ماذا بعد سقوط حلب؟

حلب المقتلة.. ماذا بعد تنفيذها؟

يعلن مسؤلون اتراك لوكالة رويترز عن استعدادات لإقامة مخيم للنازحين الجدد من احياء حلب الشرقية بينما ستتكفل دولتهم إستقبال المرضى والجرحى. وسيكون موقع المخيم داخل الحدود السورية وعلى بعد 3 كيلومترات من الحدود التركية أما بشار الاسد رأى في تحرير حلب “نصر تاريخي” للسوريين.

20161217_ldd001_0

المسؤول في إدارة الرئيس الاميركي باراك اوباما بين رودز “لم ينام لليالٍ” بسبب حلب في الوقت الذي ينام الرئيس الروسي فلادمير بوتين وعنفوانه العسكري متأجج. فتحدث نهار الجمعة عن وضعه خارطة طريق للخلاص من الحرب بسورية عبر وقف إطلاق النار على كامل الاراضي السورية.

ووفقاً لبيانات صادرة عن وزارة الدفاع الروسية فقد أجليَّ 8 آلاف سوري من المدينة بينما ينتظر بقية الاهالي دورهم للصعود في الباصات الخضراء. في الوقت نفسه تحدثت صفحة “الإعلام الحربي” لحزب الله عن اقدام مجموعة محتجين على قطع الطريق بوجه النازحين والمقاتلين ومطالبتهم بإخلاء المدنيين من الفوعة وكفريا المحاصرتين من قوات المعارضة السورية.

إقرأ ايضاً: الجيش الحر لـ«جنوبية»: المحاصرون في حلب تحت خطر مجزرة جماعية

كيف سقطت احياء حلب الشرقية؟

يجيب الباحث والمختصص بالشأن السوري اندرو تابلر في بحث بعنوان “حلب تسقط في يد النظام السوري” عن سؤال “كيف إنهارت حلب” ويوعز ذلك الانهيار إلى سياسة الإطباق الكامل على حلب من قبل النظام وحلفاءه ومنع وصول المساعدات الإنسانية للسكان.

وتحدث الباحث عن الاثار المتوالدة عن ضعف وصول الامدادات على المجموعات المسلحة، وإنعكس ذلك بأشكال عدة من ضمنها إنشقاقات واقتتال داخلي بين صفوف المسلحين.

ويضيف تابلر ان النظام تمكن بحصاره من فرض قواعد لعبته على القاطنين داخل المدينة، ولم يستبعد الباحث اقدام النظام على تنفيذ الاعدامات الجماعية، ولكنه إستبعد اقدام النظام على فتح معركة ادلب التي تستقبل المقاتلين لأنه لا يملك القدرات البشرية بالإضافة إلى انه منهك وسيعوض ذلك بالدعوة إلى مفوضات تتوافق مع شروط الاسد.

روسيا ستفرض نفوذها على حلب.. حصة إيران مجهولة 

سلوك الروس بعد مذبحة حلب يدل على مدى نفوذها وارتفاع اسهمها في تنفيذها، بحيث لعب الطيران الروسي دوراً حاسماً في القضاء على كل اشكال الحياة في المدينة بعد فشل ايران وميليشياتها في السابق – لأكثر من مرة – من حسم المعركة لصحالها قبل التدخل الروسي عام 2015.

وقد اشارت الأخبار الصادرة بالتلازم مع عملية حسم جيش الاسد وحلفاءه لحلب إلى مساعي روسية لتقليص دور إيران وميليشياتها والنظر لحلب كقطع حلوة يريد بوتين الفوز بها لوحده.

في حديث سابق لموقع “جنوبية” مع الباحث في الشأن الروسي خالد عزّي شدد فيه على أن الصحف المقربة من الكرملين تحدثت عن استعداد الخبراء العسكريين الروس والجيش السوري لفرض نفوذهم على حلب الشرقية في حال السيطرة عليها.

