في الذكرى العاشرة لآخر حروب حزب الله مع اسرائيل

في مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات قام حزب الله بخطف جنديين اسرائيليين، اثناء قيامهما بدورية على الخط الازرق شمال الاراضي الفلسطينية المحتلة، لتقوم اسرائيل في اليوم التالي بشن حربها التدميرية التي طالت كل لبنان

استمرت حرب تموز 33 يوماً، وأدّت الغارات الجوية إلى ما أدّت إليه في لبنان من دمار وخراب وضحايا مدنيين قتلى وجرحى بالآلاف، وكذلك فإنّ صواريخ حزب الله نجحت، ومع التفاوت في القدرة التدميرية، في فرض واقع عسكري صعب على العدو، اضطرت اسرائيل معه للقيام بعملية عسكرية برية شبه فاشلة، وذلك بعد ان فشل سلاحها الجوي في القضاء على الترسانة الصاروخية للحزب التي استمرت بالانطلاق نحو المستعمرات في الجليل وباتجاه المدن الكبرى وصولاً إلى حيفا بمعدل 100 صاروخ يومياً حتى نهاية الحرب في 14 آب 2006.

اختلف اللبنانيون والإسرائيليون والعالم في تقييم هذه الحرب التدميرية، فحزب الله وجمهوره وفريقه السياسي اعتبروا أنّ المقاومة ولبنان انتصرا لأنّ اسرائيل لم تنجح في فرض شرطها باسترجاع الأسيرين أولاً، ولأنّ اسرائيل لم تنجح بتدمير حزب الله وصواريخه ثانياً، بالرغم من تدميرها لآلاف المباني السكنية والمنشآت العامة، والسبب الثالث أنّ حزب الله نجح في تكبيد اسرائيل خسائر بشرية  ومادية فادحة عندما أفشل جزءاً رئيسياً من هجومها البري باتجاه سهل الخيام ووادي الحجير، فاعترفت اسرائيل بمقتل 120 من جنودها وجرح المئات منهم وتدمير وإعطاب أكثر من 70 دبابة وآلية مختلفة بصواريخ كورنيت الروسية التي سحبت من مخازن الجيش السوري على عجل واستخدمت في الحرب دون سابق إنذار ومعرفة من قبل جيش العدو الذي تفاجأ بوجود هذا النوع من السلاح الفتاك بحوزة الحزب كما تفاجأ بمهارة مقاتليه في تشغيله.

أمّا مناوئو حزب الله داخلياً وخارجياً الذين رفضوا منطق الانتصار، فقد استندوا إلى لغة الأرقام التي تظهر أنّ الخسائر المادية والبشرية للبنان كانت أكثر من عشرة أضعاف من مثيلتها في اسرائيل، مع العلم أنّ خسائر حزب الله في الأرواح لم تتخط 225 شهيداً، أي أقل من ضعف واحد من عدد قتلى الجنود الاسرائيليين الـ120 الذين اعترف بهم اعلام العدو، وهو فارق ضئيل نسبياً لم تعهده اسرائيل في حروبها السابقة التي خاضتها مع العرب.

حرب تموز

بعد الحرب وبالرغم من خطاب النصر  لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله،  الذي وصف فيه جمهوره بـ” اشرف الناس” وتعهد فيه بمواصلة المقاومة ضد اسرائيل، فإنّ اللافت كان تصريحاً لنائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم قال فيه أنّ “هذه الحرب هي اخر الحروب مع اسرائيل”.

إقرأ أيضاً: صواريخ حزب الله 7 أضعاف ما كان بحوزته في حرب تموز

وفي متابعة  للتطورات السياسية والعسكرية التي شهدها لبنان والمنطقة، وفي مقاربة لحركة حزب الله بعد حرب تموز، نجد أن حزب الله خاض معركة محدودة في الداخل من أجل فرض واقع سياسي لصالحه مقابل خصومه السياسيين في 14 اذار الذين اتهمهم بخيانة المقاومة وكان ذلك بتاريخ 7 آيار 2008، كما بدأ منذ ثلاث سنوات، منتصف عام 2013 تدخلاً عسكرياً في سوريا لدعم نظام بشار الأسد ضد فصائل الثورة السورية، وهو ما زال مستمراً بخوض تلك المعركة التي حوّلته من حزبٍ مقاوم إلى حزب طائفي بنظر السوريين والعرب، وهو مستمر في هذه الحرب العبثية رغم خسارته حوالي 1200 مقاتل جلّهم من مقاتلي النخبة الذين كان الحزب قد دربهم جيدا استعداداً لمعركة موعودة ضد العدو الاسرائيلي، هي لم تجرِ ولن تجري أبداً على ما يظهر بعد أن تحول الحزب بنيرانه ووصواريخه ومقاتليه وشهدائه الى سوريا.

إقرأ أيضاً: في ذكرى حرب تموز: شيء كبير إنكسر

بعد عشر سنوات من حرب تموز المجيدة ضد اسرائيل، وهي الحرب التي فرضها العدو على حزب الله وعلى لبنان ونجحت باطلاق الأسير سمير القنطار بعدها،  فإنّ ما انتهى اليه هذا الإنجاز يختصر باستشهاد سمير القنطار نفسه في سوريا، أيّ بتضييع هذا النصر على أعتاب حرب طائفية إقليمية دخلها الحزب ولا يعلم متى سيخرج منها، وهي بعد أن دمرت سمعته وسمعة جمهوره وزادت الاحقاد الطائفية أضعافاً، تستعد هذه الحرب الفتنة لأخذ لبنان والمنطقة نحو واقع جديد وتحالفات جديدة بقيادة روسيا المتحالفة مع بشار الاسد واسرائيل.

وبهذا صدق الشيخ نعيم قاسم عندما قال ان “حرب تموز ستكون اخر الحروب مع اسرائيل”!

السابق
جديد المحكمة الدولية: هذا قرارها بخصوص وفاة مصطفى بدر الدين
التالي
علي الأمين: البرتغال يستحقون الفوز.. وأندد بتعرض القوميين للإعلاميين