الخوف الشيعي من السلاح

هاني فحص

هناك كثير من الشيعة الكرام يخافون من السلاح. بل هناك أكثرية شيعيّة تخاف من هذا السلاح، وتعبّر عن خوفها عبر حيرتها الدائمة بين التحرير العظيم والمقاومة الجميلة، واحتمالات الانخراط في حروب وفتن، تتنافى مع أبسط القيم التي تحكم تاريخ المقاومة ضد الاحتلال والعدوان.

اقرأ أيضاً: العروبة

هذه الأكثرية الصامتة أو الصابرة، هي الفئة غير الحزبية التي أحبّت المقاومة، وبعضها ما زال يحبّها. وبعضها الآخر، جاهز لأن يعود إلى حبّها في لحظة الكفّ عن استغلالها في غير سياقها أو ضدّ أهدافها. أي عندما تنحاز هذه المقاومة إلى الشعوب لا الأنظمة. ولكن هذه الأكثرية، كعباد الله في كل مكان أو زمان، لا تستطيع أن تتحمّل في غضون سنوات معدودة مواسم تدمير شامل غير محدودة. وأن تكون جاهزة لشكر هذا الأمير وذاك السيد أو الشيخ على مساعدتها في إعادة بناء بيوتها للمرة الرابعة أو الخامسة. فهي ملّت أو قد تملّ قطعاً من رهنها لهذه الدولة مرّة، وتلك الدولة مرّة ثانية أو لدولة بعينها ودائماً.
ترتفع معنويات الجمهور الشيعيّ، كما اللبناني وأي جمهور عربيّ، إلى السماء، عندما يسمع خطاباً يعده بأن فلسطين سوف تتحرّر على يديه في لحظة. ويتحمّس لهذا التحرير الآن وليس غداً، ويرقص على إيقاع السنطور الإيراني. ولكن هذا الجمهور يسأل عن تعقيدات التحرير وعن شركائه فيه.

السلاح
أي الذين يأخذون منه أجرتهم على التحرير من دون شراكة في فعل التحرير! ويسأل عن الأولويات الاجتماعيّة والسياسيّة والتنموية، وينتبه إلى مؤشّرات على مغامرة أو مخاطرة او مقامرة.
ولكن أكثر الشيعة في لبنان من الموصولين أو المتّصلين بـ”حزب الله”، يخشون التعبير عن رأيهم، لأنهم يخشون النبذ وأكثر من ذلك. وقد أدّى الأسلوب الريعيّ أو الزبائني السياسي المتفشّي في الجنوب والضاحية كلياً وفي البقاع جزئياً، إلى تعطيل دورة الإنتاج الاقتصاديّ والتربويّ والأدبيّ.
ويصعب فصل حالة الشيعة في لبنان عن إيران، أو عن مخرجات السلطة الإيرانية، التي قسّمت الشعب الإيراني إلى إصلاحيّ ومحافظ، من دون ترتيب النتائج الطبيعية على الفارق العدديّ بينهما. بل عمد النظام المحافظ من أجل الحفاظ على سلطته، إلى القمع والمنع والتدخل في الانتخابات.
وكانت ذريعته دينيّة أو مذهبية لتغطية أزمته الحقيقية في منع الحرية، أو لتغطية التردّي الاقتصادي والمعيشيّ، جرّاء مغامراته خارج الحدود مساندته بسخاء، أنظمة استبدادية فاسدة على حساب الشعب الإيراني.

(من كتاب على مسؤوليتي – منشورات صوت لبنان)

السابق
توقيف سوريين في النبطية لتواصلهما مع جماعات مسلحة في سوريا
التالي
هل سيعقب نجاح السعوديات في الانتخابات.. نجاحات أخرى؟‏