عن أمن لبنان اسألوا السفارات: تعلم ما لا تعلمون!

حذّرت السفارة الكندية في لبنان موظفيها والعاملين فيها من الذهاب الى منطقة الحمرا ومطاعم بيروت وأماكن التجمعات العامة والمناسبات السياسية. هذا ما تناقلته الوسائل الإعلامية أمس، قبل ساعات قليلة من انفجار عبوة أمام بنك لبنان والمهجر (BLOM) في منطقة فردان (وعلى بعد أمتار قليلة من الحمرا). كندا لم تكن الوحيدة، ففرنسا أيضاً حذّرت، عبر خارجيتها وسفارتها في لبنان، رعاياها من السفر إلى لبنان مختصرة الحال بجملة واحدة: “الاوضاع الراهنة لا تزال تتطلب اليقظة، لأن الوضع الأمني في لبنان بين الأخضر والأصفر”. كذلك، وللمرة الاولى، حذرت السفارة الألمانية رعاياها في لبنان من ارتفاع احتمال وقوع هجمات ارهابية خلال رمضان تستهدف غربيين ومطاعم وفنادق.

هذه ليست المرة الأولى التي تحذّر فيها السفارات الأجنبية في لبنان موظّفيها أو رعاياها من الذهاب الى لبنان أو التواجد في الأماكن العامة، أو أكثر من ذلك، دعوتها إليهم بمغادرة لبنان، قبل أن تهزّه انفجارات ضخمة، إن بالحجم أو الآثار السياسية والإقتصادية والأمنية. فعلى أي أساس تبني السفارات تحذيراتها؟ ومن أين تأتي بمعطيات ومعلومات، بهذه الخطورة والسرّية والحساسية؟ هل من الجائز الذهاب لاتّهام هذه السفارات ودولها بالمشاركة في هذه الأحداث أو التستّر على معلومات كان من الممكن أن تحول دون حصولها، كما فعل الكثيرون؟!

“اذا أرادت دولة معينة تنفيذ عملية أمنية ما في بلد آخر، فمن غير المنطقي أن تقوم بتحذير مواطنيها على العلن”، هذا هو المنطق بحسب مصدر أمني في قوى الأمن الداخلي. والسفارات المتواجدة في لبنان تجمع معلوماتها الأمنية إما من خلال الأجهزة الأمنية اللبنانية، بحكم التنسيق الدائم والمتواصل بينهما، أو عبر أجهزتها واستخباراتها الخاصة، دائماً بحسب المصدر الأمني نفسه، الذي يوضح أن السفارات والدول الغربية دائماً ما يردها معلومات أمنية تحذّر موظّفيها ورعاياها على أساسها، لكن هذه المعلومات قد تتحقق أو لا، إلاّ أن الأجهزة الأجنبية دائماً تأخذها على محمل الجد.

سفارات الدول تحذّر مواطنيها دائماً من أي تهديد أمني محتمل في الدول التي يتواجدون فيها، أما اللبنانيون فينتظرون هذه التحذيرات للتنبّه. فلِمَ تتكتّم السلطات اللبنانية على المعلومات التي تردها بهذا الخصوص؟ لم لا تحذّر اللبنانيين من التوجّه الى هذه المنطقة أو تلك أو على الأقل تدعوهم الى توخّي الحذر؟ هل الأجهزة الاستخباراتية للسفارات أقوى من الأجهزة اللبنانية أم أنها حريصة على سلامة مواطنيها أكثر؟!

قبل الانفجار بيومين، عمّمت استخبارات الجيش برقية على مختلف الأجهزة الأمنية تقول فيها إن لديها معلومات عن تخطيط تنظيم “جبهة النصرة” للقيام بأعمال إرهابية تستهدف منطقة الحمرا في بيروت. المعلومات متوفرة إذاً، فلماذا لم تعزّز الأجهزة الأمنية إجراءاتها في المنطقة، علماً بأن الإنفجار وقع في شارع رئيسي يضم مؤسسات مهمّة كمبنى وزارة الداخلية وبنك لبنان والمهجر. فأين كان الأمن؟!

(الجديد)

السابق
حرب المصارف المجيدة
التالي
المكتب السياسي لتيار المستقبل يناقش نتائج الانتخابات البلدية