حمّى «حماة الديار»… تجتاح الاستقرار في لبنان

بعد افراغ الدولة اللبنانية من رأس هرمها، وتعطيل المؤسسات الدستورية وعملها، ها هي الميليشيات تظهر واحدة تلوى الأخرى ، وبعد خلق «سرايا المقاومة» في البيئة السنية، خرج الى العلن ميليشيا جديدة تحت مسمى «حماة الديار»، التي جعلت النائب أحمد فتفت يتنبأ بأنّنا بتنا على مشارف الحرب الأهلية!

فجأةً استفاق اللبنانيون على ميليشيا جديدة تحت مسمى «حماة الديار»، وهو اسم ولقب شهير للجيش السوري، و”حماة الديار” اسم برنامج تاريخي تعرضه القناة السورية الرسمية منذ عقود للحديث عن أخبار الجيش السوري، لتترك بذلك علامات استفهام ودلالات عديدة حول دور هذه الحركة وأهدافها، خصوصًا بعدما ظهر عناصر من الحركة التي خرجت الى الأضواء بشكل مفاجئ وهم يتلقون تدريبات عسكرية في ثكنات تابعة للجيش اللبناني، وبطاقات دعوات لأنشطة برعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي، وأناشيد تفيد بأخذ الثأر من الارهابيين الذين يشنون حملات ضدّ الجيش.

حركة حماة الديار
يقول رئيس الحركة رالف الشمالي لـ«المدن»: «نحن جمعية مرخصة من وزارة الداخلية، وهدفنا دعم الجيش والمؤسسات الأمنية.. نحن نوفر الدعم اللوجستي للجيش وعند الضرورة وعندما يستهدفنا الإرهاب في منازلنا سنحمل السلاح لردعه» وكل هذا بدعم من قيادة الجيش بحسب الشمالي. كذلك صدر بيان توضيحي أمس عن «حماة الديار» عرّفها بأنّها «حركة مدنية لبنانية انصارها من كلّ الطوائف اللبنانية وتمثل النسيج اللبناني، ليس لدينا حركة حماة الديار

أسلحة، أو أعمال تسليح أو جانب عسكري…هدفنا دعم الدولة اللبنانية والجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي..».

 

تأليف هيئات، فتح مكاتب وتكليفات، تدريبات عسكرية، استعراضات وتوعّد بأخذ الثأر من الارهابيين، كلّها صفات خرجت إلى العلن في غضون أيام لتشكّل حالة من القلق في صفوف الرأي العام الذي شبّهها بـ«سرايا المقاومة» والتي ولدت من رحم تنظيم حزب الله المسلّح، ويصفها اللبنانيون بـ«سرايا الفتنة» التي تغلغلت في مناطقهم لبث التفرقة بين أبناء الطائفة الواحدة.

«إنها علامة من علامات انهيار الدولة» هكذا وصف القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش لـ«جنوبية» نشوء هذا التنظيم، وأضاف «ما يحصل غير مقبول هي ميليشيا بكل ما للكلمة من معنى، ويبدو أنّها عصابة مرتبطة بمشروع يحضر للبنان، وللشمال تحديدًا لإرهابه».
وتابع علوش «على مستوى الشمال يجري حاليًا بحث جدّي بين كافة نواب الشمال لإصدار موقف موحّد ضدّ هذه المليشيا التي تنذر بانهيار الدولة، وهي جزء من منظومة لما بعد الدولة التي باتت على شفير الهاوية».

اقرا ايضًا: «سرايا المقاومة»: 7 أيار اليومية

 

كذلك وصف النائب في كتلة المستقبل النيابية أحمد فتفت «حماة الديار» بـ«الميليشيا التي لا يمكن وصفها إلاّ بمنظمة خارج إطار الدولة تنعكس سلبًا على المجتمع وعلى الجيش اللبناني نفسه الذي لا يحتاج إلى حماة يقفوا بجانبه لأنّ الشعب اللبناني بأكمله خلف الجيش اللبناني، ويجب معرفة كامل الحقيقة من قائد الجيش لأن هذه المومعة هي مسيئة للمؤسسة العسكرية قبل غيرها».
ولفت فتفت لـ«جنوبية» أنّ «الحرب الأهلية في السبعينات بدأت بالتسلح لمجموعات تحت مسميات عدّة كشفية وغيرها لتتحول بعدها لأبرز الميليشيات التي حركة حماة الديارشاركت في الحرب الأهلية، وهذا ما يحصل اليوم حماة الديار، سرايا المقاومة، حزب الله، تنظيمات مسلحة تحمل شعارات مختلفة».

اقرا أيضًا: «حماة الديار» لبنانية: مليشيات جديدة.. للجيش؟

 

حملة شعبية وسياسية رافقت خروج حركة تعلن أنّها منضوية تحت قيادة الجيش والجيش اللبناني، من دون صدور بيان من قبل قيادة الجيش يوضّح للبنانيين حقيقة هذه الميليشيا، ولكن التصريح الصارم لوزير الداخلية نهاد المسنوق المس أضفى ارتياحًا لدى الرأي العام حيث أكّد أنّ «حماية الديار تكون بالتفاهم والحوار والتنازلات المتبادلة وليس بمزيد من الميليشيات»، وأضاف «سنتقدم بطلب إلى مجلس الوزراء لسحب ترخيص حماة الديار».

 

مصدر شمالي أكّد لـ«جنوبية» أنّ «المعلومات الأولية عن حماة الديار تؤكّد أنّها مؤلفة من مجموعة من الشباب أغلبهم ضباط متقاعدين من الجيش اللبناني وذات أكثرية مسيحية، تغلغلت في الشباب السني شمالاً» وأضاف المصدر «يبدو أنّ “حماة الديار” هي ميليشيا رديفة شمالاً لميليشيا “سرايا المقاومة” المتغلغلة في اقليم الخروب وصيدا والبقاع».

 

رئيس حركة «حماة الديار» رالف الشمالي تحدّث عن آلاف العناصر المنضمة إلى الحركة، وقبل أسبوع تقريبًا خرج قائد «سرايا المقاومة» أبو رامي عبر جريدة «الأخبار» للحديث عن 50 ألف عنصر مجنّد في السرايا وتدّث عن التدريب الاحترافي الذي يتلقاه عناصره، وعن الامكانات والخبرات التي يمتلكونها، ومساعدة «المقاومة على تقوية عودها وطنياً وأمنياً»، وصف دورهم باختصار «مواجهة التهديد الداخلي، والمساهمة في المواجهة الخارجية».

يتشابه الرجلان في الحديث عن مواجهة التهديدات الداخلية وخطر «الارهاب»، وعن الوطن وحماية الداخل والخارج والجيش والمقاومة! فهل بتنا أمام قوى موازية لقوى الدولة،  تؤكّد سقوط الكيان اللبناني الذي يقرّ حصرية السلاح للجيش اللبناني، وحصرية قرار الحرب والسلم بالمؤسسات الدستورية؟

 

السابق
بكركي تحذر: استمرار الحكومة من دون المسيحيين سيؤدي إلى الخراب
التالي
الحراك المدني في ذكراه الأولى: تراجع ولم يفشل بعد