المثقفون تحت الرقابة الأمنية في ايران

أحالت الحكومة الإيرانية النص النهائي لمشروع قانون "البرنامج السادس للتنمية والتطوير" على مجلس الشورى، للتصويت،على أن يتم تنفيذه على مدى خمس سنوات، ابتداء من اليوم التالي للتصويت.

من المقرر أن يحدد مشروع القانون الجديد الخطوط العريضة لسياسات الجمهورية الإسلامية في مجالات الاقتصاد والعلاقات الخارجية والثقافة والتعليم والتكنولوجيا والشؤون الاجتماعية والقضاء والأمن والدفاع والاستخبارات، من خلال 35 مادة.

اقرأ أيضاً: خفايا حياة خامنئي (1): الوجه الآخر للزعيم الزاهد

أما اللافت في “البرنامج السادس”، فهو تخصيص مادتين قانونيتين، تعنيان بالشأن الثقافي، إضافة إلى مادة ثالثة خاصة بالأمور التربوية والتعليمية، وهذا يعني أمرين من اثنين: إما أن الجمهورية الإسلامية تسعى بجدية إلى تطوير مفاهيم الثقافة والتعليم وإما أنها تريد تطويق هذين الشأنين بما يناسب مفاهيمها الخاصة. والمرجح أن الاحتمال الثاني هو ما يهم الجمهورية الإسلامية.

فقد تضمنت المواد الثلاثة الآنفة الذكر، فرض شروط تضيقية إضافية على الصحف المطبوعات والبرامج والمواد التعليمية، وزيادة إجراءات التدقيق والرقابة على مضامين المؤلفات المحلية والمترجمة على اختلافها، وتكليف جهات وعناصر إضافيين بهذه المهمة، التي كانت منوطة في السابق بوزارة الثقافة والإرشاد حصرا.

وبحسب قانون المطبوعات الإيراني يحق لوزارة الثقافة والإرشاد فقط، مراقبة المطبوعات والمؤلفات، كما يحق لها إصدار تراخيص النشر في هذا المجال أو سحبها أو منعها.

يبدو أن “البرنامج السادس” سحب هذه الخاصية من وزارة الثقافة والإرشاد، بذريعة أن الوزارة المعنية شهدت في الآونة الأخيرة استخفافا بالمعايير والأنظمة الضابطة للتأليف والنشر في المجالين الثقافي والفني، واستفاضت في إعطاء التراخيص، بحيث أصيبت الأسواق الثقافية والفنية بالتخمة، وبكثير من الأعمال الهابطة، التي لا يراعي معظمها القيم الإسلامية والأخلاقيات الدينية، مما انعكس سلبا على جيل الشباب، الذي انساق نحو التمثل بالغرب والتنكر لقيمه المجتمعية.

زواج المتعة في ايران

وبناء على هذا الادعاء، كلف “البرنامج السادس” رسميا، السلطة القضائية والأمنية، بحماية الحياة الثقافية في الجمهورية الإسلامية، عبر مشاركة وزارة الثقافة والإرشاد في مراجعة التراخيص وقبولها أو ردها، مراقبة المطبوعات والمؤلفات قبل الطبع وبعده. مما يعني أن القضاء والأمن أصبحا المرجع الرئيسي لأي منشور أو إنتاج ثقافي أو فني في الجمهورية الإسلامية، لاغين بذلك دور وزارة الثقافة والإرشاد وعملها.

قد لا تأتي قوانين الرقابة الجديدة، على الحياة الثقافية في الجمهورية الإسلامية، ثمارها، في الأشهر الستة المتبقية من السنة الشمسية الفارسية، المتزامنة مع قرب انتهاء ولاية حسن روحاني، فمنشورات هذا العام، نجت من عيون الرقابة، وانتشرت بين الأيدي قبل وصولها إلى يد المرجع القضائي والأمني، وقد احتفل معرض طهران للكتاب، مطلع هذا العام، بمشاركة 134 دار نشر في فعالياته. لكن ماذا عن نتاج السنة المقبلة والسنوات التي تليها؟ وفق مصدر في اتحاد الكتاب الإيراني، فإن العافية الثقافية، التي شهدتها إيران في عهد روحاني، سرعان ما سوف تتبدل مرضا، حين تنتهي ولايته، أو في حال لم تختر البلاد رئيسا معتدلا آخر، وسوف تتفاقم الأمراض المعادية أو تلك التي تخاف من حرية التعبير والرأي كما ونوعا، وسوف يصاب جسد الثقافة الإيرانية بأشد الأوبئة فتكا، ألا وهو الرقابة.

اقرأ أيضاً: إرهاب داعش يخدم إيران…والتطرف الشيعي يقوّيه

وإذا أصبح الكاتب أو الفنان الإيراني مجبرا على مراجعة أكثر من جهة، ومضطرا لمراعاتها جميعا، وتعديل إنتاجه وفق ميولها، أو وفق محدودياتها الفكرية والثقافية، ليتمكن من نشره، فأي نوع من الثقافة سيبقى لدينا؟ وأي نوع من المثقفين والمؤلفين سوف تنتج هذه البلاد؟

 

السابق
مقتل شاب في الليلكي واصابة آخر على خلفية الاتجار بالمخدرات
التالي
ترامب يحرّض الناخبين السود ضدّ كلينتون