إنشقاقات ما بعد الانتخابات…هل بدأ التيار العوني يحتضر؟

هي ديمقرطية مع وقف التنفيذ إذ دعا الديكتاتور البرتقالي جبران باسيل أمس المعترضين في التيار إلى الإستقالة قائلا "لن نسكت على من يتطاول على التيار من داخله وأدعو من يريد الاستمرار بهذا النهج إلى الاستقالة". وبالفعل بدأ باسيل حملته الاقصائية بالجملة. فماذا بعد خنق اصوات المعترضين؟

بخطوة وصفها رئيس التيار الوطني ديمقراطية، أنهى التيار تجربة الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشحين المحتملين للانتخابات النيابية، لكن هذه الانتخابات ترافقت مع قرارات جائرة بفصل ابن شقيق الجنرال ويدعى نعيم عون والمسؤول الإعلامي السابق أنطوان نصر الله، ومسؤول منطقة بيروت زياد عبس، والناشط بول أبي حيدر بتهمة مخالفة النظام الداخلي، ولاحقا تمّ استدعاء الناشط ومقدم برنامج “لهون وبس” هشام حداد من قبل المحكمة الحزبية في التيار.

 لكن، المفارقات في انتخابات دائرة بيروت الأولى، هي حصول القيادي المفصول من التيار زياد عبس، على 174 صوتاً اعتبرت ملغاة، فيما حصل الوزير السابق نقولا صحناوي على 184 ليفوز عن هذه الدائرة. فتمرّد الحزبيّون على قيادتهم من خلال التصويت بأوراق بيضاء رفضا لإملاءات باسيل، وسجّلوا بذلك علامة مفصليّة ونقطة فارقة في تاريخ التيار بالإشهار بمعارضة القيادة.

ولم يكن تصريح نائب التكتل التغيير والاصلاح زياد أسود  للنهار اليوم (الثلثاء) سوى مثالا واضحا عن مدى التناقض والتشرزم وتصاعد حركة المعارضة في التيار إذ رأى أن ما الانتفاضة التي افرزتها صناديق الاقتراع في الانتخابات سوى “صفعة لباسيل بعد سنة من توليه مسؤولية رئاسة الحزب وتأكيد على ان مناضلي التيار يرفضونه”. على ما يقول بإصرار نائب جزين زياد أسود الذي حصد غالبية اصوات العونيين في دائرته الحزبية، أسوة برفاقه في “النضال”.  كم ذهب أسود الى إشهار التحدي امام الجميع من خلال الإعلان: “أنا في صف المعارضة، والتيار الوطني الحر ليس تيار رجال الأعمال بل هو تيار الفقراء والمناضلين، ومن لم يتخرج من رحم النضال والمعاناة فلا مكان له في حزبنا“.

 

وفي تصريح للمسؤول الإعلامي في التيار الوطني الحرّ الذي جرى اقالته أنطوان نصرالله  كشف لـ “جنوبية” أن “سبب الفصل المزعوم هو تناول القضايا الداخلية المتعلقة بالتيار ونشرها إعلاميا”. وقال “وهذا السبب غير صحيح فنحن خرجنا من التيار لأنه لم يعد هناك مساحة من الحرية داخليا لمناقشة الأوضاع والمسائل التنظيمية المتعلقة بالتيار”. كما اتهم نصرالله باسيل “بالقضاء على آخر مساحة من الحرية في لبنان التي كانت موجودة في التيار وكنا نفتخر بها أمام الجميع” مضيفا “هامش الحرية الذي اضمحل إضافة إلى استعمال النظام وتعديله وفقا لأهواء باسيل”. وتابع “كل هذه الأمور دفعتنا بتناول الملفات الداخلية عبر الاعلام اعتراضا على هذه السياسة”.

إلى ذلك، نفى أن يكون “تم التواصل معه ومع زملائه المفصولين من قبل العماد ميشال عون مؤكدا على اعتراضه على قرار الفصل حتى لو كان مغطى من أية جهة كانت”.

اقرا ايضًا:  التيار الوطني الحر فصل عبس وعون ونصرالله… فكيف علقوا!

