«الزاهد» أحمدي نجاد متهم بـ«وثائق بنما»!

محمود أحمدي نجاد
فضيحة تهزّ الرأي العام الايراني طالت رئيس الجمهورية السابق أحمدي نجاد الذي أظهرت «وثائق بنما» تورطه بعمليات غسيل أموال وتهرب ضريبي، فكيف تلقى نجاد والشعب الإيراني هذه التسريبات؟

فيما ينشغل عدد من دول العالم بمحاسبة مسؤولين سياسيين ورجال أعمال وأصحاب شركات تجارية وغيرهم، اثر فضيحة تورطهم بعمليات غسيل أموال وتهرب ضريبي، وفق ما سربته “وثائق بنما“، لجأ مسؤولون في النظام الإيراني، بعدما كشفت الوثائق المذكورة تورط رئيس الجمهورية السابق محمود أحمدي نجاد بهذا النوع من العمليات، إلى إحياء مصطلح “المؤامرة الغربية” على الجمهورية الإسلامية من جديد، بدلا من محاكمة المتورطين أو حتى استجوابهم.

فهناك جهات في الحرس الثوري مازالت تدين بالولاء للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، رأت أن اتهام نجاد بهذا النوع من القضايا هو محض افتراء ولا قيمة له، ويهدف إلى النيل معنويا من سمعة الجمهورية الإسلامية ومن شخص رئيسها “الزاهد”، الذي خرج من القصر الجمهوري بسيارة متواضعة من صنع إيراني ولا يملك حسابا شخصيا في أي مصرف.

اقرأ أيضاً: وثائق بنما: مافيا المال والمخدرات وحزب الله

في المقلب المناوىء لنجاد، نقلت وكالة “إيسنا” عن الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية الإسلامية محمد باقر نوبخت أن “الجمهورية الحالية لا يعنيها تورط نجاد في هذا الملف، ولا قيمة له عندها”، مؤكدا أن “رئيس الجمهورية الحالي الشيخ حسن روحاني، لا يملك ردا على هذه الاتهامات، رغم موقعه الرسمي”، في إشارة إلى أن الرد يجب أن يكون من رجال العهد السابق أي من قبل حكومة نجاد.

ويظهر الملف الذي سربته “وثائق بنما”، والذي ورد فيه اسم الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، كواحد من المتورطين بغسيل الأموال والمتهمين بالتهرب الضريبي، أن هناك عددا كبيرا من شركات النفط الإيرانية التي يديرها تنظيم الحرس الثوري الإيراني، تحت نظر مرشد الجمهورية السيد علي خامنئي، وحاصلة على إذن تجاري ببيع النفط باسم محمود أحمدي نجاد، كان هدفها من هذا العمل، الالتفاف على الحظر العالمي على النفط الإيراني، وتأمين أثمان مضاعفه لعمليات بيعه، بغية صرفها على مشاريع سياسية وعسكرية في منطقة الشرق الأوسط، من دون أن يتأثر الاقتصاد الوطني بشكل كبير، مما يعني أن إيران تقوم بتمويل مشاريعها التوسعية من الأموال المغسولة وليس “النظيفة” كما هو معروف.

يقول أحد العاملين في مكتب شركة “موساك فونسيكا” إنه في أثناء تحرياته عن شركات النفط في الشرق الأوسط، التي تلجأ إلى حيلة التهرب الضريبي لزيادة مداخليها، وجد أن هذه الشركات تجني مبالغ فوق الخيال جراء عمليات التهريب والتهرب. وفي أحد المراسلات التي وصلته من الداخل الإيراني اكتشف أن أكبر هذه الشركات وأكثرها عددا وجنيا للأموال هي شركات نفطية خاصة لصاحبها محمود أحمدي نجاد، رئيس الجمهورية الإيرانية!

ردة فعل الرئيس الإيراني السابق المتهم في “فضائح بنما” كما يقول الإعلام المحلي المعادي له، على هذه التسريبات، كانت أقل من عادية، إذ لم نقل أنها عبرت كغيمة صيف، فلم يكلف الرئيس العتيد نفسه عناء نفيها أو حتى الرد عليها، كذلك لم يجد نفسه مضطرا لشرح الأمر لجمهوره الذي سبق أن اشترى أصواته مرتين، إضافة إلى أن الخبر مرّ مرور الكرام في دوائر الحكم الحالي في الجمهورية الإسلامية، حيث لم يتعاط معه أي من المسؤولين باعتباره فضيحة أخلاقية، فالمسؤولون الجدد غالبا ما يرددون “ما لنا لنا وما لنجاد لنجاد”.

بنما

الرد الوحيد شبه الرسمي، الذي بدر من الجانب الإيراني، كان من قبل عبد الرضا داوري، احد المقربين من الرئيس السابق، الذي وصف الاتهامات بأنها “كاذبة مضحكة في الوقت نفسه”، معتبرا أنها “من ضمن الحملة التي تشن ضد شخص الرئيس السابق لإيران، سواء في الخارج أم في الداخل، بسبب صلابته السياسية المشرفة”.

رغم أن الرئيس الإيراني السابق اختتم دورتين رئاسيتين بفضائح مالية مدوية وفساد متعمد انتهجه آخر جمهوريته الثانية لتدمير مؤسسات الدولة، ناهبا من خزينة الدولة وأموالها لحسابه الخاص وللصرف على مشاريعه السياسية وتلميع صورته أمام مناصريه، مخلفا تركة “سرقة ونهب” ثقيلة تتسبب حتى الآن في تعثر اقتصاد البلاد، في وقت كان فيه الشعب الإيراني يعاني شتى العذابات نتيجة تدني قدرته الشرائية وعدم توفر سلع الحياة الأساسية في السوق، بسبب العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على بلاده، فقد خرج من الرئاسة محميّا من رموز مؤثرة جدا في المؤسسة الدينية وفي الحرس الثوري منعت حتى الآن مساءلته، وستمنع بالطبع التداول في هذه الفضيحة الجديدة.

اقرأ أيضاً: في 500 كلمة: أهم ما يجب أن تعرفونه عن وثائق «باناما»

ومن المآثر التي تسجل لحماية الرئيس السابق، إخفاء ملفات متعلقة ببيع النفط الإيراني زمن العقوبات، منها على سبيل المثال: إخفاء ملف صادرات نفطية بقيمة 87 مليون دولار من واحد من الآبار المنتشرة في البلاد، كذلك ملف اتهام معاونه حميد بقايي بتهريب أموال إلى الخارج بحجة الاستثمار في بلاد أجنبية، لصالح الحكومة، ولعلّ أشهرها اختفاء 22 مليار دولار ما بين دبي واستنبول بحجة شراء العملات الأجنبية.

 

السابق
لمسات إبداعية تشكيليّة تحول الأماكن المهمّشة إلى لوحات رائعة
التالي
لم تنته الحرب الأهلية…