إقرأ ايضاً: حلب.. المذبحة!

وفي السياق نفسه أكد مركز المصالحة الروسية بأن جيش السوري سيستكمل عملية التطهير والمسح داخل الاحياء الشرقية لحلب وسيقضي على ما تبقى من بؤر لـ”المسلحين”.  أما بوتين فرأى بالحسم «إنتصار للرؤية العسكرية الإستراتيجية للجيش الروسي» على الرغم من سيطرة تنظيم الدولة على تدمر من جديد.

وبسطت موسكو أذرعها لحصد ارتدادات الحسم العسكري في حلب. فبعد الاتفاق الروسي – التركي الذي افضى إلى وقف اطلاق النار في حلب الشرقية وإخراج المدنيين. بدأ بوتين مع حليفه الجديد رجب طيب اردوغان بتوجيه الصراع السوري نحو مساعٍ لجمع النظام السوري مع المعارضة السورية في استانا عاصمة كازاخستان، ولا يبدو للآن بأن لإيران دوراً في المفاوضات المتوقع حصولها في حال وافقت المعارضة السورية على الذهاب إلى مؤتمر السلام برعاية روسية – تركية.

حسم حلب.. ووقع التطهير العرقي

شكلت الحرب في حلب الشرقية إنعطافاً خطيراً ليس فقط لجهة موقع المعارضة السورية وإنهيارها عسكرياً بل ستتداعى نتائج النكبة على التوزيع الديمغرافي داخل سوريا وفي دول الجوار.

ووصف محللين عسكريين واجتماعيين وسياسيين المشهد السوري بالتطهير العرقي الممنهج. أما اكبر حفلات التطهير فتشهدها حالياً مدينة حلب الشرقية لأن عدد الذين سيتم إجلاءهم من السكان هو الأعلى مقارنة بعمليات الاجلاء السابقة التي حصلت في داريا ومعضمية الشام وحمص.

واشارت دراسات بأن التغيير الديمغرافي الذي ينفذه النظام السوري ستكبر ملامحه وسينعكس في السنوات المقبلة سلباً على التركيبة السكانية لدول الجوار من بينها لبنان والاردن.

ومن المستبعد ان يعود جزء من اللاجئين السوريين إلى اراضيهم خصوصاً وأن بعض تلك الاراضي تحول إلى ثكنات عسكرية على غرار ما قام به حزب الله في مدينة القصير السورية.

كذلك فإن النظام السوري قد يمنع عدد من النازحين واللاجئين من العودة لأراضيهم وجاءت تلك التلميحات بتصريح للرئيس السوري بشار الأسد لصحيفة الوطن السورية التي اشار فيها إلى ارتياحه الكبير من التحولات الديمغرافية التي تشهدها سوريا على ضوء ما كشفته الاحداث من ان بعض المناطق تعاني من ظواهر تطرف وطائفية.

أين سيذهب نازحو حلب

غموض كبير يلف مصير عشرات الالاف من النازحين واللاجئين، إذ تتخوف منظمات حقوقية دولية من اقدام جيش الاسد على تنفيذ اعدامات بحقهم في وقت تشهد فيه الجهود الدبلوماسية ضعفاً للضغط على روسيا والحكومة السورية بإتخاذ مواقف اكثر إنسانية تجاه المدنيين.

تركيا بدورها سارعت للإعلان عن تحضيرها لإقامة مخيم للنازحين على بعد 3.5 كيلو متر داخل الاراضي السورية، ومرجح ان ينشأ المخيم في شمال محافظة حلب وضمن الأراضي المسيطر عليها من قبل الجيش السوري الحر المدعوم من الجيش التركي والذي يخوض في الوقت الراهن معركة الباب الخاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

وتعقيبا على الموقف التركي علق الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب على اوضاع حلب  بضرورة اقامة مناطق امنة داخل الاراضي السوري لإستقبال النازحين وسيطال دول الخليج العربي تأمين الأموال اللازمة لإنشاء تلك المناطق لأن الميزانية الاميركية ليس بإستطاعتها تحمل تكاليف وأعباء المناطق الامنة. كما وذكرت مواقع اخبارية اردنية عن عرض ستقدمه حكومة الاردن لإدارة ترامب المقبلة يهدف لإقامة منطقة امنة بمحاذاة حدودها مع سوريا.

