التغيير في لبنان آتٍ لا محالة…

بيروت
بيروت للبيارتة ، بيروت مدينتي ، لائحة بيروت... صُدِعَ رأسي وإختلطت عليَّ الأمور للوهلة الأولى ولكنِّي عُدتُ وقلتُ في نفسي : " شدّ حالَك يا بطل ، ماذا تُريد في الحياة ؟! "... عندها أتاني الجواب واضحاً صافياً كمياه نبع الصفا المتدفِّق من قلب قريتي الجبلية "عين زحلتا" : " أريدُ وطناً على قدر طموحاتي وطموحات جيلي ؛ أريد الإنتماء لبلد الآباء والأجداد الذين ناضلوا طويلاً لأجله وأجل رفعته وحضارته وديمومته "...

ما كُنتُ أتصوَّر يوماً أن أرى المشاهد التي رأيتها مؤخراً ، عاصرتُ الحرب الأهلية ولم أرها : لبنان يغرق بالنفايات ، تتناقل أخبارنا الصحف ومحطات التلفزة العالمية وبماذا ؟ بموضوع أزمة النفايات وفشل الدولة المترهلة في حلِّها… يسألني صديقٌ لي : ” كيف يمكن لبلد أن يمشي دون رئيس جمهورية ! ” أجيبه ممازحاً متهرباً من مواجهة الحقيقة أننا لسنا بلداً ولا دولةً بل أرطة عالم مقسومين ، مزارع طائفية يمتلكها زعماء السياسة ويتقاسمون غلاتها : ” نحن بلد المبدعين ، بإستطاعتنا أن نسيِّر البلد دون الحاجة لرئيس “. فالرئيس الذي يجب ان تتوافق عليه دول العالم كله ليأتي ماذا بإستطاعته ان يعمل وماذا لديه من إستقلالية ليحكم ؟ الصمت أحياناً كثيرة أنفع ، السترة حلوة…

أتذكّر حادثة أخرى حين باغتني زميل عمل خليجي صبيحة يوم بالقول : ” شو صاير عندكم ، طلعِت ريحتكم ؟! “…. أحسستُ بسخطٍ منقطع النظير ، أما كان من الممكن تغيير إسم الحملة رغم أحقية شعاراتها الى شيء أكثر إيجابية : “بلاكن_البلد_أجمل” ، أو “معاً_نبني”….

بالعربي الدارج : كيف الن عين تيارات سياسية  سواءً كانت في بلدية بيروت أو اي بلدية لبنانية أخرى وفشلت في إنقاذ شوارع مدنها وقراها من الغرق في النفايات أن ترشِّح محازبيها ومناصريها للعودة الى البلديات ؟ اليوم يعِدون الناس بعدم تكرار اغراق بيروت مثلاً بالنفايات ؟؟؟

إنهم يهدمون اسم لبنان ؛ كان ماركة عالمية مسجلة بطبيعته الخلابة وسياحته ومطبخه الرفيع ومؤسسات إستشفائه الرائدة… ماذا فعلوا به ؟
بيروت
بيروت للبيارتة !! حرام مصاريف المعاشات لمستشيرينك يا شيخ سعد الحريري ! هل هذا عنوان يصلح للائحة بلدية العاصمة ! بيروت ليست فقط للبيارتة ، بيروت لكل الناس ، هي عاصمة الوطن وقلبه النابض ، هي أم الفقير والغني على حدٍّ سواء… يا أخي قد يقول لك المرء : اذا بيروت للبيارتة أنتَ إبن صيدا ما شأنك بها ؟ ما قدرت تلاقي إسم لائحة أفضل ، هيدا تاريخ رفيق الحريري الجامع !

