حركة أمل: «يا ويلنا من بعدك يا دولة الرئيس»…

يبدو ان السؤال حول ما هو مستقبل حركة امل فيما لو غاب الرئيس نبيه بري عن موقع رئاستها، سؤال يتحاشى الكثيرون من داخل امل او من خارجها الاجابة عليه.

لا شك ان لحركة امل مجلس قيادة يمتلك صلاحية تنظيمية لتولي صلاحيات الرئيس، علما ان منصب نائب الرئيس الذي شغله اكثر من مسؤول في حركة امل كان منهم الراحل العقيد عاكف حيدر، تمّ الغاؤه عمليا ويبدو ان الرئيس بري هو من كان وراء الغاء هذا المنصب منذ اكثر من عشرين عاما، هو الذي يتولى المسؤولية الاولى في الحركة منذ العام 1980، خلفا للرئيس السابق حسين الحسيني الذي شغل هذا الموقع بعد تغييب الامام السيد موسى الصدر في العام 1978.

ليس خفيا ان حركة امل لا سيما بعد غياب الامام الصدر، الذي شكل تغييبه القصري عنصر صعود وتمدد لحركة امل في الطائفة الشيعية، كان الرئيس بري هو الذي قاد هذا الصعود والتمدد، ونجح في استثمار الرعاية السورية ل”امل” في عهد الرئيس السابق حافظ الاسد ليجعل منها التنظيم الاول والمكتسح شعبيا داخل الطائفة الشيعية والاقوى عسكريا على مستوى لبنان في عقد الثمانينات من القرن الماضي، وهذا ما كشفته الوقائع في ما سمي انتفاضة 6 شباط عام 1984 الى جانب الدور الفاعل والمحوري الذي لعبته “امل” في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 وصولا الى العام 1985 تاريخ تحرير معظم الاراضي التي احتلتها اسرائيل التي اقتصر حضورها لاحقا على ما سمي الشريط الحدودي المحتل حتى العام 2000.

لقد شكل التنافس ثم الصدام السياسي والعسكري مع حزب الله، التحدي الابرز لحركة امل التي عبرت عن هويتها اللبنانية وتمسكها بانتمائها الوطني في مواجهة تنظيم غلبت عليه السمة الايديولوجية الايرانية التي كانت ترفض الاعتراف بالهوية اللبنانية، معلنة انتماءها الى الايديولوجيا التي مثلتها ولاية الفقيه، والتي تعاملت مع الكيان اللبناني ونظامه باعتبارهما غير شرعيين ويجب تغييرهما لينسجما مع مشروع الجمهورية الاسلامية الايرانية.

جوهر الصراع بين أمل وحزب الله كان في البعد السياسي والايديولوجي يتصل بالمسألة اللبنانية اي الاقرار بالانتماء الى لبنان والالتزام بمقتضيات الهوية اللبنانية، لكن ذلك لم يكن ليختصر ابعادا اخرى تتصل بالبعد الاقليمي، فالرئيس بري ايضا بنى علاقة وثيقة مع الرئيس حافظ الاسد الذي كان يعمل رغم تحالفه مع ايران على الحدّ من تمددها ونفوذها في لبنان بما يتعارض مع النفوذ السوري فيه والتي كان الرئيس بري احد ابرز اعمدة سوريا في لبنان وفي مواجهة خصومها واعدائها.

الرعاية السورية للرئيس بري ولحركة امل وفرت لهما المزيد من الحضور والنفوذ، بحيث يمكن القول ان حركة امل والرئيس بري على وجه الخصوص هو الثابت الوحيد في السلطة اللبنانية بين اقرانهما من الاحزاب او الشخصيات السياسية منذ العام 1984، فهو الى العام 1992 شغل منصبا وزاريا في كل الحكومات المتعاقبة، الى ان انتخب رئيسا لمجلس النواب بعد هذا التاريخ ولا يزال الى اليوم.

ولأن الرئيس بري ومن خلال حركة امل كان له الدور المحوري في الحياة السياسية وهو يرمز الى العصر الذهبي الذي عاشته حركة امل منذ تأسيسها، فالامام الصدر الذي يشكل عنوانها ورمزها هو الذي اسسها في العام 1974 وهو الذي تم تغييبه في ليبيا عام 1978 اربع سنوات لم تكن كافية ليشهد نتاج ما بذره لكن الرئيس بري الذي نجح في قيادة الحركة بزخم شخصية الامام الصدر ومأساة تغييبه، وحقق لها ومن خلالها مواقع متقدمة على المستوى الوطني، وامسك عبرها بمفاصل عدة في السلطة، الى الحدّ الذي لا يمكن الحديث عن الرجل الثاني او الثالث في حركة امل اليوم، بسبب ان الرصيد لدى الرئيس بري داخل امل لا يمتلك ربعه احد في هذه الحركة، وهو الذي ربما يبرر رافع ذلك الشعار الذي يذيل صورة الرئيس بري منذ سنوات في بلدة الصرفند الجنوبية: ” يا ويلنا من بعدك يا دولة الرئيس”. فماذا بعد نبيه بري وبعد عمر طويل؟

الحلقة المقبلة: من هي القيادات في امل او الشخصيات التي يمكن ان تترأس حركة امل وتقودها؟

السابق
#مطار_القليعات_حقنا يثير غضب الممانعة
التالي
أتؤمنون بالله؟!