طريق عارنا.. وقد مرّت فوق جثث أهل حلب

الإنسانية تموت بين دماء حلب، المجازر وحدها التي انتصرت، فهنيئاً لروسيا وإيران ولحملة الشعارات الحسينية وشعار الدفاع عن المقامات.. هنيئاً لكل هؤلاء، انتصار الاستبداد.

ربما بات علينا أن نكون شهوداً على موتنا الإنساني ونحن نرفع رايات النصر. حلب الشرقية أو عصارة التغريبة السورية، تشهد أكبر عملية تدمير ممنهج، في سياق جريمة لم تزل ترتكب بحق الشعب السوري من دون توقف منذ أن انطلقت صرخات السوريين قبل نحو ست سنوات. تلك الأصوات التي لم تكن تملك غير الحناجر وإرادة التغيير نحو فضاء الحرية وكرامة المواطن.

كان العقاب شديداً لتلك الصرخات: القتل والتدمير هو السبيل الوحيد الذي اعتمد من أجل منع التغيير، منع حق المواطنين في أن يكونوا مواطنين أحراراً في خياراتهم السياسية والوطنية، أن يكونوا مشاركين فعليين في إنتاج سلطاتهم الدستورية، بل أن يخرجوا من سجون الظلام والموت إلى فضاء الحياة الكريمة.

ملايين السوريين عوقبوا بالتهجير، عوقبوا بالقتل، ودائماً باسم الحرب على الإرهاب. وها هي حلب اليوم تتعرض لما يشبه الإبادة الجماعية التي تجعل المدينة مباحة لأدوات القتل والتدمير كما لم يحصل من قبل. لقد تجاوز الإجرام في سورية كل ما ارتكبه الأعداء، أولئك الذين يقتل مئات آلاف السوريين بذريعتهم. والأنكى أنّ هؤلاء الأعداء الصهاينة ينعمون بالأمن والسلام. فكلما دمرت مدينة سورية وتمّ تهجير سوري في أصقاع الأرض، يتنفسون الصعداء، ويتلمسون المزيد من الأمان إلى عقود وآجال بعيدة.

حلب

في مقتلة حلب وتغريبة أهلها اليوم، ما يشكل عاراً على كل من يدك ابنيتها ويقتل أهلها، ويشرد شيبها وشبابها. فالعالم الذي يسقط انسانياً على أعتاب حلب، بصمته المريب وعجزه الكاذب عن وقف الجريمة بحق هذه المدينة وسكانها، هو نفسه في سلوكه المتواطىء يكشف كم أنّ المشاركين في هذه المقتلة هم محل حماية ورعاية. هو العار لأن أيّ شبهة تهديد لإسرائيل تقوم طائرات جيش هذا الكيان بتوجيه ضربة له، لما تستشعر منه خطراً. هكذا تقول عشرات الغارات والضربات العسكرية التي طالت مراكز للجيش السوري أو قوافل لحزب الله. سوى ذلك تطلق يد التدمير في كل سورية، وكل الفصائل المقاتلة مكشوفة للطائرات الاسرائيلية، من عرض القصير العسكري قبل عشرين يوماً، إلى الجحافل المتنقلة على طول الحدود مع سورية باسم طريق القدس من العراق او لبنان، ولا تحرك طائرات العدو ساكناً.

إقرأ أيضاً: الفصائل المعارضة في حلب تتحد تحت اسم #جيش_حلب

الرسالة من “أوضح الواضحات”: اقتلوا ما شئتم من سوريين ودمروا بقدر ما تستطيعون من مدن وعليكم الأمان”. هكذا تذكرنا اسرائيل عندما تقوم بضربة عسكرية بين حين وآخر. هذه التي لم تسجل على نفسها أنّها تعرضت يوماً لمن يخوض “الجهاد المقدس” ضد السوريين أو التكفيريين: لطالما أنّكم تخوضون في دماء السوريين فلا أحد سيتعامل مع ما ترتكبون باعتباره خطراً يهدد الأمن الإسرائيلي أو النفوذ الدولي بأشكاله الروسية أو الأميركية”.

مجزرة حلب مستمرة لأنّها خوض في أرواح ودماء الأبرياء. لن يقف أحد من هذا العالم الذي يدعي الحرية، ليقول: أوقفوا هذه المجزرة. ربما قال البعض ذلك لكن أحداً لن يكلف دولته أن تقوم بما يجعل القاتل متردداً أو متحسباً من عقاب أو رد فعل. يذكر الجميع وفي العام 2013 كيف أنّ واشنطن التي هددت بالتدخل إثر استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل النظام السوري ضد شعبه، كيف أنّ النظام استعجل الاستجابة لتسليم السلاح الكيماوي. بالتأكيد لم يكن التدخل الأميركي للذود عن آلاف القتلى المدنيين، بل لأنّ السلاح الكيماوي خط احمر في الحسابات الاميركية، ويتصل بمصالح دولية لا تعني الشعب السوري. المهم أنّ النظام السوري عندما لمس جدية التهديد الاميركي كان سريع الاستجابة وسلم ما يريدون ولا يريدون.

إقرأ أيضاً: المعارضة السورية تعلن تشكيل جيش حلب: ننتظر بثينة شعبان لتقول «خلصت»

القتل مستمر في حلب وآلة الدمار التي توغل في هذه المدينة وأهلها تجعل الإنسان مجرداً من كل القيم الإنسانية، تحيله إلى مخلوق لا غاية له إلاّ السلطة والقتل. فالإنتصار في حلب هو انتصار للاستبداد، لخيار قمع الشعوب ومصادرة حقها في الحياة الحرة والكريمة. ما انتصر في حلب هو الموت. هنيئاً لروسيا ما دمرت، وهنيئاً للمعظّم قاسم سليماني إنجازه التاريخي في رفع راية “يا لثارات الحسين” في بلاد الأمويين، والتهنئة والتبريكات لصاحب مقولة طريق “القدس تمر من حلب”. أبشّر القدس: قاب قوسين أو أدنى من التحرير!

السابق
علوش: الحريري رفض تأجير مطار رياق للروس
التالي
اسرار الصحف المحلية الصادرة ليوم الجمعة الواقع في 2 كانون الاول 2016