الموسيقى في فكر العلامة السيد محمد حسن الأمين

يتحدث العلامة السيد محمد حسن الأمين عن الموسيقى كموضوع مثير للجدل بوصفه أحد الفنون المتهمة بالتشجيع على الفسق والفجور.

إن إشكالية النظر الفقهي إلى موضوع الموسيقى هي إشكالية تاريخية لا تتعلق بطبيعة هذا اللون من الفن وإنما تتعلق بالجانب التوظيفي لهذا الفن، وإذا عدنا إلى العصر الأموي والعصر العباسي، وحتى بنسبة أقل إلى العصر الجاهلي، فإننا سنلاحظ أمرا ذا معنى وأثرا كبيرا في موقف الفقه الإسلامي أو الفقهاء من هذا الفن المسمى بالموسيقى؛ فقد شاءت الظروف التاريخية أن ينشأ فن الموسيقى مرتبطا بما نسميه مجالس اللهو والطرب والفجور وإثارة الغرائز، وهو ما حرصت عليه الفئات والجماعات المترفة في هذين العصرين الأموي والعباسي، فكانت الموسيقى مرتبطة ارتباطا تلقائيا بمجالس الطرب والمجون، وهذا ما جعل أحد علمائنا المجتهدين الكبار – وهو الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء – يربط فتواه في تحريم الموسيقى عندما تكون في مجالس الخلاعة والمجون، ولا يرى حرمتها بمعزل عن ذلك، أي بوصفها فنا من الفنون التي يمكن أن يتم توظيفها في مجالات السمو الروحي، كما نلاحظ أن أكثرية الفقهاء لا يرون حرمة الموسيقى العسكرية في مجال الحروب وإثارة العزائم والشجاعة لدى المحاربين… هذا يؤكد ما ذهبت إليه من أن شياع تحريم الموسيقى هو امتداد لمرحلة تاريخية كان فيها هذا الفن شبه مقتصر على مجالس المجون والخلاعة والتبرج.

اقرأ أيضاً: فيروز والجامعة اللبنانية ما بقي من الحيّز الوطني الذي يصادره حزب الله

من جانب آخر فإن رؤيتنا و تحليلنا و فهمنا لجوهر هذا النوع من الفن الإنساني، وأمام أعمال كبيرة وإبداعية لمسنا فيها الدور السامي والمميز لانتاج مشاعر إنسانية نبيلة عند استماع الموسيقى الراقية، يجعلنا نتوقف ونعترض على التحريم المطلق للموسيقى.

غرفة الموسيقى في شركة غوغل في تورونتو

هنا أود أن أستكمل رؤيتي لأقول إن الإسلام ليس له موقف سلبي ضد كل ما هو إنجاز إنساني يساعد على تهذيب النفس البشرية، كالأعمال الموسيقية التي نسمعها في ابداعات موسيقيين كموزار وبيتهوڤن.. ولا شك أن الإسلام بصورة مبدئية وعامة هو ضد كل ألوان الفن الهابط، والذي غالبا ما يقوم على استنفار وإثارة الغرائز البشرية، سواء كان هذا الفن رسما أو نحتا أو موسيقى، أو حتى لونا من ألوان الشعر المبتذل أخلاقيا.

وبالخلاصة فإنني كمسلم أعتنق الإسلام، وبعد التأمل والممارسة لمقاصد هذا الدين العظيم؛ فإنني أعتبر أنه ليس من الضروري أن يكون جميع فقهاء الإسلام في التاريخ و في الحاضر هم بالضرورة مصيبون في جميع فتاواهم، خاصة وأن ثمة ملاحظة لي ذكرتها في بعض ما كتبت، من أن الفقه الإسلامي بوصفه إنتاجا معرفيا لم يوضع موضع الدراسة التاريخية التي تضيء على الجوانب والظروف والمعطيات التي كان لها تأثيرها في انتاج المعرفة الفقهية، وهل أن هذه المعرفة الفقهية كانت معزولة عزلا كاملا عما يحيط بها من ظروف تاريخية وسياسية واجتماعية واقتصادية، شأنها في ذلك شأنها في جميع المعارف والعلوم الإنسانية؟
إن الفقه بوصفه انجازا معرفيا وليس أحكاما منزلة غير قابلة للتفسير والإجتهاد، فهو في جانب أساسي منه تنطبق عليه الاعتبارات التاريخية التي تنطبق على العلوم الأخرى.

السابق
توقيع كتاب زافين قيومجيان «لبنان على الشاشة»
التالي
معلومات لـجنوبية: 20 مليون دولار قد تكون السبب باعتقال كامل أمهز