الخوف على الأقلية والخوف على الأكثرية

بجاذبية قويّة، يوحي الإرشاد الرسولي موصولاً بخطابات قداسته أثناء زيارته لبنان، بأنّ إكسير الفكر والكلام أو الجوهر في عقل قداسته. كان في حالة من التوتّر المعرفي والوجداني، تُوازي التوتر المتنامي في لبنان وحوله وفي أعماق الشرق الأوسط. وبعض أسباب هذا التوتر وأهمّها هذه المرّة، طرح السلامة المادية للوجود المسيحي في المشرق عموماً، وفي البلاد العربية خصوصاً. أو طرح الحضور المسيحي الذي اتسم بفاعلية عالية، وبكونه مصدر حيوية نوعية وإضافية في الثقافة والإدارة والعمران.

اقرأ أيضاً: وباء العصبية

وبالتوازي، ليس الاحتمال السلبي في ما يخص المسيحيين قابلاً لأن يكون إيجابياً في ما يخص الآخرين، من أقليات تجاوزت أعدادها، إلى معناها الحضاري فيالشراكة على أساس التكافؤ. ومن خليات دينية وثقافية وقومية، من الأكراد إلى التركمان والآشور والصّابئة والإيزيديين والشّبك والعلويّين، والشيعة الإماميّة والإسماعيلية والدروز الخ.. إلى أكثريات أو أكثرية سنّية، سوف تتحول إلى أقليات، عندما تستأثر وتلغي الآخرين. لأن عوامل ومظاهر الانقسام والتعدّد قائمة في بنيانها، وتنتظر لكي تشتغل أن تنهار أسس التعدد وفكرة الدولة الجامعة والعيش المشترك لتتشظّى وتحترب.

الايزيديات

والمسلمون عموماً، والمسلمون السنّة هم الأكثرية من دون خلاف في ذلك. وقد شرعت هذه الأكثرية، أو هي لم تتوقف ولا مرة لفترة طويلة عن الانقسام والاحتراب. مؤكدة فيك ل مرة أن المتعدد إذا ما تفاصل، فإن احتمال التئامه أقوى من احتمال التئام الواحد إذا انكسر. أعني الواحد القومي أو الإثنيّ أو الحزبيّ أو الدينيّ أو المذهبيّ.. وعلى مسؤوليّتي.

(من كتاب على مسؤوليتي – منشورات صوت لبنان)

السابق
القصة الكاملة لاستهداف دورية اسرائيلية في الجولان: من أين جاءت القنبلة؟
التالي
أمين حطيط يغادر استديو الجديد غاضباً: لقد وقعتم في الفخ!