أسرار هرولة بوتين نحو تركيا: اقتصادية أم سياسية؟

روسيا من جديد تحتل مشهد الاخبار في الشرق الأوسط. الرئيس الروسي فلادمير بوتين يجد يومياً مساحة له في الإعلام، هذه المرة من تركيا معلناً أن التعاون الإقتصادي مع جارته تركيا على أحسن حاله. فقد عقد الطرفان إتفاقات إقتصادية تضمن مرور أنبوب النفط الروسي عبر الأراضي التركية.

رغم الخلاف الواضح  بين روسيا وتركيا حول الملف السوري، ورغم المحاولات الكثيفة لردم الهوة بين الإستراتيجية الروسية حول سوريا ونظيرتها التركية، إلا ان اللقاء الثنائي الذي جمع بوتين وأردوغان  خلال مؤتمر الطاقة العالمي فصل الخلاف السياسي والعسكري، وسلط الضوء على مصالح إقتصادية تجمع البلدين، سيكون منحاها في الأشهر والسنوات المقبلة ايجابيا بحسب قول الطرفين.

تركيا روسيا

في مقابلة أجراها موقع جنوبية مع أستاذ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية في الجامعة اللبنانية خالد العزي، رأى أن زيارة فلادمير بوتين قبل أيام جاءت على شكل هرولة روسية نحو تركيا.

يقول العزّي ان “ما يحدث الآن بين تركيا وروسيا إلتقاء على المصالح الإقتصادية يأتي في سياق علاقات الضرورة بينهما، بما معناه مصالح فوق الإعتبارات التي تدور في مناطق النزاع خصوصاً سوريا وحصل هذه اللقاءات في ظل همروجة إعلامية من الإعلام الروسي ضد تركيا”.

 

ما سبب اللقاءات الحالية بين روسيا وتركيا؟
“هنالك عدة أسباب، من ضمنها ارتباك العنصر التركي وسط آسيا، هذه الضجة لا تستطيع تركيا تحمل أكلافها. فالأتراك والروس نائمون على ملفات كثير من الصدمات.في السابق مثلاً وخلال سنوات النزاع الازربيجاني – الأرمني (ناغوزي كراباخ)، ساندت تركيا ارمينيا في رسالة واضحة ان الاتراك يمتلكون ملفات ضخمة ضد الطرف الروسي”.

 

ماذا تمثل تركيا لبوتين؟
“تركيا هي المنفذ الوحيد لروسيا، بعد ان تم محاصرتها إقتصادياً من اميركا واوروبا، وقد سمح الغرب لتركيا بأن تكون الشرفة التي تطل من خلالها روسيا على العالم لأن قطع العلاقات بين الطرفين سينتج تداعيات خطيرة على الإقتصاد الروسي وسيؤثر سلباً على تركيا وقد يرفع منسوب الإحتدام بين الغرب وروسيا. بالإضافة إلى أن روسيا بالنهاية تريد إمساك زمام المبادرة لدى سوريا، بمنع وصول الأكثرية السنية الى الحكم ويجب الفصل هنا بين يقين بوتين بضرورة تسوية الصراع السوري بإستبادله في المستقبل، إلا ان الأمر الضروري ايضاً لديه أن يتم إزاحته عبر تسوية تضمن العلويين في السلطة.

 

إن العلميات العسكرية الروسية ضدّ السوريين ذوي الأغلبية السنية أثار حفيظة الدول الإسلامية المحيطة بروسيا. كما شكل التباعد التركي – الروسي حالة غليان غير معلنة لدى أوساط مسلمي روسيا الذين يشكلون 22% من سكانها.

