين هذه الجمعيات شيء واحد وهو الاسم الذي يحاول ان يكون غريبا على طريقة المؤسسات ذات التمويل الغربي، او المرتبط بالسفارات الغربية.

ونسمع عن (الارتكاز) و(ذات) و(دال) و(حواس) و(ابداع) و(زيكو هاوس) و… وهذه كلها تعتمد على مؤسسها اي الرأس بغياب الافراد او الهيكلية الادارية الثابتة التي انتشرت في سبعينات القرن الماضي كالمجلس الثقافي للبنان الجنوبي، او الحركة الثقافية في لبنان او العلية، او النادي الثقافي العربي، او ملتقى الثلاثاء الثقافي، او منتدى الحوار، او صالون السبت، او لقاء الجمعة، أو دار الندوة، أو جمعية أمم.

فبعد تجربة الكثيرين من الناشطين في العمل الثقافي العام، والذي غالبا ما كان يضم اسماء كبار لشعراء وادباء وسياسيين وناشطين اجتماعيين، أنتشرت موضة الرأس الواحد مع لقب يبرز أهمية هذا الشخص او ذاك.

فاللقب حاجة ضرورية لزوم الاعلام اللبناني فلا هوية دون لقب ولا قيمة دون اسم او انتماء لمؤسسة. فالاعلام السريع اليوم يجذب إليه هؤلاء الافراد.

فغالبا ما يكون اللقب قبل الاسم، لمزيد من منح الذات للحضور والقوة والعلاقات التي ينتجها تبوء مركز ما.

فاضافة الى المراكز الثقافية نسمع عن اسماء احزاب لا تعد ولا تحصى، وهي كلها أحزاب درجة عاشرة، لا عديد، ولا مكاتب، ولا عناصر. وايرادها لا يعدو كونه نوعا من مزحة سمجة تؤكد نزعة اللبنانيين الى التكتل والتحزّب لأجل مصالح شخصية وبيع مواقف عامة.

علما ان أي حزب يرتبط عمره بعمر الجهة الداعمة له. اذا ان العديد من الاحزاب العريقة انتهت مع ذهاب مموليها، وعلى رأسهم الحزب الشيوعي اللبناني، وحزب البعث العربي الاشتراكي، او بموت مؤسيسيها كحزب الكتلة، والنجادة، والطلائع، والاحرار، والناصريين المستقلين، والقوميين. فورثت الاحزاب الجديدة الصاعدة الاحزاب الاولى، وانتقل الابناء الى الافرع الجديدة، كما هو حال الكتائب وورثتها الحاليين من الاحزاب اليمينية الصاعدة.

ومن المعروف ان عدد الجمعيات في لبنان يصل الى 8000 جمعية اجتماعية، هي عبارة عن وجاهة وبرستيج وعلاقة وغطاء لتمويل شخصي. مع انتشار نوع جديد من الجمعيات البارزة كـ(لادي) و(كن هادي) و(سمارت) و(المفكرة القانونية)، ومئات الجمعيات ذات التوجه التوعوي.

الهيئة الصحية الاسلامية

لكن يبقى نوع جديد من الجمعيات والروابط وهي الجمعيات الصحيّة التي تطلقها غالبا سيدات مجتمع، انطلاقا من تجربة خاصة وفردية.

فالعمل العام في لبنان مرتبط دوما بالشخصانية، والفردية، والرأس الواحد، على العكس من بعض المؤسسات ذات الادارة الجماعية، كما هو مؤسسة (عامل)، وهي نادرة نوعا ما، ان لم تكن تابعة لأحزاب وقوى سياسية.

فجمعيات الهيئة الصحية الاسلامية، ومؤسسة الشهيد، ولجنة الامداد، ومؤسسة الجرحى، كلها تتبع لحزب واحد وهو حزب الله، في حين تتبع مؤسسات أمل التربوية والتعاضد والدائرة الصحية وغيرها من المؤسسات لحركة امل.

وجمعية المقاصد، وجمعية المبرات الخيرية، والمؤسسات التي تتبع الرهبانيات أيضا وايضأ. فلكل رهبانية جمعية ورعيتها ورئيسها، وهو عالم آخر لم يطرق بابه الإعلام الى اليوم.

والمتعارف عليه في لبنان ان لكل طائفة حزبها، ولكل حزب مؤسساته وجمعياته، ولكل جمعية زعيمها، ولكل حزب مؤسساته الثقافية والاجتماعية والنقابية…

العمل الثقافي والاجتماعي في لبنان شبكة عنقودية يصعب فكّها، واعادة تركيبها على أسس وطنية.

السابق
شاهد ماذا كشف نائب لبناني عن الضرائب؟
التالي
وزراء خارجية العرب يتضامنون مع لبنان