شريف فيَاض : فيّاض الشرف والوطنية والعروبة

نعى الحزب التقدمي الاشتراكي يوم الثلاثاء 26 حزيران المقدم شريف فياض.

ليس المهم أن ترافق الكبار ، المهم أن تستحق هذا الشرف. إستحقاق هذا الشرف يكون بالوفاء للفكر والمبادىء عبر النهج والفعل والممارسة وليس كما يفعل البعض عبر السير في الركب بطريقة وصولية لا يلبثون بعدها أن يتنكّروا لكل القيم والمبادىء وينقلبون عليها بطريقة فظة الى درجة الخيانة سعياً لجاهٍ أو منصبٍ أو مالٍ وثروة. الناس معادن والرجال الرجال لا يبدّلون ، والمسيرة وحدها الكفيلة بتبيان الأوفياء والمناضلين من الثعالب الوصوليين.

من المناضلين الشرفاء القلائل خلال السنوات الماضية كان المقدَّم شريف فياض ، وعظمته تكمن أنه بقي على كبريائه ونظافة كفه وعنفوانه وعصاميته الى آخر يومٍ في حياته. هو المناضل المقدام ، هو المقدَّم الشريف الذي إستحق لقب رفيق المعلم الشهيد كمال جنبلاط عن جدارةٍ عالية وفائض شرف. هو من القلائل الذين عاصروا كمال جنبلاط وآمنوا بفكره وعملوا بإخلاص من أجل تطبيق هذا الفكر على المستوى الشخصي والعائلي والإجتماعي والحزبي قبل تطبيقه في العناوين والقضايا النضالية الكبرى المتعلِّقة بالوطن والعروبة والنضال الإنساني بشكلٍ عام.

شاءت الأقدار أن تكون إبنة المقدم شريف فياض “هلا” رفيقة صفّي في المرحلة الثانوية وأن أقتسم معها الطاولة الدراسية الواحدة وأن أتعرف على أهلها من خلالها وأتشرف بصداقة هذه العائلة الكريمة. تعرّفتُ على مناقبية المقدَّم أولاً من خلال ما زرعه في أبنائه وبناته من حسن الطباع والتواضع ودماثة الأخلاق والصدق والشفافية. كانوا عفويين ، لم يتباهوا يوماً بوالدهم وببطولاته ومركزه كما يفعل الكثيرون من أبناء المسؤولين. كنا نرى فيض الشرف والكرامة والأصالة في كل تصرفاتهم وقد لامستها كلها لاحقاً خلال معرفتي القريبة بالمقدَّم فياض وذلك أثناء مشاركتي في أواخر التسعينات بإطلاق “جمعية الخريجين التقدميين”. كان الرفيق والصديق والأمين والأخ للجميع ، ودود طيب المعشر إيجابي تقدُّمي إشتراكي بحقّ.

إقرأ أيضاً: شريف فياض كما نعاه جنبلاط

منذ عدة شهور ، وضع المقدَّم فياض بين يديّ القارىء اللبناني والعربي كتاباً قيّماً عنوانه ” نار فوق روابي الجبل ” أرَّخ فيه حقبة تاريخية مهمة من تاريخ لبنان والجبل ومن مسيرة الحركة الوطنية اللبنانية ونضالات الحزب في سبيل عروبة لبنان ونصرة القضية الفلسطينية. تحدّث بالتفصيل عن معارك حرب الجبل ودوره فيها بكثير من الموضوعية في سرد الحقائق رغم عدم حياديّته في المشاركة بها وإقراره بذلك لأنه يحمل قضية آمن بها وعملَ لأجلها طوال حياته ؛ سردَ الأحداث وأخذ من تجربته عبرة مهمة وهي أن المصالحة والتسوية تبقى أقل كلفة من الحرب ومآسيها حتى على المنتصر.
قرأتُ الكتاب خلال يومين لم أخرجُ خلالهما من المنزل ؛ لعلها من المرات النادرة جداً الذي يشدُّني كتاب الى هذا الحدّ ، فأنهيه بوقتٍ قياسيّ.
للذي لا يعرف المقدم الشريف عن كثب ، عليه قراءة هذا الكتاب الشيِّق والمرجع التاريخي القيم لحقبة مهمة من تاريخ لبنان الحديث.

إقرأ أيضاً: جنبلاط في تأبين المقدم شريف فياض: قد يكون من حسنات القدر أنك رحلت في هذه اللحظة

كم جميل أن تبدأ حياتك تقدمياً إشتركياً والأجمل أن تطبِّق مبادئكَ في حياتك اليومية الى آخر يوم من عمرك مغادراً هذه الفانية بعنفوان وإباء وأنتَ على نفس المبدأ ؛ هكذا فعل القائد المناضل الشريف المقدَّم شريف فياض.
الرحمة من الله لمن إستحق لقب رفيق كمال جنبلاط عن جدارة وفائض شرف ، الصبر والسلوان لعائلته الكريمة ورفاقه ومحبِّيه ، والبقاء لله والوطن…

كلنا راحلون ، العبرة في ما ننجُز وفي ما نأخذ معنا الى دنيا الحق من مبادىء نبيلة وعملٍ صالح وسيرة طيبة يفخر بها أهلنا ووطننا ويخلّدها التاريخ.

السابق
ليلى عبد اللطيف: لن يجلس عون على الكرسي
التالي
سامي الجميل: عون ليس المسيحي الأقوى وإنّما المسيحي الذي يريده حزب الله