ماذا بعد التحريض على مخيم «عين الحلوة»؟

ليس المخيم إلاّ مساحة من البؤس تحتاج كثيرا من الوقت لشرح أدق تفاصيل الحياة اليومية للاجئين الفلسطينيين في عاصمة شتاتهم عين الحلوة جنوب لبنان. فللمخيم سماته الخاصة من سلاح الى فصائل، الى القدرة على اثارة المخاوف لدى السلطات في البلد المضيف لبنان، ولكن الى أي حد يمكن أن يكون ما يقال عن المخيم حقيقياً؟ والى أي مدى يتوجب الحذر حقاً؟

جرت العادة في لبنان وخصوصاً في السنوات الأخيرة، ان توجّه حملات تحريض كما حدث مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أطلق معارضوه النار على ابسط تحركاته بجانبها الانساني، وكلنا يذكر كيف هُوجم الرجل في موضوع حياتيٍّ وهو توزيع زيت الزيتون على بعض الفقراء في بعض المناطق!

اقرأ أيضاً: هكذا يسعى «داعش» لإنشاء تنظيم مستقل في «عين الحلوة»

واليوم الحملة الاعلامية التي لا تكل ولا تمل من الاشارة بأصابع الريبة الى مخيم عين الحلوة، فمن يراقب الاعلام في لبنان يستنتج ان هناك ما يحضر في الخفاء لهذه البقعة البائسة من البلد والتي يبدو واضحاً ان تحريضاً يحدث ليحول هذه البقعة من مكان لإستجلاب التعاطف مع البائسين هناك، الى مسألة وطنية تحظى بالاجماع اللبناني وعلى مستوى وطني، كي يتكرر حمّام الدم بين الفلسطينيين وابناء البلد من الجيش اللبناني على ارضهم، كما حدث في مخيم نهر البارد.

والحال كذلك لا بد من تذكر ما حدث هناك من سقوط مئات الشهداء بالاضافة الى دمار شامل لا زال حتى يومنا هذا من بطء شديد في المعالجة، وقصور فصائلي فلسطيني في ايجاد حل لمئات العائلات التي لم تنجز بيوتها حتى الآن.

الفلسطينيون مستمرون بالإستغراق في نكباتهم المتلاحقة، وليس آخرها مخيم اليرموك في دمشق حين تم جر المخيم لآتون الصراع السوري، رغم حرص الفلسطينيين على تجنب دفع اثمانٍ لا تخدم قضيتهم في شيء لكن حسابات المساكين كالعادة لم تكن محل اهتمام من خطط لجر اليرموك الى الحرب، واقحامه فيما لا يعنيه والنتائج بطبيعة الحال كارثية. فمعظم سكان المخيم اصبحوا مهجّرين، منهم نزح للمناطق المحيطة، بالمخيم ومنهم مضى في البحر ومنهم من وصل الى اوروبا ومنهم وهو قليل من ينتظر!

فمن اي باب يدخل الخطر الى عين الحلوة اليوم ومن بيده فتيل تفجير المخيم الذي يهتز بشكل متكرر في الايام القليلة الماضية؟

داعش عين الحلوة

لم تصل الامور على المستوى الامني اللبناني الى هذا الحد قبل الآن، فإن تحذير اللواء المدير العام للامن العام عباس ابراهيم من تحويل مخيم عين الحلوة الى مخيم يرموك جديد، ينطوي على الكثير من الاشارات السلبية. وتحريض الاعلام اللبناني المحسوب على 8آذار من جهة وحتى من الجهة المعاكسة له احيانا، هي اشارات تدل على أن أمراً بالغ الخطورة يحضّر، وربما نقع في فتنة جديدة نلج اليها من باب عين الحلوة.

ذاكرتنا تحفظ حصار حركة أمل لمخيمي صبرا وشاتيلا عام 1985من القرن الماضي، وتدرك ان قراراً خارجيا حينها اتخذ بضرب المخيمين اللذين صمدا الى حين الوصول الى تسوية سياسية، ولم يتم تدمير صبرا وشاتيلا كما حدث في مخيم نهر البارد الذي دكته كل انواع الاسلحة واستقدمت لأجله الطوافات بشكل هبات فرنسية حينها.

فكيف سيكون الحال في مخيم عين الحلوة إذاً؟

ربما “كيف” في حكم المجهول، لكن المؤشرات والاتهامات واضحة وهي:

1-مخيم عين الحلوة بؤرة فساد ومرتع الارهابيين

2-مخيم عين الحلوة ملاذ آمن لداعش

3-مخيم عين الحلوة مخترق وهو مقر للجماعات التي تحاول زعزعة الامن في لبنان.
هذه هي العناوين وهذه هي الكارثة وهذه هي كلمة السر التي تجيش اللبنانيين، وتدفعهم نحو الاجماع على خطر المخيم، وتلفهم حول الجيش الذي لا شك أنه سيكون في الواجهة.

لكن… من هي الجهة التي تملك الامكانيات العسكرية والامنية والمادية التي ستقف خلف الجيش؟!

اقرأ أيضاً: لمصلحة مَن تسليم «عين الحلوة»… لـ«داعش»؟

نعم، فكل الاحداث في المخيم مؤخراً كانت بين جماعات فلسطينية واخرى فلسطينية حليفة لحزب الله اللبناني الذي بات متوغلا من خلال حلفائه في المخيم تحت الكثير من المسميات!

فتيل التفجير اشتعل والمسألة مسألة وقت!

فهل ينتظر الفلسطينيون “أيلول اسود جديد”؟

 

السابق
شرانق الحرير تلملم بقاياها تأهباً للرحيل
التالي
إفتتاح ندوة «قراءة وتجارب نتائج الانتخابات البلدية 2016 شهادات حيّة»