مواقف المنظمات الدولية

منظمة العفو الدولية أثارت من جهتها ملف الإعدامات الميدانية التي نفذتها قوات الأسد وحلفاءه بحق النازحين من الاحياء إلى خارج المدينة، وعلى موقعها الرسمية اعتبرت المنظمة انه من المخجل رغم انه لم يعد مفاجيء السماع بأن النظام السوري قام بإطلاق النار على سكان المدينة وهم يخرجون منها.

ونقلت منظمة هيومن رايتس وتش شهادات حية للسكان في حلب، وصفوا فيها غزارة القصف الجوي الذي طال المدينة قبل اسبوع من اعلان الاتفاق الروسي – التركي الذي ينص على وقف اطلاق النار.

وبحسب هيومن رايتس ووتش وثق مقتل 58 طفلاً بالغارات الروسية وقتل القصف في الايام الاخيرة ما يزيد عن 300 شخص. كما ووصفت المنظمة الأعمال الحربية التي شهدتها حلب بانها الأكثر وحشية منذ اندلاع الحرب السورية، بالإضافة إلى انها جريمة حرب إرتكبها التحالف الروسي – السوري لم يميز خلالها التحالف بين مدني ومقاتل اثناء قصفهما العشوائي الوحشي.

واخبر عدد من الناشطين المحليين كيف قامت ميليشيات ايران بإطلاق النار على الفارين من المدينة.

في السياق نفسه، أرسلت فرنسا فريقاً من الأطباء وقافلة من المساعدات إلى حلب وشكر “إتحاد الرعاية الطبية والإغاثية” الفرنسي المساعدات الطبية والاغاثية المقدمة من ابناء مدينة باريس الفرنسية إلى الناجين في حلب الشرقية وطالب الإتحاد من الحكومات الاوروبية تقديم المساعدات للناجين من الحرب.

وطالبت منظمات اخرى بضرورة حشد الجهود الحقوقية لتحويل ملف حلب إلى محكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيه بالإضافة إلى ارتكابات اخرى في مناطق متفرقة بسوريا ولم يغب اسم المعارضة السورية عن الجرائم واتهامها هي الاخرى بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية.

معارك طاحنة في مجلس الامن بسبب حلب

طغى تحت قبة مجلس الامن في نيويورك حدث المشاجرة الكلامية التي حصلت بين سفير روسيا فيتالي تشوركين والسفيرة الاميركية سامنتا باور، وانتقدت نائبة امين عام السابقة في الامم المتحدة فاليري اموس الشجار الكلامي في الوقت الذي يموت به الناس في حلب واكدت ان التوتر الاميركي – الروسي الذي نقل على مرآى العالم اثبت كم المجتمع الدولي فاشل.

سقوط حلب وعروض اعادة الإعمار 

ويجدر الاشارة إلى العروض التي تلقتها سوريا الاسد من الصين لإعادة الاعمار وذلك بعد حسم الجيش السوري معركة حلب، وبحسب العرض فإن الحكومة الصينية ستقدم مشروع بقيمة خمسين مليار دولار للحكومة السورية لإعادة الإعمار. واتى تصريح الصين بعد تلويح اميركا ودول اوروبية بعدم اقدامهم على تكفل اعادة الاعمال في دولة يقودها الاسد.

 

السابق
هكذا ينتقل البغدادي ويضلل القوات الاميركية والعراقية
التالي
حلب – حماة: ما بعد مذبحتين