جلسة نكايات في مجلس الوزراء بطلها «الخلوي»..

شهدت جلسة "المشاكل والّلاحلول" أمس فصلاً جديداً من فصول التجاذبات والمناكفات حول ملف الخليوي الذي أضيف الى قائمة الملفات الخلافية المتراكمة من دون أي افق من شأنه ان ينهي دوامة ترحيل الملف تلو الآخر.

عادت المماحكات الى مجلس الوزراء، لكن هذه المرة من باب سجال “خارج الخدمة” حول دفتر شروط مناقصة الخلوي دام أكثر من ثلاث ساعات، أي أكثر من ثلاثة أرباع الجلسة، لينتهي بتكليف وزير الاتصالات بطرس حرب تقديم مقترحات في ضوء ملاحظات أبداها عدد من الوزراء.

اقرأ أيضاً: التفاؤل يعمّ أجواء «الرابية».. فيما الرئاسة «مكانك راوح»!

لكن الخلاف بقي على حاله في شأن المناقصة ودفتر الشروط لادارة شبكتي الهاتف الخليوي الذي ينتقل من جلسة الى أخرى. وبذلك يستمر وزير الاتصالات بطرس حرب يمدّد شهراً فآخر لشركتي “الفا” و”ام تي سي”، الى أن تجري مناقصة التلزيم، كما يستمر الخلاف على دفتر الشروط معرقلاً المناقصة.

وهذا ما أدى الى انفجار سجال بين الوزير حرب من جهة والوزير جبران باسيل مدعوماً من الوزراء حسين الحاج حسن ومحمد فنيش والياس بو صعب من جهة أخرى، فيما تقدم وزير الثقافة روني عريجي بمشروع حلّ وسطي. ووصف الوزير حرب اقتراح عريجي بأنه جيّد، مشيراً الى أنه سيأخذ به في تصوّره المقبل.

وعلم أنّ البحث ترَكّز على النقطة نفسِها المتعلقة بدفتر شروط التأهيل للمناقصة العامة، وخصوصاً البند المتعلق بوضع شرط على الشركات المتقدّمة بأن تكون قد شغّلت عشرةَ ملايين خط خلال الأعوام الخمسة الماضية، حيث يصرّ حرب على أن تكون الشركة قد شغّلت كمّية الخطوط هذه كلّ عام من السنوات الخمسة، بينما يطلب الوزير محمد فنيش، المساند لباسيل في هذا الملف، أن تُحتسب الخطوط لسنة واحدة من أصل السنوات الخمس. وعلى هذا الأساس، فتِح النقاش على جبهتين: جبهة حرب من جهة، وجبهة باسيل ـ الوزير الياس بوصعب ـ فنيش من جهة ثانية. وبدأ النقاش تقنياً ثمّ تحوّلَ سياسياً بنبرة عالية.

وجرى نقاش اتسم بالحدة في بعض جوانبه بحسب النهار. واعتبر وزير الاتصالات أن القطاع يتجه الى جيل متطور وان عدد المشتركين قد يفوق العدد الحالي بكثير الى جانب الدخول في الجيل الرابع والخامس مما يحتم وجود شركات تملك خبرة كافية قادرة على ان تطور الجيل الرابع وان تدخل القطاع في الجيل الخامس وتلبي حاجات اعداد كبيرة من المشتركين يفوق العدد الحالي، وقادرة على إدارة شبكات من ١٠ ملايين مشترك وما فوق.

بطرس حرب

وشدد على انه اذا كان هذا العدد سيخفض فهو شخصياً لن يوافق عليه. واذا كان المطلوب ادخال شركة معينة وتمسك فريق بإدخالها فهو قد أدخل تعديلاً في الكتاب الذي ارسل الى مجلس الوزراء يقضي بقبول اتحاد الشركات Consortium او شركة فرعية Filiale شرط ان تتعاون شركات الـ Consortium التي لا تملك الطاقات الفنية الضرورية مع شركة فنية كبيرة تكون مسؤولية عن ضمان حسن التنفيذ والتطوير. وفي حال الـ Filiale ان تتعهد الشركة الام مع الحكومة حسن التنفيذ والتطوير. وهذا ما يسهل دخول كل الشركات بما فيها شركة “أوراسكوم” التي يتمسك بها الفريق المعارض. مع العلم أن شركة “أوراسكوم” لم تعد تدير أي شبكة في العالم الا في لبنان. لكن الفريق الاخر تمسك بموقفه واتهم الوزير حرب بأنه يتعمد ابعاد شركة “الفا” لأن موظفيها من التيار العوني. فرد حرب بحدة بأنه يحاول رفع مستوى الخدمات ولو كان يريد تطبيق سياسة حزبية لكان استبعد عددا كبيرا من الموظفين الحزبيين في هيئة المالكين الذين لا يربطهم أي شيء بوزارة الاتصالات. وخاطب الفريق المعترض قائلاً: “إذا كنتم متمسكين الى هذه الدرجة بإعطاء شركة أوراسكوم إدارة شبكة خليوية رغم عدم تمتعها بالشروط الفنية المطلوبة، فليقرر مجلس الوزراء إعطاءها هذه الشبكة دون مناقصة اذا كان هذا ما تطالبون به”. وأرجأ مجلس الوزراء الملف الى جلسة لاحقة على أن يضع حرب تصوره بعد الاخذ بالملاحظات والمقترحات التي عرضها الوزراء، وهو أكد أنه لن يأخذ الا بالجيّد منها، لأن بعض الملاحظات هي للتعطيل والمماحكة ولحماية شركة وفريق مسيطر.

تصفية حسابات

ولفتت “اللواء” إلى أن المقررات الرسمية لمجلس الوزراء تضمنت الطلب من حرب تقديم مقترحاته بخصوص عقدي إدارة شبكتي الهاتف الخليوي في ضوء المناقشات والملاحظات التي ابداها الوزراء حول الموضوع ومتابعة بحثه في الجلسة المقبلة. فماذا يعني هذا القرار الرسمي في ما خص الخليوي؟ يعني أولاً ان لا إتفاق خرج به مجلس الوزراء ويعني ثانيا ان هذا العجز عن التوصّل إلى اتفاق مستمر منذ أكثر من سنة، مما جعل التمديد للشركتين يجري شهراً فشهراً حتى لا يتعطل الهاتف الخليوي وتصيبه الفوضى.

يعني ثالثاً ان وراء أكمة عدم الاتفاق على هذا الملف تكمن خلافات حادّة، ومصالح متباعدة، وهذا ما ظهر بعض منه في جلسة مجلس الوزراء أمس، حيث كان ملف الخليوي بنداً أوّل على جدول أعمالها.

اقرأ أيضاً: المنطق التبريري عند «هرموش» يحكم بضلال داعش!

وكشفت النقاشات ان العقدة الأساسية هي في ما وصفته أوساط وزارية مطلعة بـ”تصفية الحسابات” بين حرب وباسيل وبو صعب. وذهبت الأوساط إلى أبعد من ذلك، إذ وصفت الجلسة بأنها كانت “جلسة نكايات مزعجة”. ولم تخرج الجلسة بأية قرارات، واقتصرت على “اللت والعجن”، على حدّ تعبير أحد الوزراء الذي كاد يغادر الجلسة بسبب ما لحق به من قرف.

السابق
لبنان مهدد بخطر «العزلة» بـ«قمة نواكشوط العربية»
التالي
خلافات داخلية في حزب الله تطيح بـ«القهوة»!