تشكيل الحكومة يدخل لعبة الإستنزاف

لا يزال ملفّ تأليف الحكومة في دائرة الجمود والمراوحة، على رغم الاتصالات والمشاورات الجارية في مختلف الاتجاهات لتذليل ما تبَقّى من عقَد.

مضى 33 يوما على تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل اولى حكومات العهد، إلا  أنه كأنه لما يزل في الايام الاولى من المشاورات، وذلك مع السجال السياسي الحاصل على أحقية الحقائب الوزارية الوازنة بين القوى السياسية. ومع التأخير في التشكيل اعرب مطلعون على الاتصالات الجارية لـ”النهار” عن تنامي الريبة لدى مراجع معنية بعملية التأليف حيال لعبة استنزاف الوقت التي بدأت تتخذ دلالات تتجاوز ملف الحقائب الى لعبة عض على الاصابع علما ان احدا لا تفوته معرفة ما يمكن ان يتركه التأخير المتمادي من تداعيات على استحقاق الانتخابات النيابية والتوافق على قانون انتخاب جديد.

كما بدا لـ”الجمهورية” أنّ عقدةَ تمثيل النائب سليمان فرنجية ليست هي ما يَعوق الولادة الحكومية، وإنّما ذهابُ غالبية القوى السياسية إلى الانتخابات النيابية قبل موسم الانتخابات، بدليل أنّ التحالفات الانتخابية وربّما السياسية، بدأت تُنسَج منذ الآن، على مسافة أقلّ مِن ستّة اشهر من موعد الانتخابات. ويتظهّر من خلفِ المواقف، رغبةٌ جامحة لدى كثيرين بالتمسّك بأهداب قانون الستّين النافذ. لكن ثمَّة مخاوف بدأت تثيرُها خلفية القوى المتمسّكة بهذا القانون، إذ إنّه سيُعيد إنتاجَ الحياة السياسية القائمة “معجَّلةً مكرّرة” بحيث لا يَدخل دمٌ جديد إلى هذه الحياة، وتنعدم بذلك فرَصُ تطوير النظام نحو الأفضل.

إقرأ ايضًا: المردة: الإتصالات أو الطاقة أو الأشغال وإلّا… البقاء في البيت!

إلى ذلك، قال مطّلعون على المفاوضات الحاصلة “إنّ الأحاديث عن زيارة يمكن أن يقوم بها الوزير جبران باسيل إلى بنشعي ليست مطروحة، وهي أثيرَت فقط في الإعلام، وإنّ فرنجية أبلغَ الوسطاء رأيَه بشكل واضح وبسيط، فهو لا يربط لقاءَه بعون بتشكيل الحكومة، فلماذا اعتبارُ أنّ العقدة تُحَلّ بمجرّد أن يزور بعبدا، وأنّه سيقدّم تنازلات ؟ اللقاء يخفّف من الحدّية حتماً لكنّه لا يحلّ المشكلة”.

كما علمت “الجمهورية” أنّ “حزب الله” مستمرّ في مساعيه للتقريب بين الرئيس ميشال عون وفرنجية، إلّا أنّ هذه المساعي لم تثمِر حتى الآن، بسبب تمسّكِ كلّ طرف بموقفه، إذ يعتبر رئيس الجمهورية أنّ البيان الذي صَدر عن مكتبه الإعلامي كافٍ كمبادرة حسنِ نيّة، أمّا فرنجية فهو مصِرّ على أنّ هذا البيان لا يتناسب مع الموقف وأنّه غيرُ معنيّ به، والموضوع ليس هواجس، بل مشكلة فعلية تحتاج إلى تواصلٍ مباشر لا تُحلّ ببيان.

إقرأ ايضًا: بيان عون «الأبوي» مبادرة تنتظر جواب فرنجية

إلى ذلك قال سياسي لبناني مخضرم لـ”السفير”، فإن الحوار السعودي ـ الإيراني غير المباشر كان هو الأساس في إنتاج التسوية الرئاسية ـ الحكومية (ميشال عون لرئاسة الجمهورية وعودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة)، ويقول إن سعد الحريري ينتظر تمرير تشكيلته الحكومية بأقل الخسائر الممكنة في مرحلة أولى، وبعد نيل حكومته ثقة مجلس النواب، يصبح متحررا من القيود الحكومية وأكثر اندفاعا في مقاربة الملف الانتخابي، ولو اقتضى الأمر الإقدام على مقاربات سياسية جديدة تشبه في مضمونها خيار تبني ميشال عون رئاسيا.

واعتبرت “السفير” أن مشكلة التأليف الحكومي أن الأطراف المسيحية تُقارب الأمور من زاوية ما سينتجه المجلس النيابي المقبل من أحجام ربطا بالواقع المسيحي المتحرك، وخصوصا الحسابات الرئاسية المفتوحة بعد ست سنوات.

وخلصت “السفير” إلى أن كل المؤشرات لا تبشر بأي انفراج حكومي قريب. التبريد المتعمّد يجري استثماره إعلاميا وسياسيا بإظهار أن المعرقل هو جماعة “8 آذار” خصوصا في ظل التناقض الواضح القائم بين “التيار الحر” و “المردة”. السؤال الأساس من سيصرخ أولا إذا طال أمد مشاورات التأليف؟ حتما لا أحد محرج بالوقت إلا العهد الجديد. المبادرة بيد رئيس الجمهورية وكل يوم تأخير يؤدي إلى الإنقاص من رصيده الشعبي والسياسي.

السابق
سرقة بنك الاعتماد في المكلّس
التالي
اخلاء سبيل كامل أمهز مقابل كفالة مالية قدرها 15 مليون ليرة