أتريد أن تشتغل بعدّة الماضي ام المستقبل ؟ زيّ ما هيي بطلت تمشي ، اخترلك عبارة جديدة … دع قريحة ومخيلة جهابذة المستشارين المتخلِّفين المتحلقين حولك تعمل ب خِمس ما يتقاضونه منك…
“أم خالد” وشكلها وتضاريسها وصورتها ومنطقها المبتذل لن تخدم شعبيتك ، ستغرقّك أكثر يا شيخ… حين تضطر أن تنزل شخصياً الى الشارع وبكل ثقلك من أجل إنتخابات بلدية مع العلم أن تشكيلك للائحتك أتى على أساس الأحزاب وإقتسام الحصص الطائفية ، ذلك يعني أنك في أزمةٍ فعلية… لست وحدك ، الكل في أزمة من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب . الناس دخلت مرحلة الصحوة والتغيير في لبنان آتٍ لا محالة…

كمال جنبلاط سبق عصره ؛ ترك القوقعة الطائفية والزعامة الإقطاعية وأسس حزباً سياسياً على مستوى لبنان ومداه العروبة الصافية والاشتراكية العالمية… ماذا أنتم فاعلون أيها الطاقم السياسي البالي ؟ الستم أنتم أمراء الحرب ؟ من منكم لم يأتِ على ضهر دبابة أو في جعبة بلدٍ إقليميّ أسقطه حاكماً على رؤوس الأشهاد… نريد تغييراً جذرياً ، نريد وطناً ، ” إفهموها بقى “…
نحن اللبنانيون ، وخاصةً المتغرّبين منا ، نريد العودة ، لا نريد زرع اولادنا في المهجر ، نريد أن نزرعهم ” أرز وسنديان ” في وطن الحرف لبنان ” وقليلهم بعد الله يعبدوا لبنان “. ( إغرورقت عينيّ بالدمع وأنا الذي هاجرت لبنان بعد إغتيال الشيخ رفيق ، قال سنتين تلاتة ؛ لهلق صاروا ١١ سنة ؛ خافوا الله يا تُجّار الدم والوطن ).

إقرأ أيضًا: بين البيارتة و«الجلب»: وأهديناك مكان الوردة سكينا!

لائحة “بيروت مدينتي” بإمكانها أن تنتصر لأنها مشكَّلة من نخبة من الناس قررت أن تُقدِم على التغيير ، أن تعطي من خبراتها من أجل الوطن ، وهذا ما يجب ان ينطبق على بلديات كل المدن والقرى اللبنانية من أكبرها الى أصغرها… يجب على الناس أن يختاروا من يرونه مناسباً من أجل خدمتهم وخدمة مصالحهم ، الذي يعمل على إنماء المدن والبلدات والقرى وليس ما يفرضه الزعيم ليسرق له ويتقاسم معه خيرات البلديات…

إقرأ أيضًا: بيروت كمان «الي»…

الأروع أن يكون مثلاً مجلس بلدية بيروت مشكَّل من إختراقات كل اللوائح : هكذا يكون هناك محاسبة وتزاحم ضمني لتقديم الأفضل ؛ المحادل مقبرة التغيير ، محادل الجهل والتبعية وإبقاء البلد رهينة التخلَّف ، أصبحنا على شفير الإعلان عن نفسنا دولة فاشلة… خافوا الله ، لن تأخذوا معكم من الفانية سوى فضائل أعمالكم… يا جماعة سياسيي لبنان ومرتزقة الدول فيه : كيف ستقابلون وجه ربكم لحظة الحق والحقيقة ؟!

إرحمونا… طلعت النفايات مغارة علي بابا ؛ حتى نفاياتنا تتاجرون بها ، من أجل غلة جيوبكم ، تقتلون الناس بالنفايات والأمراض والتلوث…

سأنهي صرختي بمطلع أغنية عفوية طلعِت معي :

“ما تسأل كيف…
ما تسأل كيف الوطن إنباع سآل حالك
ولا تسأل كيف صار مشاع وضاع مالك…
سآل حالك سآل حالك ل مين مسّكت الوطن
سآل حالك سآل حالك ل مين صوتك إرتهن…
لناس كل عمرن يتاجرو بدمّك
ولا يوم حبّوك ولا حملو همّك
لناس بتعرفك بس وقت الإنتخاب
وبتبيعك رخيص كتير وقت المحَن…”

السابق
فتيات في زهرة العمر يقاتلن «داعش»
التالي
منذ 7 آيار، الفروقات لم يعد الحب قادرًا على طيّها