الاعتراض الشيعي يفرض معركة بلدية قاسية على حزب الله في الضاحية الجنوبية‏

افتتح الشهر الانتخابي مع محافظتي بيروت والبقاع بانتظار استكمال باقي المحافظات، ولكن يبدو أنّ المرحلة الأولى ستغير الواقع السياسي الذي يعيشه اللبنانيون منذ 2005، وخصوصًا مع قدرة المجتمع المدني والمستقلين على إثبات وجودهم.

انتهت الجولة الأولى من الانتخابات البلدية بمعارك احتدمت بين الاحزاب المحلية من جهة وتيارات المجتمع المدني من جهة أخرى، أبرز هذه المعارك شهدتها مدينتا بيروت وبعلبك، ولكن المفارقة أنّ معركة مدينة بيروت بين لائحتي «البيارتة» و«بيروت مدينتي» استحوذت على اهتمام وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والناشطين، مقابل شبه تكتم وتعتيم إعلامي على معركة بعلبك التي استطاعت فيها لائحة «بعلبك مدينتي» أن تحصل على نسبة 46% من أصوات المقترعين بوجه اللائحة المدعومة من حزب الله وحركة أمل وحزبي القومي والبعث وجمعية المشاريع..فخسرت بفارق أصوات لا تتعدّى
700 صوتا.

كذلك شهدت مدينة زحلة معركة ثلاثية فازت فيها اللائحة المدعومة من تحالف الأحزاب المسيحية بفارق لم يتعدَ 2000 صوت بوجه لائحتين منفصلتين مدعومتين من قبل رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف والنائب نقولا فتوش. فكيف يمكن قراءة هذه النتائج؟ وما هي المؤشرات التي يمكن البناء عليها في الجولة الثانية من المعركة الانتخابية في محافظة جبل لبنان؟
بدايةً رأى المحلل في مركز الدولية للمعلومات محمد شمس الدين في حديث لـ«جنوبية» أنّه «بخلاف ما يتم تداوله في الاعلام، فنسب الاقتراع ارتفعت في محافظتي بيروت والبقاع نسبةً لعام 2010، في بعلبك وصلت إلى 62% مقابل 52% في 2010. في الهرمل استقرت على 46%، أمّا في راشيا فقد ارتفعت إلى 43,5% مقابل 36,8% في 2010 ، زحلة سجّلت 51,4 في 2010 وهذه الانتخابات وصلت الى 52,2%، بيروت 18,1% وفي الانتخابات اليوم وصلت إلى 20,1%، باستثناء البقاع الغربي الذي انخفضت فيه نسبة المشاركة من 46,7% إلى 42%».

ورأى شمس الدين أنّ «ارتفاع نسبة المشاركة في بعلبك بفارق 10% تشير إلى قدرة لائحة «بعلبك مدينتي» على جذب العائلات واستقطاب مؤيدين، وإثبات وجودهم بوجه لوائح الحزب والحركة وباقي الأحزاب، كذلك زيادة 2% من المشاركة في بيروت وعلى الرغم من كون النسبة ليست عالية إنّما يمكن اعتبار أن لائحة «بيروت مدينتي» استطاعت استقطاب عددًا جديدًا من الناخبين».

الانتخابات البلدية
وأضاف «في زحلة يختلف الوضع، فنجاح التحالف بين القوات والتيار الوطني الحر في هذه المدينة، يحمل حزبي القوات وعون على إعادة النظر بانتخابات جبل لبنان وما يمكن ان يحصل في حال عدم نجاح التحالف بينهما، فهو يفرض عليهم ان يتوحدوا في لائحة واحدة لأنّ اختلافهم سيقلل فرصهم من النجاح في الانتخابات البلدية».
ورأى شمس الدين أنه على الرغم من النتائج المهمة التي حققتها اللوائح المستقلة بوجه الثنائي الشيعي في البقاع إلاّ أنّ «هذه النتائج تؤكّد أنّ البيئة الشيعية وعلى الرغم من العصبيات العشائرية والعائلية لا تزال حاضنة لحزب الله حركة أمل، وهذا يعكس ما سيحصل في مناطق نفوذ حزب الله خصوصًا في المعركتين المنتظرتين في برج البراجنة والغبيري».

إقرأ أيضًا: دعوة الماكينة المدنية والإعلامية والإعلانية إلى معركة بلديات الضاحية
وفي المقابل توقّع شمس الدين أنّ «يشهد قضاء الشوف خصوصًا في المناطق المختلطة بين المسيحيين والدروز في ظل التحالفات المسيحية معركة قوية»، وتابع «في محافظة جبل لبنان هناك 325 بلدية ستخوض معارك انتخابية ومن المتوقع أن تكون المعركة أشدّ وأقوى من معركتي بيروت والبقاع لأنّ جبل لبنان يتميز بتنوع سياسي وطائفي».

وبالعودة إلى بروز لوائح مستقلة في مناطق نفوذ حزب الله وحركة أمل بشكل ملحوظ في هذه الانتخابات رأى الناشط والمعارض الشيعي الدكتور لقمان سليم في حديث لـ «جنوبية» أنّ «تنامي ظاهرة اللوائح المستقلة بوجه الثنائي الشيعي يمكن تفسيره بأنّه حالة انقلابية بوجه الاستئثار التمثيلي لحزب الله وحركة أمل، خصوصًا أنّ انتخابات البلدية في 2016 تأتي ونحن على مشارف الذكرى العاشرة لحرب تموز. مما يطرح تساؤلاً ماذا بقي من ما قدّمه حزب الله بعد حرب تموز والذي لاقى عطفًا وتأييدًا في بيئته الشيعية وتسليمه زمام الأمور في الطائفة؟».

إقرأ أيضًا: الضاحية عتبها كبير… أين المجتمع المدني؟

وتابع سليم «يلاحظ اليوم أنّ هناك اعتراضا صريحا لم نجده سابقًا في بيئة الحزب، وهذا يعود إلى الفساد الذي نخر حزب الله، ونشوء مراكز قوى ضمن الحزب أصبحت أقوى من الادارة السياسية والاستراتيجية فيه، إضافة إلى أنّ الشيعة كما باقي اللبنانيين ملّوا من فساد أحزاب السلطة، هذا عدا عن دخول حزب الله حربه السورية التي استنزفت الطائفة الشيعة مما خلق نوعًا من الامتعاض والاعتراض داخل البيئة الشيعية».

وعن التعتيم الاعلامي والمجتمع المدني لحالات الاعتراض داخل بيئة حزب الله عكس ما حصل في بيروت، رأى سليم أنّ «هذه القوى أثبتت انفصالها عن التحديات السياسية الاساسية التي نعيشها، فمنذ عودة زخم المجتمع المدني إلى الشارع وإلى الحياة السياسية لم نسمع منهم أي اعتراض، أو فتح ملف اللجوء السوري مثلاً أو مشاركة حزب الله في الحروب السورية، وهذا الأمر يثبت أنّ هناك حرجا في تناول أي موضوع يتعلق بحزب الله، وكأنّ هناك موقفا اعتزاليا من حزب الله وما يمثله، فهم إمّا غير مبالين مما يجري للطائفة الشيعية أو يمنعهم الخوف من فتح هذه الملفات، أو يعيشون حالة إنفصال عن واقعنا».

السابق
انطوان زهرا: هل نحن أتباع لسيد اسمه «المستقبل»؟‏
التالي
رامي الأمين: حزب الله نازل ببعلبك ضد لائحة «تل أبيب مدينتي»!‏