المتهم بالإنقلاب إختير هذه المرة من جنس المنقلب عليه

قد تكون ذرة حقيرة ضعيفة قادرة على أن تحلل ما يعجزعن فعله عالم موصوف بسعة العقل و حدة الذكاء، و قد يكون يقيناً أن كل المخلوقات تخرج في البدء على غير أشكالها ، لكن و بالرغم مما تقدم علينا أن نثبت بشكل أو بآخر أن ما حصل و ما يحصل و سيحصل لا يمكن أن يصدرعن قدرة عمياء أو عن غريزة.

أردوغان من دون أدنى شك منتخب بأصوات حقيقية حية، و هو أمر كفيل بإبقائه في السلطة إلى أن يشاء الأتراك عكس ذلك، و لكن إن حصل و أسقط هو و من معه في غفلة من الزمن تكون المسألة مسألة وقت لحين إسترجاع ما قد سلب بالقوة حتى و إن لزم الإسترداد إستخدام القوة أيضاً، و تكون تركيا ساعة إذ أمام ما قد يقود البلاد إلى الفوضى على غرار ما يحدث في العديد من دول المنطقة و آخرها ما يحدث في سورية بعد إفشال أي فرصة لنجاح أي طرف من الأطراف في الحصول على الشرعية لنفسه.

الطيب رجب إن نجح في إفشال المؤامرة (و هو إلى الآن فعل) يكون قد أصاب عصفورين أو أكثر بحجر واحد، ذلك أن ما حدث سيؤكد على شرعيته و قوة حزبه في حكم البلاد، و في المقلب الآخر و بالتوازي سيكون قد نجح في تفويت الفرصة على من يقف وراء هذا العمل المدان بديمقراطية (كما هو ظاهر) من قبل كافة الأفرقاء التركية الممثلة في البرلمان و تلك التي هي خارجه، والحؤول دون تحوله إلى فوضى قد تعرف بدايتها و يعرف من تورط فيها (عن علم أو بدونه)، و لكن لن يكون بمقدور أحد معرفة زمان نهايتها ذلك أن المتورطين المحتملين كثر و الشامتين أكثر و المتعاونين قد يفوقوهم عدداً.

إقرأ أيضاً: جهة توقعت حصول انقلاب تركيا… من هي؟!

وريث السلطنة العثمانية بالنسبة للعديد من القوى و الحركات و الدول الإسلامية السنية تحديداً يشكل قبلة سياسية لهم توازي قبلتهم الدينية أو بشكل أصح تليها من حيث الأهمية، و هي كل ما يتمسك به هؤلاء نظراً لأهميتها الإستراتيجية و المالية و الدولية و الإقليمية.

الانقلاب في تركيا

أما إختيار إسم الزعيم التركي فتح الله غولن على مواقع التواصل الإجتماعي و إتهامه عبر شبكات الأخبار العالمية بالمسؤولية عن الإنقلاب فحدث يستحق الدرس و التدقيق من قبل حزب العدالة و التنمية و الرئيس أردوغان قبل غيرهم، ذلك أن التورط في ذلك أو الإنجرار إليه و إن صح سيحقق لمستخدمه أو مطلقه الفتنة التي يبتغي و يسعى إلى إنجاحها فالمتهم هذه المرة إختير بعناية من جنس المنقلب عليه.

إقرأ أيضاً: تركيا.. مغامرة جنونية أم انقلاب فاشل؟

أبسط حوادث الحياة كما الخلية في جسم الكائنات على جانب كبير من التعقيد، و لمظاهرها إرتباط وثيق بغيرها و هي هنا و أمام هذا الحدث تشبه إرتباط العناصر العقلية و حجم المعرفة بعلم المنطق.

السابق
أردوغان: أنا القائد الأعلى
التالي
فرنجية: أهم لقاءات حياتي مع السيد نصرالله وباقٍ إلى جانبه