فضل الله: لا يمكن بناء بلد قوي في ظل الفساد الذي ينخر مفاصله

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

 

“البداية من لبنان، الذي بات الحديث فيه عن الفساد أمرا طبيعيا يمر مرور الكرام، فهو لم يعد يحرك ساكنا في المواقع والأشخاص، ولا يستوجب المساءلة والاستجواب، وسرعان ما ينسى ويطيف ويمذهب، ويدخل تحت قاعدة “غطيني لغطيك”. وإذا كانت الضرورات تفرض فتح ملف يختص بموقع سياسي أو طائفي، فليس بالإمكان الخوض فيه إلا أن يفتح إلى جانبه ملف يختص بموقع سياسي أو طائفي مقابل، فالفاسدون في هذا البلد محميون من طوائفهم، وآمنون من أجهزة الرقابة والتفتيش، فهي لا تصل إليهم، ويكفي دليلا على ذلك أننا سمعنا بالأمس، ونسمع كل يوم، ومن عارفين بمجريات الأمور، ممن يقال عنهم: “وشهد شاهد من أهله”، حديثا عن فساد في هذا الملف أو ذاك، أو في هذا الموقع أو ذاك، وتمر الأسابيع والأشهر ويبقى الهدر والفساد ولا يتغير شيء. نعم، قد تفتح ملفات للاستثمار السياسي، أو لتسجيل النقاط في هذه القضية أو تلك، لكنها لا تنهي معاناة أصحابها، وسرعان ما تغلق من دون محاسبة وتحميل أحد المسؤولية”.

وقال: “وهنا نتساءل: هل أغلق ملف الإنترنت غير الشرعي بعد محاسبة المرتكبين، أو ملف الكهرباء، أو التلوث في نهر الليطاني وبحيرة القرعون، أو ملف النفايات والصفقات التي تختفي خلفه ولا تزال؟. إننا لا نريد عند ذكر هذا الحديث، أن نجدد ألم اللبنانيين ووجعهم، بقدر ما نريد أن نؤكد المسؤولية التي تتعلق بنا جميعا كلبنانيين، فكما نحن معنيون بحماية البلد من عدو يتهددنا من الخارج، وقدمنا لأجله، ولا نزال نقدم، التضحيات الجسام، فلا بد من أن نواجه ما يتهددنا في الداخل، بالهمة نفسها والاستعداد للتضحية، فلا يمكن بناء بلد قوي في ظل الفساد الذي ينخر مفاصله، فالكل يعرف أن الفساد كان سابقا، وسيكون لاحقا، من أهم السبل لنفاذ العدو من الخارج إلى الداخل”.

واكد “إن مسؤوليتنا عندما نرى منكرا أن نواجهه، والفساد هو أساس المنكرات، فعلينا أن نغيره بيدنا، وإن لم نستطع فبلساننا، وإن لم نقدر فبأن نقاطع الفاسدين أيا كانوا، وفي أي موقع وجدوا، أو أن ندير لهم ظهورنا، وبذلك فقط لا نكون شركاء في أعمالهم”.

وتابع: “وفي موازاة الفساد، نقف عند ظاهرة العنف، والمقصود بها العنف ضد المرأة، الذي وصل إلى حد القتل، وهذا الأمر لا بد من التوقف عنده، لأن المعنفين يستغلون ضعف المرأة الجسدي والقانوني، ويسيئون إلى دورها كإنسانة وأم، ويهددون كيان الأسرة، فكيف نبني أسرة وهناك كيان أساسي فيها مقموع ومضطهد ويساء إليه؟. إن ما حدث، وما نخشى أن يحدث في المستقبل، يحتاج إلى دراسة سبل الوقاية منه، وأهمها حسن اختيار الزوج وعدم التسرع، ومعالجة أسبابه، وتفعيل أسس الردع، بحيث يشعر المعتدي أو القاتل أو المسيء، بأنه سيواجه عقابا قاسيا لا تهاون فيه إن أقدم على هذا الفعل، فالضرب غير مبرر شرعا وقانونا، ولا يمكن للزوج بأي حال أن يبادر إلى القتل تحت أي عنوان، ولا بد من تحديد نوع الجزاء، وفقا للأصول الشرعية والقانونية. من هنا، وانطلاقا مما حدث، ندعو إلى تحقيق العدالة، بعيدا عن كل التداخلات التي بتنا نعهدها في هذا البلد، فالتساهل في تطبيق العقوبات هو جريمة بحد ذاتها، ويؤدي إلى المزيد من الجرائم، ويشجع من يستسهلها على القيام بها”.

وتابع: “ونبقى في لبنان، لنثمن المبادرة التي طرحت أخيرا لحل الأزمة السياسية، والتي نأمل أن تفتح الباب للحوار الفعلي، بما يؤدي إلى انفراجات سياسية تساهم في تعزيز الوحدة الداخلية وإيجاد حلول للملفات العالقة”.

 

 

السابق
مذكرات توقيف بحق 84 استاذا جامعيا يشتبه في علاقتهم بغولن
التالي
سعد الحريري عبر تويتر: من هو الإرهابي؟