 

لذلك فإن “هروب” بوتين إلى اردوغان الممثل لشريحة مهمة من الطائفة السنية هدأ روع المسلمين. خصوصاً وأن الخلاف التركي – الروسي لاقى لدى مسلمي روسيا رواجاً واسعاً، لسبب أساسي أنهم تأثروا جداً بالحكم العثماني ومازالوا للآن يتكلمون اللغة التركية. وعليه فإن اللقاء يسعى لردم الهوة بين روسيا والمجتمع الإسلامي لديها ويكبح جماح نواة صدام بين مسلميها المتأثرين بشكل او بآخر بالتاريخ التركي وستخلق الإتفاقات حالة تلاقي يمنع تسلل تركيا إلى داخل صراع مؤلف من “النظام الروسي” من جهة و”المجتمع الروسي المسلم” من جهة اخرى وهو إجراء إحترازي روسي بنيَّ على ضوء التجارب التاريخية التي تؤكد دور سلبي لتركيا في الحروب التي كانت روسيا طرفاً فيها ضد المسلمين”.

إقرأ أيضاً: بالفيديو: هكذا استقبل بوتين أردوغان

ماذا ستربح روسيا من الإتفاقات الإقتصادية مع تركيا؟
“اللقاء الثنائي جاء خلال مؤتمر الطاقة العالمي، وهو مؤتمر يبحث سبل إنشاء قواعد نووية تراعي شروط السلم الأهلي وعقد إتفاقات تجارية، وتفعيل خطوط الغاز.أهم إنجاز حصل ليلة الأمس في المؤتمر هو إتفاق الغاز بين البلدين فقد ولد بعد محاولات عدة لإنشاءه. لقد ولد خط الغاز “تركي ستريم” الطامح له بوتين. ولكن الإتفاق يخبيء صراعا  بين روسيا وإيران ستتضح معالمه مع مرور الزمن.

إن “تركي ستريم” يحوي رسالتين، الأولى لإيران التي حاولت فرض أنبوب الغاز العابر للعراق وسوريا، أما الرسالة الثانية فهي للخليج العربي بمعنى يجب التعاون مع الروس ووضع إستراتيجية لضبط أسعار السوق لأن تجربة الروس بالنفط مأساوية، خصوصاً وأن سعر النفط الروسي تأثر بشكل سلبي ولمراحل طويلة بأسعار أسواق دول الخليج وفي مقدمتهم الأسعار التي تقرها المملكة العربية السعودية”.

 

تحدثت عن خلاف إيراني – روسي ما هي أسبابه؟
“روسيا اوحت ليلة البارحة أن الأسد وإيران هما كبش محرقة حروبها. العبارة قد يراها البعض باهتة بسبب تردادها كثيراً ولكنها جزء أساسي من تركيبة الصراع في سوريا.إن روسيا هي الطرف الأقوى الداعم للنظام السوري، وإستطاعت قطف ثمرة من الصراع السوري عبر الإتفاق مع تركيا، وهذا لا يعني إنتصاراً لها، لأن أميركا هي من سيقطف سوريا بأكملها.

إقرأ أيضاً: بوتين – أردوغان: كيف نبعد نيران سوريا عن «السيل التركي»؟

حصدت روسيا نتائج تدخلها حتى لو كانت على شكل إتفاقات قد لا تنفذ على أرض الواقع، إلا ان هذا المشهد “التركي – الروسي” يشكل خيبة أمل لأعضاء محور النظام السوري كإيران. فإيران تحارب على الأرض وروسية وتوقع إتفاقات مع دولة كانت على وشك الذهاب بخيار الحرب ضدها”.

 

وختم الدكتور عزّي: “روسيا لم تأت إلى الصراع السوري من أجل فتح باب عبور لإيران. ومن هنا نفهم طبيعة تصرفات موسكو في حروبها فهي دائماً بشكل أحادي وفوق جميع حلفائها، ودليل على ذلك أنه وفي العودة إلى اتفاق جنيف 3 و 4، لم يأت أي ذكر لدور إيران، أو حتى اي دور للنظام السوري”.

السابق
هذه انتصارات حزب الله في سوريا
التالي
سالم زهران لفضل شاكر: لن يسألك عن مصيرك لا البغدادي ولا قادة داعش!