قطار «مدينتي» من بيروت الى بعلبك فطرابلس الاعتراض واحد

طرابلس
ما قبل صناديق الاقتراع بلديًا ليس كما بعدها، فهذا الاستحقاق قد رسخ الشقاق بين السلطة والشعب، الفائز الأوّل كان المجتمع المدني، انطلاقًا من "بيروت مدينتي" و"بعلبك مدينتي"، للوائح المستقلة التي فرضت معركة حامية على الثنائية الشيعية في الضاحية والجنوب، وصولاً لزحلة، جبل لبنان، وختامًا لانتصار ديمقراطي حققته عاصمة الشمال.

المستقلون، لم تحالفهم الحظوظ في كافة المعارك، إلا أنّ النتائج المتقاربة والخروقات ونسبة التصويت المنخفضة في بيروت وطرابلس، عكست حالة التململ التي أصابت الفئات اللبنانية، فلا “زيّ ما هي” ولا “الثنائية المسيحية” ولا “الثنائية الشيعية“، ولا غيرها من شعارات التعبئة السياسة والمذهبية تمكنت من إحداث ثقل سياسي بلدي بنسب التصويت ولا شجعت الإقبال لانتخاب اللوائح السلطوية.

اقرأ أيضاً: تسونامي ريفي يجتاح طرابلس.. وحرب وحبيش زعامتان راسختان

شمالاً، كانت المعركة الأشد، لائحة المجتمع المدني المدعومة من وزير العدل اشرف ريفي والتي انطلقت من منزله المتواضع في طرابلس، يقابلها لائحة الأحزاب والجماعات الإسلامية والسياسية المتفق عليه من كافة زعماء طرابلس، بالإضافة للائحة النائب السابق مصباح الأحدب، ولائحة المستقلين.

بيروت مدينتي

السباق البلدي الفعلي كان حصرًا بين الوزير ريفي، وبين كلّ من مثّل طرابلس ومن يطمح لتجديد عهد السلطة فيها من حيتان المال واصحاب العمامات، واجتمعت التناقضات الدينية والفكرية والسياسية جميعها لمواجهة لائحة الوزير ريفي.

27% نسبة الاقتراع التي سجلّت في طرابلس بعد إقفال صناديق الاقتراع، نسبة ربطها الإعلام بالتطرف وبقادة المحاور، دون أن يقاربوا بينها وبين مدينة بيروت والتي بدورها شهدت نسبة متدنية، ولا بينها وبين الانتخابات البلدية في العام 2010.
الإعلام اللبناني لم ينقل صورة موضوعية لعاصمة الشمال، وعامل الشيطنة كان هو الغالب على بعض الشاشات.

نتائج الفرز في طرابلس عكست التوقعات، فمن كان يتوقع اختراق بسيط للائحة الوزير ريفي، فوجئ بتحقيق فوزًا كاسحًا وصلت نتائجهاشرف ريفي عند منتصف ليل أمس لـ 23-1، ثم تراجعت في النتيجة الرسمية لـ16-8.
طرابلس لم تختر ريفي، وإنّما اختارت التغيير، واختارت لائحته التي تضم خيرة المجتمع المدني الرافضين للمشاريع العشوائية والمشددين على العمل والإنماء، والتي جاءت انعكاسا لامال الفقراء وللطبقة المهمشة المنكوبة من الكذب السياسي.
انتصار ريفي، جاء بسبب طبيعة اللائحة المنافسة التي أمامها، فكل من الحريري والميقاتي هما امام مرحلة إعادة ترتيب البيت السني التابع لهما، فلا الثقل السياسي للأوّل ولا الثقل المالي للثاني، ولا سائر الحلفاء في هذا الفريق استطاع تغيبب حالة الاعتراض الريفية.

من ناحية ثانية، فنسبة الاقتراع المتدنية، إنّما هي صفعة للتوافق، فمن احتجبوا هم أبناء المستقبل المعترضين على التحالف، وكذلك أبناء العزم الذين يريدون لخطهم أن لا يلتقي مع التيار الازرق.
كما أنّ المال السياسي سقط بين جولات الحروب وبين المتاجرة بالقرار، فقراء طرابلس لم يبيعوا الجوع والبطالة لصناديق خذلتهم، وإنّما صوتّوا لمن يمثل قناعاتهم وتطلعاتهم، ويعكس الاصطفاف المدني والسياسي لطرابلس

هذا الانتصار، تشوبه غصّة واحدة وهو غياب التمثيل المسيحي والعلوي، إلا أنّ المسؤول ليس السنة كما تحاول بعض وسائل الإعلام ترجمة المجلس، طرابلس ما زالت مدينة الجميع وعدم حضور الاقليات في المجلس يعود لأبناء هذه المذاهب بالدرجة الاولى الذين تخاذلوا في التصويت.
هي ليست ذلّة طائفة، هي ذلّة مدينة، ولكنها ليست بالخطيئة، فالمجلس سوف يكون لكل الطوائف و”ريفي”، حالة طرابلسية وليس “سنية”.

اقرأ أيضاً: من خلاصات الانتخابات البلدية: «لا» في وجه الأحزاب.. #كلّن

ختامًا، طرابلس انتصرت بديمقراطيتها، وصوت الاعتراض كان أقوى من الدولار، الوزير ريفي اليوم هو الأقوى والأكثر تعويلاً عليه. هي مرحلة دقيقة، وعلى من انتصر الاستفادة من ثقة الناس والمحافظة عليها، ومن فشل عليه أن يأخذ العبر.

السابق
كيف جند حزب الله جواسيسه في دولة الامارات؟
التالي
الغنوشي وزوال مبرر الإسلام السياسي