شيعة العراق على حافة الهاوية من المسؤول؟

الشيعة اكبر مكون عراقي ، وفي البرلمان يملكون نحو مئة وثمانين مقعدا  ، علاقتهم بالاكراد كانت وربما ما زالت جيدة ، مناطقهم نفطية ، النجف وكربلاء والكاظمية هي رمز الروحية الشيعية العالمية ، السياحة الدينية الشيعية ربما ليس لها نظير من حيث الشكل والمضمون والزخم والحيوية ، مرجعيتهم الدينية هي الاكبر في العالم الشيعي ، فما الذي جرى حيث يعانون من تردي الخدمات ، وتدني التعليم ، وتهاوي المستوى المعيشي تقريبا ، والامن يكاد يكون مفقودا في كثير من مناطقهم …
إنه السؤال الذي يفرض نفسه حقا …
هل النقص في الخبرة السياسية والفكرية ؟
نعم ، هذا احد الاسباب المهمة ، وذلك بيّن واضح من خلال الخطاب السياسي لقياداتهم ورموزهم ، وقد تجلى هذا النقص المثير في مناوراتهم السياسية ، وفي حواراتهم ، وفي نوعية المستشارين الذين يستعينون بهم ، وطريقة ادائهم لكثير من الملفات السياسية والادراية، ولو كانت هناك خبرة سياسية وفكرية عميقة ودقيقة ربما لكان الحال غير هذا الحال …
إذا كان نقص الخبرة من الاسباب المهمة ، فان الاهم هو غير ذلك بطبيعة الحال، إنه افتقاد القرار السيادي ، لا اريد القول بالمطلق ، ولكن بمساحة كبيرة ، وفي مفاصل مهمة وكثيرة من مفردات العملية السياسية في العراق ، وهذا ليس سرا ، يعلم به الجميع ، كما هي اكثر مكونات الشعب العراقي .
وهل انتهى كل شيء ؟
لا …
الطموح الشخصي غير الطبيعي ، رغم معوقات هذا الطموح ، وعدم واقعيته ، مثل هذا الطموح يدمر الشخصية، ويدمر البلد فيما اذا كان مرضا يُصاب به القادة السياسيون ، يطيح بكل ممكنات الأمة والمجتمع والحياة ، وطموح من هذا النوع الموجع السيئ امتلك اكثر القيادات السياسية الشيعية ، فهذه القيادة او تلك تطمح ان تكون هي القائدة ، وتطمح ان تكون هي الشعار ، وهي الفكر ، وهي الامل ، وهي الروح ، تمارس مبدا حذف النظير بشتى المنهجيات والاساليب الشيطانية ، يبدو ذلك واضحا كل الوضوح من الالقاب والتوصيفات التي رضي بها هؤلاء القادة وارتضوها وفرحوا بها ، وانا اعلم انها مخطَّط لها بدقة ، وفي الكوليس ، ومن ثم تُطلق  على ألسنة مؤيدين ومتملقين ، وتاخذ طريقها للإعلام بشكل مقزز مثير للغاية .
لا ادعي أن هذه الاسباب هي وحدها التي تكمن وراء هذه المآسي الشيعية رغم كل هذه الممكانات ، وإنما في تصوري انها بمثابة الاسباب الجوهرية في ذلك .

إقرأ أيضًا: كيف تمكنت إيران من شيعة العراق؟
المفارقة هنا ، ان هؤلاء القادة يعرفون جيدا،ويدركون بملء عقولهم ومشاعرهم واحاسيسهم وتجاربهم ، أن مثل هذه السياسة او السياسات من شانها تحطيم المكون الشيعي بكل ما يملك من بشر وجغرافية وتاريخ وامل وطموح ، بل سمعت اكثر من مرة من بعضهم ان شيعة العالم يتطلعون الى شيعة العراق ، وليس الى شيعة ايران او لبنان او البحرين ، فنجاح شيعة العراق انتصار للوطن والدين والمذهب ، فهل هناك ما هو اشد من هذا التناقض الفج ؟
ولان بعضهم عالم بالاخلاق فحتما سوف يقول ان السبب الجوهري هو اخلاقي ، خاصة وان ذلك على حساب الوطن والدين والمذهب وحتى البشر !
ولان بعضهم يرى نفسه  وريث التاج الروحي العريق ، سوف يقول ان السبب الحقيقي هو خيانة هذه الوراثة الجبرية !
ولان بعضهم يطرح نفسه منقذ العراق واهله لما يملكه من وعي سياسي واداري وامني، سيقول ان السبب الحقيقي هو عدم طاعته والغدر باستحقاقه الانتخابي !
ولان بعضهم عالم بالاقتصاد والمال والتجارة ، سيقول ان السبب البعيد هو افتقاد اهل الاختصاص !
ولأن بعضهم مهووس بالشعوذة والسحر والمحابس الكبيرة والحسد وخفايا الجن ،سوف يقول ان السبب هو اليد التي تتوضأ لم تحسن شروط الوضوء الشرعي الصحيح !

إقرأ أيضًا: مظاهرات بغداد.. انتفاضة ضد فشل إيران في العراق
ومهما كان السبب القريب أو البعيد ، النتيجة هي انهيار كل ممكنات القوة الشيعية في العراق … وقيمة مئة وثمانين مقعدا برلمانيا تتحول الى عبء على الشيعة اكثر مما هي نصرة ودعم وتعضيد ، وتتحول كل خيرات الجغرافية الشيعية الى بلاء على الشيعة ، وتتحول المرجعية الشيعية العليا الى عجز دائم ، وتتحول الرمزية الشيعية الى خرقة بالية ، وتتحول الكثافة الشيعية الى غثاء احوى …
ان قادة الشيعة السياسيين الان يمثلون اكبر كارثة انسانية ليس في حق الشيعة كبشر ، بل في حق التشيع ذاته الذي يدعون الانتساب اليه عقديا وتاريخيا بل ومصيريا ، رغم ان اهتمامي الاول بالشيعة كبشر اكثر من اهتمامي بالتشيع  هذا !
المالكي …
الجعفري …
الحكيم …
مقتدى الصدر …
الى اين يقودون هذه الجماعات ( القطيعية ) ؟
حتما
إلى جهنم

(المدى)

السابق
ولايتي و «مقاومة اسرائيل»: ما هذا المزاح السمج يا رجل؟
التالي
روسية تمثّل بجسد «إيلان»