ومثال على سياسة التيار المعتمدة ومصادرة القرارات بحسب نصرالله “الأمثلة كثيرة كالاستئثار بقرارات الهيئة الحزبية في التيار الحرّ، إضافة إلى موضوع الترشيحات والتعديلات البسيطة فيما يتعلق بالسماح لمن عمره سنتان في التيار بالترشح، التعيينات في المجلس السياسي أو المحكمة الحزبية إضافة إلى استدعاء عبس ليلة الانتخابات التمهيدية واقفال باب الترشح بوجهه وغيرها..”

وخلص نصرالله بالتأكيدعلى أنه “هو وزملائه سيستمرون في نضالهم حتى ينتصر الحق وهناك الكثير من الحزبيين في التيار سبقوهم في نضالهم”. وقال “التيار هو روح نضالية ولا ويستطيع أي نظام القضاء على هذه الروح لأنه بذاك يجعل التيار الوطني تمثال  جامد ونحن لن نقبل بهذا الأمر”.

وفي هذا السياق، رأى المسؤول الاعلامي السابق في «التيار الوطني الحر» وأبرز مؤسسيه الياس الزغبي  في حديث لموقع “جنوبيه أن “ما يجري اليوم داخل التيار هو مؤشر على بداية نهايته، فعلى الرغم من صغر سنه لم يستطع بعد بلوغ العمر المتقدم الذي بلغته الأحزاب الأخرى، فأُصيب بأمراض خطيرة وقاضية”.
وأشار الزغبي الى إصابة التيار بمرضين “الأول عدم التحول إلى حزب سياسي حديث رغم كل الشكليات الديمقراطية التي نراها والتي هي بالحقيقة ديكتاتورية معلّبة بقرارمن عون وباسيل القاضي بعدم تحويل التيار إلى حزب ديمقراطي حديث خلافا لكل المظاهر البراقة الخادعة لأنهم يريدون ابقاء التيار كحالة شعبوية عاطفية مرتبطة بأشخاص تغيب عنها المحاسبة والآليات الفعلية لإنتاج القرار”.

اقرا ايضًا: ديمقراطية باسيل: من يعترض فليخرج من التيار!

أمّا المرض الثاني الذي أصاب التيار في عمقه فهو “الشذوذ” السياسي الوطني حيث انحرف عن أهدافه الوطنية التي الحقته بغيبوبة سياسية تتناقض مع تاريخه وماضيه وأسس قيامه بسب ورقة التفاهم مع حزب الله والتي تتضمن التزاماً خطيراً بسلاح غير شرعي، ومن ثم الانضمام إلى المحور الايراني – السوري مما يتناقض مع طبيعة لبنان وهويته العربية “.
هذان المرضان تراكما على مدى 10 سنوات على الأقل وأوصلا التيار الى الحالة المرَضية الراهنة، فبحسب الزغبي “هذا الصراع الذي يعانيه يؤكد انه دخل فعليا مرحلة الاحتضار من خلال التشرذم الداخلي الذي عبرت عنه القرارات الفوقية باقصاء ناشطين واسكات مئات الاصوات من المنتسبين وإجبارهم على أحد خيلرين مقفلين: إمّا الالتزام بقرارات الرئيس الحاكم بأمره أو الصرف والفصل”. مشيرا إلى أن “هناك نوعاً من حرب الغاء داخلية يقودها رئيس التيار وهذا ما سيؤدي إلى المزيد من التشرذم من حيث أن تراجع التيار يصبح غير مرتد في المرحلة الوسيطة المقبلة”.
والنقطة الأخيرة التي تناولها الزغبي “هي أن الأحزب اللبنانية المعروفة هي أحزاب عميقة استطاعت المحافظة على عمقها، الا أن التيار العوني الذي نهض على عمقين، الجيش والإكليروس، لم يحافظ عليهما، واصبح التيار سطحيا يتجه أفقيا بطريقة شعبويّة أدّت إلى تصادم مصالح مكوّناته، وهذا ما حدث في الانتخابات البلديّة الأخيرة، وما سيحدث بصورة أكثر دراماتيكيّة في المرحلة اللاحقة”.

السابق
جلسة الحوار الأولى: هكذا أبدى فرنجية استعداده للتنازل لمرشح ثالث
التالي
محضر الحوار(1).. رعد لـ14 آذار: فرنجية لعبة في جيبتكم