أردوغان في روسيا مدعوما بانتصارات المعارضة في حلب

اردوغان
بعدما وصلت الأزمة السياسية بين موسكو وأنقرة إلى ذروة توترها خلال الأشهر الماضية ، إثر قيام تركيا بإسقاط طائرة روسية بحجة اختراق مجالها الجوي عند الحدود مع سوريا في تشرين الثاني الماضي، يبدو ان مساعي تبريد هذه الأزمة وصلت الى خواتيمها مع اللقاء الذي جمع الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في روسيا امس .

اسقاط الطائرة الروسية كان بمثابة ضربة موجعة للعلاقات السياسية والإقتصادية بين روسيا وتركيا، وذلك بعد إصرار موسكو على وقف التبادل التجاري مع تركيا، إذ هبطت الصادرات التركية إلى روسيا في النصف الأول من العام الحالي حيث بلغت قيمتها نحو 737 مليون دولار أي بانخفاض بنسبة 60.5% بالمقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

اقرأ أيضاً: تفاصيل لقاء أردوغان – بوتين: اتفاق على الأهداف في سوريا…

كما تسبب النزاع في تجميد مشروعين ضخمين للطاقة وهما تركستريم لنقل الغاز الطبيعي عبر البحر الأسود و مفاعل أكويو النووي الذي تشرف روسيا الوكالة الفيدرالية للطاقة النووية الروسية على بنائه. وقبل الأزمة، كانت روسيا المستورد الرئيسي للمنتجات التركية من الخضروات والفاكهة وتسعى أنقرة جاهدة إلى أن تسهم الزيارة في رفع حظر الاستيراد.

يأتي الآن اللقاء الذي جمع القيصر بالسلطان في سان بطرسبورغ، في خطوة ثانية على خط تبريد العلاقة بين البلدين كان قد سبقها في الأول من تموز لقاء بين وزيري خارجية الدولتين، بعد أشهر من القطيعة الدبلوماسية.

اردوغان وبوتين

وأعلن بوتين امس (الثلثاء) في مؤتمر صحافي أعقب الاجتماع، أن بلاده ستبدأ رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على تركيا مطلع العام بشكل تدريجي، مضيفا أن الطرفين سيركزان في المرحلة المقبلة على إعادة العلاقات التجارية والاقتصادية كما كانت قبل الأزمة. كما اتفق الطرفان أيضا على أن تقوم روسيا بمساعدة تركيا في بناء محطة نووية في مدينة أكويو، وإلغاء الحظر على شركات السياحة التركية.

وقال أردوغان من جانبه أن الطرفين عازمان على تطوير وتعزيز العلاقات بينهما إلى “أقصى حد ممكن”، وأشار إلى أن التعاون المستقبلي بين أنقرة وموسكو سيتضمن مجالات الدفاع ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى اتخاذ خطوات لتأمين إيصال الغاز التركي إلى أوروبا. وحول الملف السوري، قال بوتين إن آراء البلدين بشأن التسوية في سورية ليست متطابقة، لكنه أضاف أنه سيناقش الموضوع في وقت لاحق مع نظيره التركي بحضور وزراء الدفاع والخارجية.

في هذا السياق رأى الكاتب والمحل السياسي مصطفى فحص في حديث لـ”جنوبية” “فعليا اللقاء جرى في المدينة الروسيةمصطفى فحص سان بطرسبورغ والتي عرفت سابقاً باسم لينينغراد نسبة الى لينين مؤسس الاتحاد السوفياتي، وكان أسس المدينة القيصر بطرس الأول وهو الذي وضع حدّ للتقدم العثماني وهي الآن جمعت وريث القيصر بالخليفة العثماني”.

ولفت إلى أن “الزيارة في عمقها اقتصادية، لان الطرفين بحاجة لبعضهما البعض في المجال الاقتصادي”. وتابع “تركيا تريد عودة تنشيط السياحة والتجارة بعد الأزمة، كما أن روسيا تريد علاقة مستقرة مع تركيا وذلك لإستئناف العمل بالمشروعين الضخمين للطاقة وهما تركستريم لنقل الغاز الطبيعي عبر البحر الأسود، ومفاعل أكويو النووي الذي تشرف روسيا الوكالة الفيدرالية للطاقة النووية الروسية (روزاتوم) على بنائه. وهذا المشروع كان قرار روسي استراتيجي اقتصادي وسياسي”. مشيرا إلى أن “مردّه وقف زحف الغاز الإيراني إلى العمق الأوروبي وهو بالنسبة لروسيا يعتبر كأنبوب بديل وهو حيوي بالنسبة لها للاستعجال بالدخول إلى السوق الأوروبية قبل أن تتمكن إيران من الدخول إلى هذه الأسواق”.

وتابع فحص “والمعروف ان الدول المصدرة للغاز هي “روسيا، قطر، ايران وقريبا إسرائيل”، والمعروف أيضا وجود دول ممرات، وتعتبر تركيا إحداها لذا أصبحت روسيا حتما مضطرة الى اعادة تنشيط العلاقات معها، أما سياسيا فالمطلوب إستكمال التقارب الإقتصادي بما أن الجغرافيا السياسية تربطهما، وهذاالأمر تاريخي، وروسيا تريد الحفاظ على المناطق الحيوية بحاجة كأوراق ضغط متبادلة”.

وتطرق فحص الى قواعد التسوية بين روسيا وتركيا فرأى أن” التسوية جرت على مرحلتين، فكان هناك شعور لدى بوتين إنه أزل اهانة اسقاط الطائرة الحربية الروسية بعد ان قدم له أردوغان الإعتذار ودفع الاخير الثمن بوحشية الغارات الروسية في سوريا”.

وتساءل فحص ” مرحلة ما بعد الاتفاقية هل ستستمر هذه الهمجية الروسية في سوريا؟ وهل هناك إمكانية للعودة إلى ما قبل إسقاط الطائرة؟ فالمفارقة أن أردوغان ذهب إلى روسيا منتصرا في حلب، وحلب هي ميزان المعارك السورية وما فعله أردوغان اليوم أنه رجّح كفة المعارضة السورية في حلب”.

ولفت فحص إلى أن “بوتين أصبح مضطرا اليوم إلى مراقبة علاقته مع أردوغان سيما ان الجيش التركي تغير والمعوقات التي كان يضعها الجيش التركي لأردوغان في سوريا أزيلت، لذا فأي ضغط على الأمن التركي أصبح في حسابات بوتين”.

اقرأ أيضاً: حلب وبوتين وأردوغان

وخلص فحص بالقول أن “بوتين لا يصدق الجغرافيا السياسية ويدرك تماما أن عقل أردوغان في واشنطن وهو يتدلل على الولايات المتحدة بإنتظار أن يخرج أوباما من البيت الأبيض”. وختم “لذا فالزيارة ليست انقلابا على مواقف تركيا في سوريا فمعركة فك الحصار في حلب ما كانت لولا التدخل التركي المباشر فيها”.

السابق
الفصائل المعارضة في سوريا: الهدف الأخير لمعركة حلب هو السيطرة على المدينة
التالي
الجزيرة: مقتل عنصرين لحزب الله في حلب