الجمهورية الروحانية والحرس

هل يستعد “حرس الثورة ” في الجمهورية الاسلامية في ايران للانقلاب على الرئيس حسن روحاني ، ام انه يغطي خسارته بإطلاق قنابل صوتية تؤجل إعلانها لكنها لا تحول دون وقوعها ؟
لا شك ان الترحيب الشعبي الإيراني من جهة والدولي والإقليمي من جهة اخرى ، وضع المعارضين للاتفاقية النووية في الزاوية وأجبرهم على الصمت اولا، ثم اللجؤ الى الهجوم كأفضل وسائل الدفاع . الجنرال محمد علي جعفري قائد “الحرس الثوري” ليس من النوع الذي يكثر من المداخلات السياسية العلنية ، لكن لوحظ انه في اقل من أسبوعين قفز الى الواجهة ، ولم يترك غيره من المستشارين إلقاء الخطب والتصريحات . البعض في طهران اعتبروا ان جعفري يعرف انه دخل مرحلة العد العكسي للتقاعد ولذلك أراد التمهيد للعب دور سياسي كما فعل غيره من قادة “الحرس” مثل محسن رضائي ومحمد قاليباف . لكن يبدو ان هذا السبب وان كان واقعيا خصوصا وان التغييرات في قيادة “الحرس” ستكون اكثر من طبيعية متى اكتمل بنيان “الجمهورية الروحانية”، اضافة الى ضرورات ضخ دماء جديدة في القيادة ، فان هذا هو الجزء الطافي من جبل الجليد ، اما الجزء الأضخم فهو الذي تحت الماء .

اكثر ماآثار الأسئلة حول نوايا الجنرال جعفري ، ان العميد مسعود جزائري مساعد رئيس الأركان العامة للشؤون الثقافية في الجيش والمعروف بعلاقته القديمة بالمرشد أية الله علي خامنئي وبتصريحاته النارية شدد على ان ” الولايات المتحدة الاميركية انما تتكلم من موقع اليأس ” . في طهران يقول المتابعون ” ان الحرس ومعه أطراف من الجيش أبدوا انزعاجهم وحتى رفضهم للتخفيض الكبير للمخصصات العسكرية من ميزانية العام القادم الذي يبدأ في ٢٠ اذار ٢٠١٤ حسب التقويم الشمسي وينتهي في آذار من العام ٢٠١٥ . لكن هذا التخفيض وان كان قد تم لأسباب اقتصادية ملحة الا ان هذه القيادات تشعر ان العملية فيها” من الحق الذي يراد من تحقيقه باطلا” وهو الغاء دور “الحرس” وإرجاعه الى الثكنات ، وان الخطوة الاولى لتحقيق ذلك هي في تجفيف مصادر قوته الاقتصادية التي انطلق منها وتمدد بها الى دوائر القرار السياسي .

اعلان الميزانية تأخر ثلاثة اشهر لان الرئيس احمدي نجاد لم يقدمها كما تقضي الأصول حتى لا ينكشف وضع الخزينة الواقعة تحت دين يصل الى ٦٧ مليار دولار . الرئيس روحاني الذي قدم ميزانية ” واقعية” وعد بالعمل على تخفيض نسبة التضخم الضخمة جدا( حوالي ٤٣ ٪ ) وتحقيق نمو بنسبة تزيد على ٣٪ بعد ان تبين ان النمو انخفض في العام الايراني الماضي الى ٦ تحت الصفر ، كما أشارت الميزانية الى حساب سعر برميل النفط ب ٩٥ دولارا فقط ولم يتم تحديد سعر الصرف بالعملة الإيرانية بانتظار التطورات . باختصار الميزانية اعتبرت ميزانية تقشف حقيقية طالت كل المواقع .

بعيدا عن الاسباب التي حدت بالجنرال جعفري الى اعلان موقفه الحاد وهجومه غير المسبوق على وزير الخرجية محمد جواد ظريف والذي فسر بانه محاولة لضرب ” الخاصرة الضعيفة” لروحاني ، فان كلام جعفري امام طلاب جامعة الامام الصادق المحافظة مرفوقا بتصريح جزائري وايضا كلام عباسي دواني الرئيس السابق للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية الذي قال انه” لو قدم سعيد جليلي ١٠٪ مما عرض في جنيف لانتخب رئيساً للجمهورية” كله يبقى مهما ويؤشر الى تهديدات بعدم كسر “خطوط حمراء “يتم رسمها وتتمثل :

* “ان التهديد الرئيسي يوجد في الساحة السياسية ولا يمكن للحرس ان يلزم الصمت حياله” . يعتبر هذا التحديد لدور الحرس من الجنرال جعفري رد مباشر على الرئيس روحاني الذي قاله للطلاب فور انتخابه ” ان دور الحرس أرقى وأبعد من الاحداث السياسية ان دوره ليس دور حرس الحرب في المنطقة وانما حرس الأمن والاستقرار” . وهو رفض واضح لإنسحاب “الحرس ” من الميدان السياسي وإعادته الى أيامه الاولى قوة عسكرية مؤدلجة للدفاع عن الثورة والدولة كما ينص الدستور .

* ” سوريا تمثل لنا الخط المتقدم في المواجهة ، وإيران لن تدخر جهدا في الحفاظ عليها ” . وهنا يمكن التساؤل هل يشعر قادة “الحرس” ان حلا مطروحا في المفاوضات مع الامركيين حول سوريا يساهم في قصقصة اجنحتهم في سوريا ؟

” نرفض اي طلب غربي احتمالي يتعلق بخفض الترسانة الصاروخية ” وهنا بين الاحتمال والطلب الامريكي خيط رفيع فأين هي الحقيقة؟

في هذا الوقت يبدو الرئيس روحاني مطمئنا لوضعه خصوصا وان المرشد أية الله علي خامنئي اشرف بنفسه على الاتفاقية النووية وان المفاوضات مع واشنطن بدأها قبل عام مستشاره علي ولايتي ولا يمكنه التنصل من بنودها ولا مفاعيل المصالحة مع ” الشيطان الاكبر” . وقد بلغ اطمئنان روحاني الى درجة انه أمضى يوما في التريض مع الايرانيين في الجبال وهو يرتدي ملابسه الرياضية ، ثم بثها على موقعه الاكتروني

السابق
الحرب على نجوى كرم فُتحت
التالي
إم طعّان راجعة من بروكسل